تحافظُ الكاتبة "ثراء الرومي" في قصائدها وقصصها على معادلة خصبة وعالية الدلالة، وغالباً تبني نصوصها القصيرة على عنصري الدهشة والاختزال، وتغوص في مواضيع ذات حسّ وطنيّ ووجداني.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت "ثراء الرومي" بتاريخ 10 تشرين الثاني 2019 بمكان عملها في "المركز الثقافي- ضاحية الأسد" وتحدثت عن البدايات: «بدأت الكتابة منذ طفولتي المبكّرة وكانت والدتي تساندني في كل خطوة وتسعى جاهدةً للارتقاء بموهبتي ضمن السبل المتاحة بالتعاون مع أفراد أسرتي جميعاً، وسط هذا المناخ المشجع جداً تفجّرت منابع الشعر لدي إثر ابتعادي عن "دمشق" لأسكن مع أهلي في "اللاذقية"- مسقط رأسي، وللمفارقة كانت أولى قصائدي زاخرةً بعناوين الغربة "فراق الوطن، زيارة الوطن، الجرح.."، لذلك أدين بموهبتي لـ"دمشق الياسمين" في المقام الأول ولأسرتي في المقام الثاني، وقد تأثرت بالكثير من الشعراء، أسماء عديدة أختزن في ذاكرتي الكثير من رؤاها الشعرية المبدعة التي صقلت موهبتي وعمقتها».

"ثراء الرومي"، قد يتعثر من يصفها في إنصافها بالألقاب فهي الشابة والأنثى والأم والمرأة والإنسانة على حد سواء، كما أنها استطاعت خلال فترة زمنية قياسية أن تجمع بساط الأدب من أطرافه، فقد كتبت للصغار وللكبار وأبدعت في نظم الشعر الذي يفيض شجوناً، استلهمت كتاباتها من الواقع المحيط بها، أو من تجاربها الشخصية

فضلاً عن مشاركتها في العديد من الفعاليات والأمسيات الأدبية لديها إصدارات في مجال الشعر والترجمة، وهنا تقول: «أنشر شعري وقصصي في الصحف والمجلات المحلية والعربية ومؤخراً بدأت أكتب وأترجم للأطفال في مجلتي "أسامة" و"شامة"، طبعت كتاباً رثائياً ذا طابع خاص جداً بعنوان "بسيم في كلمات- رثائيات في رؤى شاعرة" ولدي أكثر من مجموعة شعرية لم أختر لها العنواين بعد، كما صدر لي عن دار "ممدوح عدوان" كتاب مترجم عن اللغة الإنكليزية بعنوان "الحقيقة دائماً تسود" للكاتب "صدر الدين هشواني" وهو حكاية نجاح منقطع النظير تتحول عبرها المحن إلى منح من خلال ما يسرده رجل الأعمال الباكستاني المقيم في "الإمارات" بأسلوب السيرة الذاتية، ولدي مجموعة قصصية قيد الطبع بعنوان: "ثاني أوكسيد العشق"».

الرومي بإحدى أمسياتها

شاركت "الرومي" من فترة وجيزة بفعالية للأطفال وعنها تقول: «هذه الفعالية جزء من عملي كرئيسة لقسم الأنشطة في "المركز الثقافي - ضاحية الأسد" وهي ورشة قراءة أطلقتها وزارة الثقافة مشكورة تحت مسمى "نقرأ، نفكر، نتحاور"، ونسعى من خلالها إلى تعزيز حبّ المطالعة وإعادة الألق للكتاب الورقي في ظل المنافسة الإلكترونية التي تنأى بهذا الجيل عن القراءة. حيث نختار للأطفال في الروضات وللتلاميذ وطلبة المدارس ما فيه المتعة والفائدة من قصة وشعر من إصدارات وزارة الثقافة ونتحاور معهم في فحوى ما نقرأه لهم لتنتهي الورشة عادة بنشاطات تفاعلية للأطفال تدخل البهجة والفرح إلى قلوبهم، هي رسالة إنسانية نسعى لتأديتها بكل أمانة وصدق عسانا نوفق في مساعينا».

تكتب أشكالاً مختلفة من الشعر والقصة، وتعتمد فيها على الصور واللغة، وهنا تقول: «شعرياً أكتب منه العمودي وشعر التفعيلة وحتى الشعر المحكي، وأسعى دائماً لنسج كلماتي من صور بلاغية يجود علي بها الخيالُ والقريحة الشعرية بما يحترم ذائقة القارئ والمتذوّق لشعري، أما في ميدان القصة فأنا أكتب القصة القصيرة التقليدية، كما أكتب قصة الومضة التي تعتمد التكثيف وعنصر المباغتة، ربما تكون قصيدة النثر متحررةً من كل القيود وقابلة للترجمة بمصداقية كبيرة كما ذكرت بشأن "الهايكو" ولكنني أميل إلى شعر التفعيلة لأنّه ورغم تحرره من بعض القيود فهو يحافظ على الإيقاع الشعري، فجمالية الشعر الأكثر تميّزاً تكمن في موسيقاه العذبة».

آلاء أبو زرار

وعن نمط "الهايكو" تحدثنا: «هو نمط من الشعر الياباني الوافد إلى الثقافة العربية والمنتشر بغزارة في الآونة الأخيرة وهو بنظري السهل الممتنع، بالتأكيد كأيّ تجربة شعرية جديدة قد لا يستحسنه الكثيرون وربما يطول الوقت ليعترفوا به ولكن هذا لا ينفي أهميته حداثوياً إن صح التعبير، أنا شخصياً أجده نافذة إلى العالمية كونه يتيح الأمانة في الترجمة بعيداً عن القوالب الشعرية التي تؤطر الأنماط الأخرى، مع الأخذ بالحسبان أنّه يحتاج ثقافة عالية وعمقاً في التفكير لاختزال الفكرة تماماً كما في قصة الومضة، وينبغي عدم الوقوع في فخ الاستسهال لأنّ فيه قيمةً إبداعيةً عاليةً وأعتقد أنّ مساحته في اتساع في ظلّ ثقافة الجيل الجديد الذي يميل نحو كل ما هو مختلف ومختزل مع تأكيدي على أولوية موروثنا الشعري الأساس من موزون ومقفى».

وأخيراً تقول "ثراء الرومي" عن المشهد الشعري السوري بشكل عام: «القصيدة السورية ككل الأنماط الأدبية تعيش هذا الصراع بين ما هو قديم ويشكل حجر أساس بنائها وما يستجد من رياح المتغيرات التي يجب تلقيها بحذر والانفتاح عليها بحكمة، حقيقةً هناك أسماء يشار لها بالبنان ولم تأخذ حقها الوافي إعلامياً، وسأكتفي بذكر تجربة وطنية رائدة تختزل الأوديسة السورية في ظل الحرب وتوثق عبر الأدب ما لن يكون التاريخ أميناً على توثيقه كما فعلت أقلام الأدباء، هذه التجربة عنوانها الديوان السوري المفتوح وهو كتاب كان لي شرف المشاركة فيه بجزئه الأول وضم كوكبة من الشعراء والقاصين المبدعين وعلى رأسهم عراب الديوان ومؤسسه الشاعر الكبير "حسن ابراهيم سمعون" الذي تطوّع وبذل مجهوداً استثنائياً ومنقطع النظير مع عدد من الأدباء الكبار ليبصر الديوان النور».

غلاف الكتاب الأخير لثراء الرومي

"آلاء أبو زرار" الكاتبة والمترجمة، قالت: «"ثراء الرومي"، قد يتعثر من يصفها في إنصافها بالألقاب فهي الشابة والأنثى والأم والمرأة والإنسانة على حد سواء، كما أنها استطاعت خلال فترة زمنية قياسية أن تجمع بساط الأدب من أطرافه، فقد كتبت للصغار وللكبار وأبدعت في نظم الشعر الذي يفيض شجوناً، استلهمت كتاباتها من الواقع المحيط بها، أو من تجاربها الشخصية».

أضافت: «هي الصديقة المرحة دائمة الابتسامة، المتواضعة والصدوقة التي تأخذ بيد من حولها نحو طريق العمل والنجاح بكل محبة، وهذا دليل على ثقتها بنفسها ككاتبة وشاعرة متمكنة من لغتها الأم ومن اللغة الإنكليزية، كما أنّ أشعارها متنوّعة المواضيع تأخذ القارئ إلى بحر من الجمال والرقة، تشكّل بأعمالها في الأدب والترجمة إضافة غنية وحية في عالم الثقافة والأدب».

"زهير هدلة"، المربي والشاعر قال: «عندما تقرأ للكاتبة "ثراء الرومي" تنقلك كلماتها إلى دروب ضيعتها فيسّاقط على أكتافك نوار الليمون والبرتقال، ويباغتك الزيتون، قبل أن يسرقك هزار بتغريد شجي آت من بعيد، ابنة الأرض الطيبة الندية تغني الجمال بأي صورة تتبدى "الأم، الضياء، الشهيد.." وتطرب لهذا الجمال، وعندما تسمعها في أمسية ما، تدرك كم هي واثقة من نفسها وتشق طريق الإبداع بإرادة وإصرار، وفي النهاية ستقف أمام إنسانة مهذبة لطيفة لا تجد هوةً بين شعرها وروحها».

يذكر أن "ثراء الرومي" تنتمي إلى عائلة من الساحل السوري "اللاذقية" من مواليد "دمشق" عام 1977.