كثيرةٌ هي الأشجار التي تمتلك أشكالاً غريبة ومميزات نادرة تتفرد بها وحدها، ومنها "اللزاب" التي يحتضن وادي "الرسائل" في جبال "القلمون" أكبر أحراشها، ويصل عمر بعضها فيه لأكثر من ألف عام.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 نيسان 2020 المهندسة الزراعية "ليلى حيدر" التي حدثتنا عن "اللزاب" قائلة: «تشكل منطقة "القلمون" بطبيعتها الصخرية المرتفعة وبرودتها القاسية بيئة مناسبة لانتشار شجرة "اللزاب" واسمها العلمي "Juniperus excels"، حيث تمتد جذورها إلى أعماق كبيرة جداً لتتمكن من اختراق الشقوق الصخرية وصولاً إلى التربة، وتتحمل درجات الحرارة المنخفضة والمرتفعة وهو ما لا تستطيعه شجرة أخرى، عدا عن أنها أطول عمراً من بقية أقرانها من الأشجار الحراجية بما فيها الأرز».

"اللزاب" أو "العرعر" من أهم الأشجار الموجودة في "المعرة" والمناطق المجاورة، و"العرعر" من فصيلة الصنوبريات ثمارها يتراوح حجمها بين نصف السنتيمتر والسنتيمتر والنصف، ذات لون أسود بحجم حبة العنب، يستفيد منها الأهالي في تحضير العصائر، كما أنها تؤمن لنا الظل والهواء النقي أثناء عملنا في الزراعة

وأضافت "حيدر": «يجهل غالبية الناس الأهمية البيئية لهذه الشجرة المعمرة التي تفرز كميات كبيرة من الأوكسجين والأوزون تصل إلى حوالي 50 طناً سنوياً للشجرة الواحدة، وتمتص في المقابل كميات كبيرة من الغازات الأخرى الضارة مثل ثاني أوكسيد الكربون، إضافة إلى تسهيلها لتغذية باطن الأرض بالمياه، كما يمكن الاستفادة طبياً من الصمغ الذي يظهر على جذوعها وأغصانها، حيث يستخدم في عمليات توسيع الشرايين القلبية ويعتبر غداء أساسياً للنحل، وعسله من أفضل أنواع العسل في العالم.

المهندسة ليلى حيدر

وشجر "اللزاب" المنتشر في "سورية" دائم الخضرة وافر الظل نتيجة كثرة فروعه وأغصانه وامتدادها، الأمر الذي يساعد في تكوين "التوربت" التي تساعد على تحسين خواص التربة الفيزيائية، كما يمكن استخدامها في الزينة، وقد استخدمت قديماً في صناعة السفن لمتانة خشبها».

وعن الإجراءات الحكومية لحماية وإكثار إنبات "اللزاب" قالت المهندسة "حيدر": «تعمل مديرية الزراعة في "ريف دمشق" جاهدة في إنتاج غراس "اللزاب" في مشتل "ميسلون" ليتم نقلها وزراعتها في جبال "القلمون" بسبب ملاءمتها لحاجة الشجرة إلى برودة شديدة ورطوبة وأمطار تتجاوز 350 مم سنوياً، وأقامت محافظة "ريف دمشق" محمية ينتشر فيها نحو 12 ألف شجرة على مساحة تصل إلى 514 هكتاراً بالقرب من منطقة "قارة".

شجرة لزاب

تكاثر "اللزاب" صعب ونموه بطيء، حيث تصل مدة إنباته إلى حوالي سنتين، تبدأ بجمع البذار بين شهري آب وتشرين الثاني، وانتقاء الثمار الجيدة وتجفيفها، ثم وخلال 10 – 20 يوماً تستخرج البذور وتحفظ في درجة حرارة صفر مئوية لمدة 3 أشهر».

وعن انتشار هذا النوع من الأشجار قالت "حيدر": «يوجد "اللزاب" على ارتفاعات عالية بين 2000 – 2600 متر عن سطح البحر، وبحسب المراجع فإن غابات كثيفة وبخاصة من شجر "اللزاب" غطت جبال "القلمون" في الماضي، أما حالياً فتوجد في حيز في منطقة "القبو" في "قارة" و"رأس المعرة" و"يبرود"، وأصبحت الآن من الأشجار النادرة والمهددة بالانقراض.

أما انتشارها في "سورية"، فقد قُدرت مساحة تجمعات "اللزاب" بحوالي ثمانين ألف هكتار بدءاً من سهول "حمص" شمالاً إلى قمة "جبل الشيخ" جنوباً، وعلى طول جبال "لبنان" الشرقية، والدراسات الأخيرة تشير إلى أن مساحة انتشاره في محافظة "ريف دمشق" تقدر بحوالي عشرة آلاف هكتار، ويتكون من تجمعات شجرية تمتد من جبل "حليمة" في منطقة "قارة" التي ترتفع نحو 2465 متراً عن سطح البحر شمالاً إلى "جيرود" ورأس المعرة "وعسال الورد" جنوباً».

وختمت "حيدر" بأن هذه الشجرة لم تلق الاهتمام المناسب حتى تاريخه، فالزيت المستخرج منها كان عنصراً مهماً في عملية التحنيط التي كان يقوم بها الفراعنة، وهناك مراجع تؤكد أن أوراق "اللزاب" لها استخدام طبي لأمراض عجز الطب عن معالجتها وخاصة الأورام السرطانية.

"حسين كنعان" أحد السكان والمزارعين في قرية "المعرة" قال عنها: «"اللزاب" أو "العرعر" من أهم الأشجار الموجودة في "المعرة" والمناطق المجاورة، و"العرعر" من فصيلة الصنوبريات ثمارها يتراوح حجمها بين نصف السنتيمتر والسنتيمتر والنصف، ذات لون أسود بحجم حبة العنب، يستفيد منها الأهالي في تحضير العصائر، كما أنها تؤمن لنا الظل والهواء النقي أثناء عملنا في الزراعة».