بحسّهِ الموسيقيّ العالي، وموهبته الفنية التي تعززت بالدراسة الأكاديمية، استطاع الموسيقي الدكتور "وسيم قطب" أن يجمعَ بين المجالين الطبي والموسيقي معاً، من خلال إدخال اختصاص العلاج بالموسيقا للمرة الأولى في الشرق الأوسط، والمشاركة بالعزف على آلة البيانو مع أشهر الفرق العالمية، ليكون واحداً من أشهر الموسيقيين محلياً، وعالمياً.

مدونةُ وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 12 تموز 2019 مع الدكتور "وسيم قطب" ليتحدث عن موهبته ودراسته الموسيقية، فقال: «أنتمي لعائلة تحبّ الموسيقا، حيث بدأت موهبتي في السادسة من العمر بتشجيع من والدي اللذين شجعاني لدخول هذا المجال، تعلمت العزف على آلة البيانو في معهد "صلحي الوادي" الذي كان يسمى "المعهد العربي" آنذاك، وبعد دراستي في المرحلة الثانوية، اخترت دراسة الطب البشري، وحاولت أن أحافظ على المجالين معاً، فدرست في "المعهد العالي للموسيقا"، وتخرجت منه عام 2002، كما عملت رئيساً لقسم البيانو عدّة سنوات فيه، وبعد تخرجي -كطبيبٍ- سافرت إلى "بريطانيا" لأكمل دراستي في "الأكاديمية الملكية البريطانية" للموسيقا في "لندن"، ودرست اختصاص (العلاج بالموسيقا)، وتخرجت عام 2007، وأسست أول عيادة للعلاج بالموسيقا في الشرق الأوسط عام 2008، وعملت في منظمة "آمال" للمعوقين، واستخدمت العلاج بالموسيقا لتحسين مهاراتهم الحياتية، مثل علاج النطق، وغيرها من العلاجات، وعملت كطبيب في مشفى ومركز طبي بـ"دمشق" لفترة طويلة».

العلاج بالموسيقا يلعب دوراً كبيراً في مجال إعادة تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة؛ كالمصابين بالتوحد، ومتلازمة داون، وتلعب الموسيقا دوراً في زيادة التواصل البصري، وفي تطوير مهاراتهم، وتمييز الألوان، حيث أقوم بربطها بموسيقا معينة تحفّز ذاكرة الطفل، وتساعده على التذكر، وربط اللون بالصوت، وعملية معرفة الاتجاهات الأربعة هي واحدة من أهم المهارات التي يمكن تعليمها باستخدام الموسيقا، وغيرها

وعن نشاطاته الموسيقية يتابع قائلاً: «تتلمذت على يد عدة خبراء، منهم الروسي "فلاديمير زاريتسكي"، و"ديانا كتلر" من "لتوانيا"، و"كريس التون" من "بريطانيا"، وقمت بالعديد من الحفلات حول العالم في "اليابان"، "ألمانيا"، "بريطانيا"، وشاركت في مهرجانات عدة منها مهرجان "بارتوك" في "هنغاريا"، وعزفت مع عدة فرق أوركسترا عديدة منها الأوركسترا السورية بقيادة المايسترو "ميساك باغبودريان"، والألمانية "براندنبورغ" بقيادة "سيباستيان فايغلي"، والمصرية بقيادة المايسترو "أحمد الصعيدي"، وحصلت على جائزة خاصة في مسابقة "إيبلا" في "إيطاليا"، والجائزة الأولى في مجال الإنجاز من مؤسسة "سعيد" الخيرية للإنجاز».

مع المشترك "أحمد عوض"

وفيما يتعلق بدوره في مسابقة "صلحي الوادي" الخامسة يقول: «أدير المسابقة منذ عام 2009، وأشغل منصب رئيس لجنة التحكيم فيها، حيث عملت دوماً على ربطها بمسابقات دولية أخرى؛ مثل مسابقة "أوساكا" في "اليابان"، والتي أشغل عضو لجنة تحكيم فيها أيضاً، ومسابقات عالمية كمسابقة "شوبان" التي يتم تنظيمها كل خمس سنوات في "بولونيا"، إضافة إلى معهد "برسل" للموسيقا في "بريطانيا"، وهدفي دوماً تحقيق معايير عالية فيما يتعلق بقبول طلبات المشاركين ولجنة التحكيم، حيث يتمّ اختيار عازفين مشهورين، وأفضِل اختيارهم من خارج الكادر التعليمي داخل "سورية" لتحقيق المصداقية، كي لا يكون لهم احتكاك سابق بالمشاركين، واهتم بعملية إدارة المسابقة، ومتابعة الفائزين ومسيرتهم الموسيقية فيما بعد».

وعن مؤلفاته الموسيقية يقول: «لديّ العديد من المؤلفات الموسيقية آخرها موسيقا حجرة بعنوان "حكايات سورية" تحكي عمّا حصل في الأزمة السورية، وكيف كانت "سورية" قبل الأزمة، وماذا حصل بعدها، وهي خمس حركات موسيقية، الحركة الأخيرة منها تتحدث عن الأمل، التفاؤل، وإعادة تشكيل "سورية" كما كانت سابقاً، وحملت اسم "الوردة الدمشقية" التي ترمز للتفتّح، وإعادة الخلق، وتمّ عزفها في أكثر من مهرجان؛ منها "مهرجان "أدنبرة" في "لندن"، وفي "المركز العربي البريطاني"، وفي مدينة "برايتن"، ومركز "لنكنتون" الثقافي، وهناك مقطوعة موسيقية أخرى مكتوبة للكمان والبيانو اسمها "سحر الشرق"، إضافة إلى قطع أخرى كرقصات تحاكي الدبكة السورية على آلة البيانو، والآلات الوترية».

أثناء أحد المحاضرات

وفيما يتعلق بتسخير الموسيقا للعلاج، يتابع حديثه قائلاً: «العلاج بالموسيقا يلعب دوراً كبيراً في مجال إعادة تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة؛ كالمصابين بالتوحد، ومتلازمة داون، وتلعب الموسيقا دوراً في زيادة التواصل البصري، وفي تطوير مهاراتهم، وتمييز الألوان، حيث أقوم بربطها بموسيقا معينة تحفّز ذاكرة الطفل، وتساعده على التذكر، وربط اللون بالصوت، وعملية معرفة الاتجاهات الأربعة هي واحدة من أهم المهارات التي يمكن تعليمها باستخدام الموسيقا، وغيرها».

وعن رسالته للإنسانية من خلال الموسيقا يقول: «الموسيقا كانت دوماً تحلّ محل السلاح والحرب، وكثير من الدول حول العالم أسست مهرجانات موسيقية تدعو للسلام مثل مهرجان "أدنبرة" في "بريطانيا" الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، والذي دعيت فيه جميع الفرق العسكرية الموسيقية لتعزف مع بعضها لتحقيق التبادل الثقافي بين مختلف الشعوب، حيث تلعب الموسيقا دوراً كبيراً في تعديل سلوك الأطفال، وهي مهمة جداً لمرحلة الطفولة، فإذا أردنا أن نخلقَ جيلاً واعياً بعيداً عن العنف والإرهاب، فإنّ الموسيقا والفن يلعبان دوراً مهماً في ذلك، وبالتالي بناء جيل متذوّق للموسيقا يضمن لنا الابتعاد عن السلاح، فهناك رابط بين أمان المجتمع ومحاربة التعصب بالموسيقا».

أثناء تواجده في المسابقة

بدوره الطفل "أحمد عوض" من المشاركين في مسابقة "صلحي الوادي" الدولية الخامسة للمواهب لآلة البيانو يقول: «كانت تجربة المسابقة رائعة، والدكتور "وسيم قطب" غنيٌّ عن التعريف، هو شخص رائع بمحبته لجميع المواهب، قدم النصائح لكل الأطفال الذين حالفهم الحظ وتأهلوا للمرحلة النهائية، والذين لم يحالفهم الحظ قدم لهم إرشادات كي يتحسن أداؤهم، ويشاركوا في المسابقة العام القادم، وشجّعهم للمتابعة والتدريب أكثر، كما تمّ توزيع شهادات مشاركة للأطفال الذين لم يتأهلوا، وهذا نجاح بحدّ ذاته لهم للدخول في المنافسة، والسعي لتحقيق النجاح».

من جهتها "نسرين حمدان" مديرة مديرية المعاهد الموسيقية، ومعهد "صلحي الوادي" للموسيقا تقول: «معرفتي بالموسيقي "وسيم قطب" تعود لمرحلة الطفولة، درسنا معاً في معهد "صلحي الوادي"، و"المعهد العالي للموسيقا"، كان طالباً متميزاً، وموسيقياً يبشّر بالمستقبل الذي وصل إليه حالياً، نفذنا أعمالاً موسيقية معاً، إضافةً إلى دوره في مسابقة "صلحي الوادي" كرئيس للجنة التحكيم فيها، وله دور كبير في التعاون مع الأطفال المشاركين من ناحية الاستماع لهم، وتوجيه النصائح اللازمة قبل بدء المسابقة، فيما يتعلق بالمقطوعات الموسيقية، وإعطائهم ملاحظات من ناحية طول أو قصر القطعة الموسيقية، ومناسبتها للشخصية الموسيقية العامة، هو شخص متعاون، محبٌّ للأطفال، والمسابقة هي مشروع مهم موجّه لهذه الفئة، واستطاع إدارتها خلال سنوات طويلة».

يذكر أن د. "وسيم قطب" من مواليد "بريطانيا" عام 1978، حاصل على ماجستير في الأداء على آلة البيانو، وشهادة في طرق تدريس الموسيقا، شارك في ملتقى الشباب في "الشارقة"، وكان رئيساً للوفد السوري عام 2000، كما شارك في العديد من ورشات العمل مع أشهر الموسيقيين، سجّل ألبوماً يضم أعمال المؤلف السوري "وليد حجار" تحت مسمى "آخر الأمويين" على آلة البيانو، وألبوماً آخر اسمه "ألحان الشفاء"، له العديد من المحاضرات والإشراف على أبحاث ومؤتمرات تُعنى بالعلاج بالموسيقا، حاصل على ماجستير في النظم الصحية وإدارة المستشفيات من مدرسة "ليفربول" للطبّ المداري.