إلى أن يتم اتخاذ التدابير والإجراءات الحاسمة بشأنها والمرجو منها أن تعيد الحياة إليهما، ما يزال الكثير من مواطني المحافظة يعيشون ذكراهما، إنهما "القادسية" و"الأندلس"، صالتا السينما اللتان عرفتهما "درعا" في النصف الثاني من القرن الماضي حيث كانت السينما تعيش عصرا ذهبيا وتحتل مكانة مهمة في حياة الكثيرين قبل أن يأتي التلفاز ويسلبها هذه المكانة، اليوم وبعد مضي قرابة سبعة وعشرين عاما على توقف الصالتين عن العرض تبقى الأماني والتطلعات قائمة بان تعود الحياة وتدب في أوصالهما.

وفي حديث للذكريات التقى موقع eDaraa بعض الأشخاص فكانت البداية مع السيد "حيدر حسين الصيدلي" الذي يقول: «لقد أصبح عمري الآن تسعة وستين عاما وأنا شاهد على السينما منذ ظهورها في المحافظة إلى اللحظة التي توقفت فيها، لقد شكل وجودها ظاهرة عاشتها جميع فئات المجتمع التي كانت تقصدها للترفيه والتزود بالأخبار وخصوصا في ظل غياب التلفاز الذي لم يكن قد انتشر بشكل كبير، وكانت الصالة تمتلئ عن آخرها ولاسيما عند عرض أخبار الملوك والرؤساء العرب وعلى رأسهم "جمال عبد الناصر" الذي كان يحظى بشعبية كبيرة، كانت صالة القادسية تفتح أبوابها منذ الساعة الثالثة وحتى العاشرة مساء، وقد خصصت هذه الصالة يومي الاثنين والخميس لإقامة حفلات للنساء فقط، كنا نشاهد الأفلام الحديثة والتي تستمر مدة عرضها ثلاثة أيام تشهد حضورا واسعا ولاسيما في اليوم الأول، أما تذكرة الدخول فقد كانت تتراوح بين 25 الى 50 قرشا».

لاشك أن عدم وجود سينما وصالات ودور للعرض هو مؤشر للحالة الثقافية التي تعيشها هذه المحافظة التي اعتقد أنها حرمت ولسنوات طويلة من وجود مثل هذه الأماكن التي تعتبر من الملامح الأساسية في حياة أي مدينة

أما السيد "محمد علي الصيدلي" فيقول: «كنت على تواصل مستمر مع السينما فقد كانت هي الوجهة التي أقصدها للتزود بالأخبار ومتابعة الأنشطة الثقافية وكنت أحرص دوما على متابعة الأفلام من العرض الأول، لقد كان وجود صالتي السينما شيئاً مميزاً في حياة المدينة حيث كانتا المتنفس للكثيرين للخلاص من الملل والحياة الرتيبة، الآن وفي ظل عدم وجود دور وصلات العرض بتنا نفتقد إلى المتعة في مشاهدة الأفلام كما في الماضي، هذه المتعة لا أرى أن التلفاز قادر على أن يمنحنا إياها في تقديمه للأفلام لأن الأمر متعلق بالأجواء والطقوس التي كنا نعيشها مع وجود صالتي "القادسية" والأندلس" للسينما».

السيدان حيدر ومحمد علي الصيدلي

السيد "توفيق الأصفر" يقول: «كانت السينما إحدى الأعاجيب التي كنا نعيشها في هذه المحافظة وذلك بسبب الغياب الواضح لمختلف وسائل الترفيه، الأمر الذي جعل الجميع على صلة معها كبارا وصغارا، وقد لعبت السينما دورا كبيرا في خلق حالة من الوعي في حياة المدينة وذلك عبر تقديمها لأساليب وأنماط في الحياة كنا نشاهدها ونتعرف عليها عبر الأفلام التي كانت تعرض».

"معن الشرع" يقول: «لاشك أن عدم وجود سينما وصالات ودور للعرض هو مؤشر للحالة الثقافية التي تعيشها هذه المحافظة التي اعتقد أنها حرمت ولسنوات طويلة من وجود مثل هذه الأماكن التي تعتبر من الملامح الأساسية في حياة أي مدينة».

السيد توفيق الأصفر

وللحديث أكثر عن موضوع صالات السينما في محافظة" درعا" يقول الدكتور "أحمد الحمادي" مديرية ثقافة "درعا": «تم تأسيس صالتي "القادسية" و"الأندلس" في الخمسينيات من القرن الماضي في محافظة "درعا" من اجل نشر الثقافة وعرض الأفلام حيث كانت السينما تمر بفترة ذهبية الأمر الذي جعل منها مشروعا اقتصاديا يعود بالربح الوفير على أصحابها ولكن نتيجة لتسارع التطور التكنولوجي المتمثل بظهور التلفاز وانتشاره على نطاق واسع ومن ثم ظهور الفضائيات اثر سلبا على صناعة الفن السابع وكل ما يتعلق بمتطلبات الفن السابع بما في ذلك دور السينما وصالات العرض». يضيف الدكتور "أحمد": «بدورها صالات السينما في المحافظة تعرضت لمشاكل أدت إلى توقفها فصالة "الأندلس" تعرضت إلى حريق عام ألف وتسعمئة وواحد وثمانين الأمر الذي دعا إلى هدمها وقيام بناء تجاري مكانها تعهد صاحبه عند حصوله على ترخيص البناء على أن يخصص جزء من هذا البناء لإقامة صالة عرض سينمائي ولكن وللأسف لم توضع هذه الصالة في الاستثمار إلى الآن، صالة القادسية هي الأخرى تم إغلاقها ولم تستثمر من جديد لانعدام الجدوى الاقتصادية وتراجع السينما بشكل عام».

وعن الإجراءات التي اتخذتها مديرية الثقافة لتعويض هذا الغياب يقول الدكتور "الحمادي": «تسعى مديرية الثقافة بكل أمكاناتها إلى تخطيط هذا الجانب من خلال تخديم المواطنين سينمائيا عن طريق عرض الأفلام الهادفة والجادة للجمهور في صالات المراكز الثقافية، وفي هذا الإطار تم إحداث ناد سينمائي، ولقد تحررت مديرية الثقافة من عقدة الزمان والمكان والصالات المغلقة حيث تقوم بعرض بعض الأفلام السينمائية في الهواء الطلق أمام الجمهور حسب الإمكانات التي تملكها المديرية».

الدكتور أحمدالحمادي

وعن إمكانية رؤية صالات سينما حقيقية في المحافظة يقول: «من المؤكد أن هذا الشيء سيتحقق من خلال الصروح الثقافية التي ستقام في المحافظة مثل قصر الثقافة الذي سيكون مجهزا بأحدث التجهيزات اللازمة للعروض السينمائية كما سوف يكون مجهزا بمسرح قومي من أجل تغطية هذا الجانب أيضا».