قد تشترك كل نساء الأرض في حب الظهور بمظهر جميل، وقد تشترك غالبيتهن في حب إظهار أنوثتهن بمظهر لافت، ولكن للمرأة في كل مجتمع من المجتمعات طريقة خاصة للعناية بمظهرها وربما يكون الوشم من أبرز الأشياء التي ارتبطت بهذه الغاية واحتلت مكانة مهمة في المورث الشعبي الفراتي.

eSyria التقى الباحث "غسان رمضان" الذي تحدث عن الوشم قائلاً: «يسمى الوشم عندنا "الدق" ويعتبر من التقاليد التي توارثتها النساء "الديريات" وقد يشم بعض الرجال على زنودهم صوراً معينة ولكنه إجمالاً منتشر بين النساء».

يسمى الوشم عندنا "الدق" ويعتبر من التقاليد التي توارثتها النساء "الديريات" وقد يشم بعض الرجال على زنودهم صوراً معينة ولكنه إجمالاً منتشر بين النساء

وعن طريقة عمل الوشم ومن يقوم به التقينا السيدة "فرحة جدعان" ربة منزل، 65 سنة، التي حدثتنا قائلةً: «الوشم كانت تختص القيام به نساء "القرباط" أو"النور"، وكان ذلك عن طريق وضع الكحل أو "السخام" وهو "ما يعلق بالقدر من الفحم المحترق" أو "بلمبة زيت الكاز" وكان يعتبر الوشم في أيام شبابنا مؤشر للرفاه الاجتماعي ودلالة واضحة على اهتمام المرأة بجمالها وأنوثتها وعلى اهتمام والدتها بذلك إذ إن الوشم يكون غالباً في سن الطفولة وتأخذ نساء "القرباط" مقابله مبالغ زهيدة، فكانت المرأة غير الموشومة تعتبر مهملة لنفسها».

السيدة "طرفة الحميد"

أما عن أنواع الوشم وأماكنه حددتها لنا السيدة "طرفة الحميد" من ريف "دير الزور" بالقول: «الوشم له أسماء عديدة يعرف بحسب المنطقة الموشومة وشكل الوشم، ومنه "الرثمة" وهي وشم يكون في طرف الشفة منتشرة كثيراً بين النساء، "زلف ونقطة" وهو وشم على الخد، "كحلة القطا" وشم على طرف العين، "هلال" ويكون بين الحاجبين، "حجول" في أسفل الساق، أشكال ورود ترسم على الزند، كما يمكن وشم أجزاء أخرى من الجسم منها الرقبة والبطن الفك والصدر، ويمكن للمرأة ألا تكتفي بوشم واحد في مكان واحد من جسمها».

وعن البعد الاجتماعي لمسألة الوشم قديماً حدثنا الأستاذ "آصف شويخ" خريج المعهد العالي للخدمة الاجتماعية قائلاً: «كان الوشم منتشراً بكثرة في الريف والمدينة بسبب الاعتقاد السائد بأنه يشكل حالة جمالية ولكنه اختفى من المدينة منذ حوالي نصف قرن بسب انتشار الوعي ونمو التعليم وزيادة ظهور بوادر المدنية إضافة إلى انتشار المواصلات التي أدت إلى الاحتكاك بمدن أخرى خالية من هذه الظاهرة كما أن فكرة عدم زواله وأبدية وجوده على الجسد جعلت الكثير من النساء يخفن منه لان الموضة غير ثابتة وبالتالي معايير الجمال تختلف من وقت لآخر».

وعن وجهة النظر الطبية في الأمر التقينا الدكتور "قاسم عبد الله عزاوي " الاختصاصي في الأمراض الجلدية الذي حدثنا قائلاً: «للوشم أضرار جمالية وصحية، بعيداً عن الألم أثناء عملية الوشم، فإن منطقة الوشم قد تتقيح، وقد تنتقل العديد من الأمراض مثل مرض الإيدز بسبب انتقال أدوات الوشم "الإبر" من جسم إلى آخر، أما عن الأضرار الجمالية فهو قد يترك ندبة مدى الحياة، وفي حال الرغبة في إزالة الوشم فإن ذلك قد يؤدي إلى تشوه أكبر إذا لم يتم بالطريقة الصحيحة».

ومن ناحية المقارنة بين الوشم حديثاً والوشم أيام زمان التقينا بالآنسة "مروة السلامة" وهي مصففة شعر في صالون "الجميلات" وتستخدم الوشم كأحد أساليب الزينة وعن ذلك أخبرتنا قائلة: «هنالك نوعان للوشم الحديث الأول يمكن تسميته بـ"وشم الحنّة" وهو عبارة عن مادة "الحنّاء" ترسم بها رسومات معينة على الجلد مباشرة، وهذا الوشم لا يدوم سوى فترة قصيرة، والنوع الآخر من الوشم هو "وشم الليزر" وهذا تختلف مدة بقائه حسب الرغبة، وكلاهما مأمون من الناحية الصحية.

أما الأسباب التي تدفع إلى وضع الوشم فهي غالباً التقليد وحب الظهور بمظهر جميل، ووشم الحنّاء تفضله النساء لأنه يجاري الموضة، أما الوشم الدائم فغالبية الذي يلجؤون إليه هم من الشباب».