في كتابه أضواء على "القرن الحادي والعشرين" يدخل الباحث والمفكر "أحمد حسن الفقرة" في سجال مع الكاتب الأمريكي "بول كينيدي" الذي يرى من خلال مؤلفه "الإعداد للقرن الحادي والعشرين" أن الفقر والحروب والتلوث البيئي تعود في أسبابها للانفجار السكاني، الأمر الذي رفضه الكاتب "أحمد حسن الفقرة" الذي يفند من خلال أضوائه على هذا القرن هذه الآراء، ويضع الرأسمالية في دائرة النور مبيناً أدوارها في معاناة البشر من خلال سعيها المحموم للربح وجشعها في تكديس الأموال، موقع eDaraa زار الكاتب "أحمد حسن الفقرة" فكان اللقاء التالي:

  • الفقر والحروب والتلوث البيئي مصائب ردها "كيندي" إلى الانفجار السكاني، فما الحقيقة التي تختبئ وراء مثل هذا الرأي؟
  • يقول "انجلز" إننا بدمنا ولحمنا ننتسب إلى الطبيعة والإنسان في علاقة جدلية معها، فالنظام الرأسمالي في استغلاله الإنسان هو نظام غير إنساني، ولذلك لم يتوقف عن الإساءة للطبيعة من اجل زيادة نهبه وأرباحه، والرأسمالية في ذلك لا تنهب حصص الأجيال الحالية فقط وإنما حصص الأجيال القادمة أيضا، فاستعمال المخصبات واستعمال المياه الجوفية بشراهة من اجل زيادة النهب هو عمل يسيء إلى الطبيعة ويهدد سلامتها كما أنه يشير إلى الحالة السيئة من التلوث البيئي. أشار "كينيدي" إلى حدوث السخام الأسود في سماء لندن في القرن التاسع عشر هذا السخام الذي يضر الإنسان والطبيعة هو نتيجة تكثيف استعمال الفحم في الصناعات الرأسمالية، وفي إحدى المدن أخبرت امرأة الصحفيين أن صنبور الماء يسيل منه الماء العكر مع الديدان، في إشارة إلى أن الماء استعمل لأغراض تحقيق الثروة دون السؤال عن صحة البشر

    ** «في الحقيقة إن "كيندي" هو حلقة من سلسلة مفكرين مشوا على نهج "مالتوس"، صاحب نظرية أن السكان يزدادون وفق سلسلة هندسية بينما الموارد الطبيعية تزداد وفق سلسلة عددية، هؤلاء المفكرون يحاولون أن يبرئوا أو يعتموا على توحش الرأسمالية ضد البشرية من خلال طرح مسألة الانفجار السكاني.

    الباحث والمؤلف أحمد حسن الفقرة

    مثلاً يقول "كينيدي" أن الكثافة السكانية في "غزة" هي سبب الصراع مع إسرائيل، هذا يعني أن احتلال الأرض ليس سبباً للصراع، كما أن إسرائيل لم توجد كقاعدة استعمارية لاستغلال ثروات المنطقة، و"كينيدي" في كتابه يتناقض مع نفسه عندما يتحدث عن الوضع الصحي في أميركا ويقول بأن 38% من السكان غير مؤمنين صحياً، ويتحدث عن المدارس الخربة وعن عدم الاعتناء بالمجتمع الأميركي، هذا الشيء يحدث في أغنى بلد في العالم والقليل بعدد سكانه، في مقابل الصورة التي يرسمها لأميركا يرسم صورة للاتحاد السوفييتي فيشير إلى أحدث نظام تعليمي في العالم وإلى تخريج نسبة عالية من المهندسين والأطباء والتقنيين، ويبرز الكثير من الجوانب الايجابية في هذا الاتحاد، وطبعاً دون أن يرجع ذلك إلى الاشتراكية، كما أنه لا يرجع مساوئ أميركا إلى النظام الرأسمالي المتوحش، وتجاهل ذلك جاء قصداً للتعتيم على النظام الاجتماعي الذي يفرز الحروب والموت والفقر».

  • ترى أن القرن الحادي والعشرين هو مسرح للصراع الطبقي، فما حقيقة هذا الصراع؟
  • يطالع أحد مؤلفاته

    ** «بعد تدمير الاتحاد السوفييتي خيل للبعض أن الصراع الطبقي ليس حقيقة وأن الاشتراكية خيال، غير أن التطور اللاحق كشف الغطاء على أن اللعب في الملعب الطبقي ما يزال مستمراً وهو في تصاعد، فالمظاهرات الصاخبة ضد العولمة والمراكز الرأسمالية هي أكبر دليل على استمرارية الصراع الطبقي، وما حدث في "سياتل" في الدولة الرأسمالية الكبرى، كان أكبر دليل على الصراع الطبقي، حتى إن الصحف الأمريكية خرجت بعناوين كبيرة تقول: هل أصبحت أميركا شيوعية؟ وما يحدث اليوم من هجوم رأسمالي على البشر من أفغانستان إلى العراق حتى السودان هو أكبر دليل على أن أميركا نظمت كل قوى الثورة المضادة لتدمير الاتحاد السوفييتي، وذلك من أجل سطوها الذي تقوم به الآن على هذا الكوكب.

    هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الأزمة الرأسمالية التي يعيشها النظام الرأسمالي اليوم دليل على قرب نهاية هذا النظام، ومن ينظر حوله إلى كل ما يجري من سطو امبريالي ونهب، ومليارات الفقراء إلى جانب قلة قليلة ممن يملكون ثروة العالم، هذه التناقضات تدل على صحة الماركسية وأن القرن الحادي والعشرين سيشهد دون شك انهيار الرأسمالية وقيام الاشتراكية من جديد»

    أثناء الكتابة

  • هل يمكن أن تكون الرأسمالية كما يرى ويردد مفكروها هي نهاية التاريخ؟
  • ** «بعد تدمير الاتحاد السوفييتي توصل مفكرو الرأسمالية إلى أن رأسماليتهم أصبحت نهاية التاريخ، علماً أن التاريخ لن يراوح في مرحلة معينة وإنما هو متغير ومتطور دوماً نحو الأفضل، فلم يقف التاريخ عند الإقطاع أو عند العبودية وإنما تطور من العبودية إلى الإقطاع إلى البرجوازية في إطار الانتقال من تشكيلة اجتماعية إلى أخرى، وعلى هذه القاعدة فإن الرأسمالية لن تكون نهاية التاريخ وإنما بالضرورة ستنتقل البشرية إلى مرحلة جديدة تفرضها وسائل الإنتاج الحديثة التي تعطي إنتاجاً مشتركاً سيخلق مع الزمن المجتمع الاشتراكي، وقد يسأل البعض هل الاشتراكية هي نهاية التاريخ؟ الجواب نعم الاشتراكية نهاية التاريخ لأنها تخلص المجتمع من كل التناقضات ويعيش المجتمع كل المجتمع متعاوناً متضامناً لا عداء ولا حروب، ونهاية الاشتراكية ما هي إلا نضال ضد الطبيعة لاستكشاف أسرارها والوقوف على أسرار هذا الكون، ومن ثم الاستفادة من كل ما يطور المجتمع الإنساني نحو سعادة الإنسان ورفاهيته».

  • في توجهها الدائم نحو الربح والتكديس، خلقت الرأسمالية الإساءة، ومن أكبر الضحايا كان المحيط الطبيعي؟
  • ** «يقول "انجلز" إننا بدمنا ولحمنا ننتسب إلى الطبيعة والإنسان في علاقة جدلية معها، فالنظام الرأسمالي في استغلاله الإنسان هو نظام غير إنساني، ولذلك لم يتوقف عن الإساءة للطبيعة من اجل زيادة نهبه وأرباحه، والرأسمالية في ذلك لا تنهب حصص الأجيال الحالية فقط وإنما حصص الأجيال القادمة أيضا، فاستعمال المخصبات واستعمال المياه الجوفية بشراهة من اجل زيادة النهب هو عمل يسيء إلى الطبيعة ويهدد سلامتها كما أنه يشير إلى الحالة السيئة من التلوث البيئي.

    أشار "كينيدي" إلى حدوث السخام الأسود في سماء لندن في القرن التاسع عشر هذا السخام الذي يضر الإنسان والطبيعة هو نتيجة تكثيف استعمال الفحم في الصناعات الرأسمالية، وفي إحدى المدن أخبرت امرأة الصحفيين أن صنبور الماء يسيل منه الماء العكر مع الديدان، في إشارة إلى أن الماء استعمل لأغراض تحقيق الثروة دون السؤال عن صحة البشر».

  • كيف تقرأ الأزمة الاقتصادية الحاصلة على سلم صيرورة الرأسمالية؟
  • ** «لم تكن هذه الأزمة ابنة ساعتها، بل هي امتداد لأزمات عتم عليها لبيان صحة النظام الرأسمالي، والرأسمالية لم تخرج من أزمة إلا لتدخل أخرى، عاشق الرأسمالية "ريكاردو" يقول بأن الرأسمالية تهدم كل شيء حتى أنها لا توفر نفسها، وهذا يعني أنها نظام من أجل الهدم، "فبوش" عندما غزا "العراق" كان لينقذ الرأسمالية من أزمة تعيشها، وما برز على السطح هذه الأيام كان نتيجة لركض الرأسمالية نحو الربح العاجل، فالأموال التي نهبت من مختلف بقاع الأرض وتكدست في صناديق الاحتكارات هذه الأموال كان يسيل لعابها لمزيد من التراكم، فكانت القروض للناس لشراء العقارات دون التأكد من أن المستقرضين قادرون على رد المبالغ، وهكذا وزعت أموال البنوك على الناس لا حباً بالناس وإنما ركضاً وراء الربح، وعندما صعب على الناس رد المبالغ كان إفلاس هذه البنوك، هذا جانب من المسألة أما الجانب الآخر فهي دورة الإنتاج، فالرأسمالية لا تضع حداً لإنتاجها فهي تنتج وتنتج لتربح ثم تربح، غير أن هذا الإنتاج الكثيف لم يجد الأسواق ليعود بالنفع على أصحابه وعلى الرأسماليين، فتعرقلت دورة الإنتاج الأمر الذي أدى إلى صرف ملايين العمال من عملهم في شتى أنحاء العالم وهو أمر في تزايد، هذا الوضع الذي تعيشه الرأسمالية إذا ما قدر لمفكريها فأنهم سيحاولون إيجاد بعض الحلول للتخفيف من الأزمة شكلاً، إلا أنه من حيث المحتوى ستسير الأزمة نحو العمق إلى أن تصل إلى نقطة اللا عودة، هذه النقطة إذا ما أحسن المناضلون من الاشتراكيين (العمال والفلاحين) استغلالها فإن شمس الاشتراكية ستشرق بلا ريب».