يعتبر الجامع العمري في "بصرى" من أروع الآثار الإسلامية القديمة بتفاصيلها المعمارية وهيكلها الأصلي، وهو أول مسجد بناه المسلمون في سورية عند الفتح أيام الخليفة عمر بن الخطاب وهو المسجد الوحيد الذي بني في عهد الإسلام الأول.

موقع eDaraa بتاريخ 28/12/2011 التقى السيدة "وفاء العودة" مديرة الآثار في مدينة "بصرى" الأثرية والتي حدثتنا عن المسجد العمري وأهميته التاريخية بالقول: «بني الجامع العمري أيام الخليفة "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، ويعرف بالمسجد العمري نسبة إليه، وهو من أقدم الجوامع في سورية، يعود تاريخه إلى عام 406هـ، ويقع المسجد العمري المعروف محلياً بمسجد العروس في وسط مدينة "بصرى الشام" التي تبعد 120كم جنوب العاصمة السورية "دمشق"، وعلى مقربة من القلعة الرومانية الأثرية، وهو من أقدم المساجد وهو يأتي في المرتبة الثانية بعد مسجد الرسول في مكة والمدينة والمسجد الأقصى، يتميز الجامع بمئذنته المربعة ذات الطابع السوري، والشبيهة بقواعد المآذن في الجامع الأموي بدمشق، ويعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي.

يتميز الجامع بكثرة الأعمدة والتيجان من مختلف الطرز حيث يبلغ عددها 44 عموداً بكافة عناصره المؤلفة من ركيزة ووسادة وطبلة عمود وتاج وغيرها. من هذه الأعمدة 16 عموداً من الرخام الأبيض والحجر الكلسي، أما التيجان فمنها 14 تاجاً على الطراز الكورنثي واثنان على النمط الأيوني والباقي من الطرز الدورية والبسيطة. يتقدم المسجد من الشرق رواق مقنطر منخفض يشرف على الشارع بـ 9 أقواس مختلفة الارتفاع، واستعملت بعض أقسامه للوضوء. يتخلله أبواب تؤدي إلى المسجد

جدد الجامع أمين الدولة "أبو منصور كمشتكين الأتابكي" عام 506هـ/1122م. كما توجد كتابة على الجدار الشمالي من الخارج بالخط النسخي تشير إلى تجديد الصحن في العهد الأيوبي عام 618هـ/ 1221م».

مئذنة الجامع

يدخل المسجد في إطار المساجد ذات المخطط الهندسي الكثيرة الأروقة والساحة المكشوفة وهنا تقول: «يعتبر الجامع العمري أحد المساجد الثلاثة التي تحتفظ بالطراز الإسلامي القديم بعد مسجد الرسول في المدينة المنورة وجامع عمرو بن العاص في مصر، والجامع يقع في مكان هام في المدينة الأثرية وسط المدينة، وقد طرأت على الجامع تطورات كثيرة عبر تعاقب العصور، وهو يدخل في إطار المساجد ذات المخطط الهندسي الكثيرة الأروقة والساحة المكشوفة، وحافظ على واجهته القديمة حتى الآن، ولا يزال يحتفظ بتفاصيله المعمارية، وأعمدته التي بقيت في مكانها وقد طرأت على الجامع تجديدات وترميمات في عهود مختلفة، وكشفت أعمال الترميم التي قام بها المهندس الفرنسي إيكوشار عام 1936م عن كتابة كوفية أموية مؤرخة عام 102هـ/720م، وهذا نصها: "هذه المئذنة قام على صنعتها بعد سنة مائة وكتب الحرث"».

وعن الوصف المعماري للمسجد يقول الآثاري "علاء الصلاح" من دائرة آثار "بصرى": «يتألف المسجد من صحن مكشوف تتوسطه ميضأة مربعة، داخلها نافورة ماء، ويحيط بها عمود رخامي وتاج دوري ارتفاعه متران، رصفت أرضية الصحن بالحجر الكلسي الأبيض والبازلتي الأسود على شكل متداخلات مع تزيينات وأشكال هندسية مختلفة الألوان، تلتف حول الصحن أربعة أروقة ويشكل الرواق الجنوبي حرم الصلاة ويبلغ عرضه 12م، وقد غطيت واجهة هذا الرواق بكلسة تمتد عليها ثلاثة أشرطة من الزخارف النباتية المحفورة في الجص، تحصر بينها حقلين مملوءين بالكتابات الكوفية المزهرة والمحفورة على الجص أيضاً. ويبدو أن كامل الجدار فوق هذه الأشرطة كان مملوءاً بالزخارف النباتية التي تتخللها آيات قرآنية، وتعد هذه الزخارف والكتابات الجصية من أهم المعالم الفنية في المسجد. زين المسجد من الداخل بإكساء من الملاط الكلسي مع تزيينات نباتية وهندسية جاءت مع السلاجقة من شرق آسيا عبر إيران، وكتابات قرآنية بالخط الكوفي المزين بالحجم الكبير وعلى امتداد جدار القبلة».

وفاء العودة مديرة الآثار في بصرى

تكثر في الجامع الأعمدة والتيجان وهنا يقول: «يتميز الجامع بكثرة الأعمدة والتيجان من مختلف الطرز حيث يبلغ عددها 44 عموداً بكافة عناصره المؤلفة من ركيزة ووسادة وطبلة عمود وتاج وغيرها. من هذه الأعمدة 16 عموداً من الرخام الأبيض والحجر الكلسي، أما التيجان فمنها 14 تاجاً على الطراز الكورنثي واثنان على النمط الأيوني والباقي من الطرز الدورية والبسيطة. يتقدم المسجد من الشرق رواق مقنطر منخفض يشرف على الشارع بـ 9 أقواس مختلفة الارتفاع، واستعملت بعض أقسامه للوضوء. يتخلله أبواب تؤدي إلى المسجد».

وعن المئذنة المشهورة في الجامع يتابع حديثه بالقول: «المئذنة هي على ارتفاع 6م تقع في الزاوية الشمالية الشرقية من المسجد، جاء قسمها السفلي مربع الشكل بأبعاد 4.80×4.80م نفذ فيها مدخلان أحدهما للمسجد والآخر يفتح إلى خارج المسجد. ثم يتقلص كل ضلع من كل جهة 60 سم ليصبح طول كل ضلع 4.2م ثم تأخذ بالتقلص التدريجي حتى ارتفاع 18م بحيث يتقلص طول الضلع إلى 50سم وبذلك يصبح ارتفاعها الكامل 24م، ولقد زودت بفتحات تهوية وإضاءة غير منتظمة على مستوى ارتفاعها. تاريخ بنائها ليس مؤكداً ويعتقد أنها بنيت بنفس الفترة التي بنيت فيها الواجهة الشمالية والتي تعود إلى الربع الأول من القرن السابع الهجري. في أعلى كل واجهة منها نافذتان بينهما عمود محلزن، وفوق كل نافذة قوسان متعاكسان، وفي أعلى المئذنة يوجد كورنيش حجري بارز».

داخل المسجد