طرّز عدد من الشباب الواعدين خيوطاً بديعة في الفن الأصيل، استمدوا رونقها من إرث محافظة "درعا" المعطاءة بالفن والثقافة والإبداع الموسيقي، وثابروا طوال السنوات الماضية الملأى بالألم، ليمدوا الناس بالفرح، ويقدموا لوحات فنية مغزولة بالأصيلة.

شباب بعمر الزهور، كوّنوا فرقتهم الخاصة على الرغم من الحصار والرصاص، فكانت الجامعة لموسيقاهم، حيث التقتهم مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 19 أيلول 2018، لتسليط الضوء على إبداعهم على الرغم من كل الظروف التي مرّوا بها، فكانت البداية مع "عبير الأسعد" التي تحدثت عن فكرة صغيرة تحولت إلى واقع، وقالت: «كانت الظروف المحيطة بنا في "درعا" شديدة التعقيد، وكنا نحاول في بطريركية "الروم الأرثوذكس وسائر المشرق" الاهتمام بالشباب، وخلق فرص للحياة أمامهم، فكان نادي "العطاء" جاذباً لهم، ومنه حاولنا تكوين فرقة لتنمية المهارات الفنية والإبداعية لدى الشباب والأطفال، والحفاظ على مواهب كبار السن، ونقل خبرتهم المميزة في مختلف المجالات إلى جيل الشباب.

شاركت فرقتنا بالعديد من المهرجانات والاحتفالات التي احتضنتها المحافظة، وأجمل ما قدمناه كان حفلاً جماهيرياً مميزاً بمناسبة "عيد الجيش العربي السوري" الذي أعاد الأمن والأمان إلى المحافظة، وأعادها إلى عراقتها من جديد. منذ انطلاقتنا قدمنا أغاني "الهجيني" التي تعدّ من أهم ألوان الغناء الشعبي في الجنوب السوري، إضافة إلى الأغاني الملتزمة والوطنية، والشيء الجديد في تجربتنا أننا استطعنا تلحين أغانٍ تراثية مجدداً؛ فأعدنا إليها الحياة

كان تأسيس الفرقة الموسيقية قبل ثلاث سنوات بهدف تدريب الشباب بخبرة كبار الموسيقيين في المحافظة للعزف على الآلات الموسيقية والغناء الجماعي والمنفرد، والحفاظ على الموروث الفني والموسيقي لمحافظة "درعا"».

الشباب مع عبير الأسعد

"رياض شتيوي" عضو "مجلس الشعب" والداعم الأساسي لنشاطات الشباب، قال: «مع بداية الحرب على "سورية"، كان لا بدّ من وجود أيادٍ أمينة تحافظ على المخزون الثقافي والموروث الفني للمحافظة، فكانت فكرة نادي "العطاء" الذي يدعم المواهب الشابة في مختلف المجالات، كالرياضة والموسيقا والأدب والرسم، حيث لاقى إقبالاً شديداً خلال السنوات السابقة، واستطعنا تكوين فرقة موسيقية متكاملة بخبرات من داخل المحافظة، فالفرقة الموسيقية اليوم تضمّ نحو 70 شاباً وشابة من العازفين والكورال، ومن ضمنهم الخبرات الموسيقية من كبار السن في العزف على مختلف الآلات الموسيقية. وشباب الفرقة اليوم اكتسبوا مهارات متميزة في العزف والغناء وأصبحت فرقة متميزة، وهي الأولى من نوعها في مدينة "درعا"».

"تسنيم النابلسي" مغنية كورال، تحدثت عن أهمية ما فعلته مع زملائها الشباب، بالقول: «منذ ثلاث سنوات ونحن نتدرّب باستمرار، ولم نتخلف يوماً عن الموعد على الرغم من كل الظروف التي كانت تحيط بنا، واليوم نقدم كل ما امتلكناه من خبرة في الغناء والعزف، فالموسيقا غذاء الروح ورسالة الشعوب، ونحن محافظة عريقة في مجالي الفن والثقافة. كنا نبحث في التراث، ونعيد صياغة تلك الأغاني الباقية في الذاكرة والروح من دون أن نشوّه أصالتها في الحديث، وقد كان لوجود كبار الموسيقيين معنا دور كبير في إظهار مواهبنا الدفينة وتعزيزها، خاصة أننا نخرج من حرب كبيرة شنت على بلدنا الغالي، ونشعر بالفخر مما وصلنا إليه، وما قدمناه طوال هذه السنوات أعاد الروح والفرح».

تسنيم النابلسي

وحول مشاركات الشباب، تحدث "حكمت الرفاعي" (مغني صولو) بالقول: «شاركت فرقتنا بالعديد من المهرجانات والاحتفالات التي احتضنتها المحافظة، وأجمل ما قدمناه كان حفلاً جماهيرياً مميزاً بمناسبة "عيد الجيش العربي السوري" الذي أعاد الأمن والأمان إلى المحافظة، وأعادها إلى عراقتها من جديد. منذ انطلاقتنا قدمنا أغاني "الهجيني" التي تعدّ من أهم ألوان الغناء الشعبي في الجنوب السوري، إضافة إلى الأغاني الملتزمة والوطنية، والشيء الجديد في تجربتنا أننا استطعنا تلحين أغانٍ تراثية مجدداً؛ فأعدنا إليها الحياة».

أما الفنان "عماد العمري" (عازف ناي)، فيحدثنا عن مشاركة العازفين المخضرمين في المحافظة ودورهم في تجربة الشباب الصغار، حيث يقول: «نحن كعازفين قدامى في محافظة "درعا" نعتزّ بأن نقدم خبرتنا إلى هؤلاء الشباب، الذين سيكملون مسيرة الفن الملتزم في المحافظة، فنحن قبل هذه الحرب كنا من المحافظات الرائدة في هذا المجال، ولدينا مهرجان "بصرى" الدولي الذي كان يستقطب آلاف الزوار سنوياً من مختلف أنحاء العالم، ويضمّ مشاركات مميزة عربياً ومحلياً. هذه الفرقة تجربة رائدة خاصة بعد هذا الخمول الكبير الذي شهده المجال الفني طوال سنوات الحرب، وكان من الجميل أن تكون هناك فرقة تدربت تحت قذائف الغدر، واليوم انتصرت مع انتصار "سورية"».

الفنان المخضرم العمري