اعتاد الحرفي "محمد أنس غنام" تلبية طلبات زبائنه ورغباتهم بقطع جميلة يستحضرون فيها تراثنا الأجمل في المناسبات والاحتفالات، وسؤالهم عن "الآغباني" لديه، ففتح في ورشته خطّ عمل جديداً لإنتاج "الآغباني" كون فكرة استقدامه من السوق لم ترق له.

في "الحريقة"، وبعد زقاق المحكمة، زارت مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 30 أيلول 2020 "محمد أنس غنام" في ورشته لتستذكر معه دخوله أروقة إنتاج "الآغباني"، وتلحظ مساعيه في لملمة خيوط العمل بهذه الحرفة وإعادة تثبيت خطى إنتاجها، حيث قال: «تعددت روايات أصل تسمية "الآغباني"، منها ما ينسب إلى عائلة قديمة لقبها "آغباني" ابتكرت هذا النوع من النّسيج المزخرف، وأخرى تنسب الاسم إلى عائلتي "الآغا"، و"الباني" مبتكري هذه الحرفة، وتعدُّ نساء "سورية" أنجح من عمل بتطريز "الآغباني"، وهو القائم على تطريز الخيط الحريري رسومات زخرفية نباتية وحيوانية وهندسية بإبرة خشنة (المسلة) وباليد، واستبدلت فيما بعد بماكينات آلية صغيرة تُحيك رسومات أطقم القماش القطني المتعددة المساحات، فمنها مقصوص بمقاس متر ونصف المتر عرضاً ثابتاً، للأطوال المتر ونصف المتر، والمترين ونصف المتر، وثلاثة أمتار، وثلاثة أمتار ونصف المتر، تطرزها فتيات "دوما" وسيداتها، إما على شكل (طلس) حيث تُعبأ قطعة القماش كاملة دون فراغات، أو زخرفة على محيطها يطبعها العامل المختص بقوالب كان لها حرفيون لتصنيعها، وقد اختلفت مادتها مع الزمن فقد كانت حجرية وبعدها نحاسية والآن القوالب خشبيّة متعددة الرسوم والمسميات منها (سقف القاعة)، و(الحجب)، و(الضامة)، و(السلطعان)، حيث يغمسها في وعاء يحتوي ماء وحبراً للطباعة (نيلة)، ويلامسها بقطعة قماش من الشاش تسحب فقط الحبر وتحتفظ به وتثبت حدود الرّسمة المراد طبعتها وتطريزها، فتُجهز بذلك للطرازات، مع خيطان الحرير، ويمكن أن يدخل بطقم "الآغباني" المطرّز خيط القصب الفضي والذهبي، وبعد الانتهاء من التّطريز يذهب الطقم إلى مرحلة التّنظيف والكي حتى تزول آثار الطباعة من الحبر، والتي بها كان الرسم، ومن ثم التطريز، ليكون الطقم قد أصبح جاهزاً للاستخدام».

تعلمت منذ طفولتي تطريز "الآغباني" كما كل البنات عندنا في "دوما" من أمي وجدتي وعماتي، فـ "الآغباني" حاضر بيننا من زمان جدة جدتي، وقد أصبح من تراث منطقتنا وأهم ما يميزها، وبات جهاز أي عروس من فتياتنا لا يخلو من ماكينة تطريزه، وقد اجتهدنا في متابعة رسالة جداتنا فأتقنا هذه الحرفة وحافظنا عليها بالاستمرار في العمل بها، وبتعليمها لبناتنا وفتياتنا من هذا الجيل لما في ذلك من ضرورة للإبقاء عليها ومشاركتهن لنا في الحفاظ عليها كتراث ثمين، جميل، أنيق

ويتابع: «عملت في تطريز "الآغباني" تحديداً حرفيات من "دوما" في منازلهن، وكان نشاطي بهذه الحرفة من لحظة الخوض بها يتأطر في تأمين القماش المطبوع بالرسمات والزخرفات القديمة والمستجدة، و(كونات) الحرير بألوان مختلفة، وكان لي أن عملت بتطوير قالب "البقلاوة"، وهو الآن بين يدي العاملات للتجريب، والشيء المميز هنا أن النساء فقط يعملن في تطريز "الآغباني"، و80% من مراحل تصنيع "الآغباني" تتم بشكل يدوي، فالقماش يأتينا جاهزاً، أما رسم وطباعة القماش فهي عملية يدوية بحتة، وعملية التطريز نصف يدوية حيث الآلة كهربائية في حين أنّ العمل بالإبرة يدويٌ بالكامل».

مفرش مطرز بتطريزة البقلاوة المعدلة

"فهدة شنوفة" من مدينة "دوما" ذات الواحد والخمسين عاماً تحدثنا عن شراكتها والعمل بـ "الآغباني"، وتقول: «تعلمت منذ طفولتي تطريز "الآغباني" كما كل البنات عندنا في "دوما" من أمي وجدتي وعماتي، فـ "الآغباني" حاضر بيننا من زمان جدة جدتي، وقد أصبح من تراث منطقتنا وأهم ما يميزها، وبات جهاز أي عروس من فتياتنا لا يخلو من ماكينة تطريزه، وقد اجتهدنا في متابعة رسالة جداتنا فأتقنا هذه الحرفة وحافظنا عليها بالاستمرار في العمل بها، وبتعليمها لبناتنا وفتياتنا من هذا الجيل لما في ذلك من ضرورة للإبقاء عليها ومشاركتهن لنا في الحفاظ عليها كتراث ثمين، جميل، أنيق».

الحرفي "محمد أنس غنام" المولود في "الميدان" عام 1977 يعمل الآن كما بعض الحرفين على إنتاج "الآغباني" ليعيدوا له بالمرتبة الأولى ألق الوجود كسابق عهده في السوق الداخلية، الأسواق الخارجية العربية والأجنبيّة.

فهدة شنوفة محترفة تطريز الآغباني
ماكينة تطريز الآغباني