بأخلاق حميدة وثقافة واسعة كانت سلاحاً تذلل أمامه الصعاب. سار على خطى من سبقوه من أفراد عائلته الذين عرفوا بسعيهم المحمود؛ بكل هذا نال محبة الجميع فاختاروه مختاراً لبلدتهم.

إنه المختار "علي عبد الله النصيرات" الذي التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 آب 2018، ليحدثنا عن نشأته ومسيرته ويقول: «أنحدر من عائلة ميسورة الحال ولها حضور اجتماعي قوي ومؤثر في مجتمعنا منذ القديم، حملت عائلتنا لقب "الخطبة"، وتعود هذه التسمية لكون جدي كان خطيباً لبلدتنا في مختلف المحافل والمناسبات التي كانت تقام فيها، وهذا الأمر توارثه عنه أبناؤه فيما بعد، وحملوا إرث العائلة في الوجاهة والتشريف من بعده».

تمّ تعييني كمختار بعد انتخابات جرت في المجلس المحلي، وفزت في هذه الانتخابات بعدد أصوات بلغ 9 من أصل 11 صوتاً، بعدها تمت الموافقة من الجهات الرسمية ومارست عملي كمختار في بلدة "إبطع"

وعن نفسه يقول: «بالنسبة لي، فقد تعلمت في مدارس بلدة "إبطع" إلى أن وصلت إلى الصف الثامن، حينئذٍ قمت بتكبير عمري خمسة أعوام لأتمكن من التطوع في الشرطة؛ وهو ما حصل بالفعل، وهذه كانت بداية عملي في سلك الشرطة لسنوات عديدة حملت في طياتها الكثير من الأحداث السياسية التي كنت شاهداً عليها، تنقلت في العمل بين مختلف المحافظات السورية، وعملت في العديد من مخافرها التي كنت دائماً أسعى إلى حل الخلافات الواردة إليها بالصلح وإرضاء الخواطر، فكان المخفر بالنسبة لي مجلس قضاء مصغراً، وأشكر الله أنني في الكثير من القضايا كنت أحل الأمور بطريقة ودية وسلمية، وبعد التقاعد، أوكلت إليّ مهمة رئيس الجمعية الفلاحية في بلدة "إبطع"، وكنت عضواً في مجلس البلدة لدورتين متتاليتين».

المختار أبو مناضل

وعن تعيينه مختاراً يقول: «تمّ تعييني كمختار بعد انتخابات جرت في المجلس المحلي، وفزت في هذه الانتخابات بعدد أصوات بلغ 9 من أصل 11 صوتاً، بعدها تمت الموافقة من الجهات الرسمية ومارست عملي كمختار في بلدة "إبطع"».

لكل مهنة وعمل مواصفات ومقومات تعدّ العامل المساعد والأدوات الضرورية للقيام بهذه المهنة والعمل، عن مواصفات المختار يقول "أبو مناضل": «إن عمل المختار يتطلب منه بالدرجة الأولى أن يكون عارفاً وملماً بأمور القانون، لأن المختار صلة الوصل في كثير من الأمور بين الناس والجهات الرسمية، وعن نفسي، فقد وفقت في ذلك من خلال عملي في الشرطة، ولا بدّ للمختار من أن يتصف بالصفات والأخلاق الحميدة ليحظى بمحبة الناس، ومن المهم أن يكون ذا شخصية قوية وكريماً؛ لأن بيت المختار كما هو معروف، الوجهة التي يقصدها الجميع من ضيوف أو وفود شعبية أو جهات رسمية، كما أن الثقافة وسعة الاطلاع أمر مهم في عمله، هذا الأمر طبقته كثيراً من خلال امتلاكي موهبة الشعر، الذي كان حاضراً بتوظيفاته الكثيرة ولا سيما بالحض على الأخلاق الحميدة ونبذ السيئ منها».

الشاعر عبد الوالي الضماد

للمختار مهام مكلف بها يوجزها "أبو مناضل" بالقول: «إضافة إلى الأوراق والمستندات الرسمية التي يقدمها المختار إلى الناس؛ مثل سندات الإقامة، وشهادات الولادة والوفاة، هناك العديد من المسؤوليات التي يتحملها، والتي تتمثل في تعزيز التواصل بين أبناء بلده وتوحيد كلمتهم، ونبذ الخلافات بالطرائق السلمية، فهو الجهة التي تمثّل الناس في كثير من الأحيان لدى الجهات الحكومية؛ لذلك هو المعني بنقل همومهم ومشكلاتهم ومتابعة مطالبهم».

ويتابع عن عمله كمختار: «لا يخلو أي عمل من السلبيات والإيجابيات، وبالنسبة لـ"المخترة"، فهي شيء متعب وممتع في الوقت نفسه؛ متعب لكثرة الضغوط التي تقع على عاتقه، والتي تصل أحياناً إلى حدّ الصدام مع الناس إذا ما فُهم عمله بطريقة سيئة من قبلهم، وممتع لما فيه من تحقيق الخير والمنافع التي يبذل جهوده لتحقيقها».

متعة العمل في ما يجنيه صاحبه من ثمار، عن المكاسب التي حققها "أبو مناضل" من "المخترة"، يقول: «من اللحظة الأولى التي أوكلت إليّ فيها مهام المختار، كانت النزاهة هي المبدأ الذي اعتمدته في عملي، لذلك قدمت الخدمات إلى الناس من دون مقابل، ومن يصنع المعروف لا يطلب المقابل، ودائماً كان رضا الناس يهمني، وكان شعاري دوماً:

ازرع جميلاً ولو في غير موضعه... فلن يضيع الجميل أينما زرع

إن الجميل وإن طــال الزمـان بـه... فليس يحــصده إلا الذي زرع».

المختار الشاعر "أبو مناضل" فضّل أن يختم اللقاء بأحد إبداعاته الشعرية في رثاء ابنه "مناضل"، فكانت هذه الأبيات:

"رحم البكا يا عين جودي بالدموع

وان جف دمعك تدمعين الدمع دم

وخلي القلب يزداد دقه بالضلوع

وخلي سمار الراس للشيب ينضم

وخلي اللسان إلي بقى دوم لعلوع

يخرس بنوب وتنعدم حاسة الشم

وخلي الجسم ينشل والنوم ممنوع

وخلي النفس تنذل مرياعها الهم

ولصوم من هالحين وانوي على الجوع

والبس ثياب الحد وأخيط الفم".

"عبد الوالي الضماد" مدرّس وشاعر من بلدة "إبطع"، يقول عن المختار "علي عبد الله النصيرات": «يحظى المختار "أبو مناضل" بسمعة طيبة وصيت حسن بين الناس؛ فهو من عائلة معروفة بأياديها البيضاء وأخلاقها الحميدة، ومحبوب لأدواره الكثيرة التي قام فيها بحل الكثير من المشكلات والخلافات التي تدل على أنه رجل حكيم وواسع المعارف، ويملك موهبة شعرية مميزة نتج عنها الكثير من القصائد الجميلة والممتعة في كثير من المواضيع».

بقي أن نذكر، أن المختار "علي عبد الله النصيرات" من سكان بلدة "إبطع"، وهو من مواليد عام 1942.