من تلك الحجارة الزرقاء التي تتسم بصفات فريدة وتتواجد بكثرة في "درعا"، وجدت المنحوتات البازلتية التي طورت فن النحت في "حوران"، فكانت مكتشفات أثرية تعد مفتاحاً لمعرفة المجموعة النحتية في جنوب "سورية".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 13 شباط 2015، الآثاري "أيهم جدعان الزعبي" العامل في مديرية آثار "درعا"؛ الذي تحدث عن المنحوتات البازلتية في "حوران" ويقول: «تتميز بخصائص فنية تثبت تطور فن النحت في "حوران"، مع تأثرها النسبي بالخصائص والقواعد الإغريقية والرومانية واحتلالها المكانة الأولى، فالفن المعماري الحوراني، على الرغم من تأثره بالفن الكلاسيكي - الهلينستي - الروماني من حيث الشكل العام، لكنه اتسم بصفات ومميزات جعلته يتميز عنها، وأدى ذلك إلى ظهور مفهوم الفن الحوراني البحت، على ضوء ذلك فإن تلك المنحوتات يمكن تأريخها إلى فترة ما قبل الرومان وبمعنى أدق إلى العصر النبطي، لما لها من صفات محلية شرقية تطرح مسألة الهوية الثقافية لكل "سورية" الجنوبية، بدلالة العثور على لقى ترجع بتاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد».

تتميز بخصائص فنية تثبت تطور فن النحت في "حوران"، مع تأثرها النسبي بالخصائص والقواعد الإغريقية والرومانية واحتلالها المكانة الأولى، فالفن المعماري الحوراني، على الرغم من تأثره بالفن الكلاسيكي - الهلينستي - الروماني من حيث الشكل العام، لكنه اتسم بصفات ومميزات جعلته يتميز عنها، وأدى ذلك إلى ظهور مفهوم الفن الحوراني البحت، على ضوء ذلك فإن تلك المنحوتات يمكن تأريخها إلى فترة ما قبل الرومان وبمعنى أدق إلى العصر النبطي، لما لها من صفات محلية شرقية تطرح مسألة الهوية الثقافية لكل "سورية" الجنوبية، بدلالة العثور على لقى ترجع بتاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد

ويشير الدكتور "محمد نصرالله" مدير آثار "درعا" إلى المنحوتات البازلتية في موقع "سحر" الأثري في منطقة "اللجاة"، ويقول: «لقد أعطت مكتشفات "سحر" البازلتية مفتاحاً لمعرفة المجموعة النحتية وتفسيرها في جنوب "سورية"، وكان لها عدد من الدلائل التاريخية المميزة؛ كوجود كتل حجرية ممثلة بدواليب العربات في مجموعة، والتماثيل الحيوانية المختلفة (أسود- أحصنة - نسور)، وتماثيل الخيّالة الذين يرتدون "القلابية" الطويلة ويضعون إزاراً مربوطاً تحت الصدر وعباءة ترتد إلى الخلف.

أشكال نحت بازلتية

ومنطقة "حوران" القديمة وعلى الرغم من اتساع أراضيها كانت تشترك في إنتاج نحوت بازلتية واحدة استخدمها المعماريون والنحاتون، ولم يستخدموا غيرها من المواد المتوافرة كالحجر الكلسي أو الرخام الأسود، وللحجر البازلتي الأسود المنتشر بكثرة في جنوب "سورية" حكايات لا تنتهي، فمنه صنع الأجداد الذين عاشوا في هذه المنطقة منازلهم والقلاع وبيوت العبادة، واستخدموه في تخليد انتصاراتهم وتوثيق ثقافتهم على مدى التاريخ».

أما الآثاري "ياسر أبو نقطة" فيقول: «العناصر الهندسية والزخرفية التي تزين العديد من الآثار والأماكن السياحية ومنها المعابد وأهمها معبد "تيكة"، جميعها من الطراز الكورنثي المنحوت في الحجر البازلتي الأزرق، هذا الطراز ظهر في "حوران" منتصف القرن الثاني للميلاد فترة ازدهار العصر الروماني في المنطقة، أي فترة سلالة الأباطرة الرومان المنحدرين من أصل سوري، وإن التماثيل المصنوعة من حجر البازلت القاسي الذي تشتهر به منطقة "حوران" تم جلبها من موقع "سحر اللجاة" الأثري، وهي تعبر عن شخصيات تاريخية وآلهة المدينة القديمة، كذلك اللقى الأثرية المعروضة في حديقة متحف "درعا" التي عثر عليها بحالتها الأصلية كالمدافن الأثرية ولوحات الفسيفساء والجرار والأعمدة مصنوعة أغلبها من حجر البازلت الأزرق، وكذلك أغلب الآثار التي مرّ عليها الرحالة منذ القرن التاسع عشر يعيدون تاريخها إلى الفترات الرومانية والبيزنطية، مع إشارات غير مؤكدة إلى بعض الآثار التي يعيدون تاريخها مثلاً إلى الفترة النبطية».

منحوتات تنقل روعة الماضي

الفنان والنحات "سعد شوقي" تحدث عن ميزات الحجر الأزرق الحوراني ويقول: «الحجر البازلتي الأزرق ليس كأي حجر عادي، فهناك أحجار بازلتية كثيرة داخلها فقاعات لا تصلح للنحت، لأنها تشوه الشكل، ومن الأفضل أن يأخذ النحات الأحجار البازلتية العميقة التي تكون صماء لا يوجد فيها فراغات أو فقاعات وأن تكون قوية ومتينة ولا يكون فيها تشققات، وهذا النوع موجود في "حوران" بكثرة، وما يميز الحجر البازلتي الحوراني اللون الرمادي الغامق والقوة والصلابة، عدا ذلك الكتل الكبيرة التي تصلح لإقامة أعمال كبيرة وأعمال توضع في ساحات واسعة كبيرة، لأنه يمكن أن يصل طولها إلى 8 أمتار، ويوجد عدد قليل من الفنانين في "حوران" الذين يعملون ويستخدمون الحجر الأزرق البازلت ومنهم الفنان "إبراهيم أبازيد"».

النحات سعد شوقي