لم تتوقّف موهبته الفنية عند حدود العزف على آلةٍ موسيقية وحيدة فحسب؛ بل تخطّت العديد من الآلات غير الوترية ومع ذلك بقيّ الوترُ هاجسه الأوحد ورفيق دربهِ الحميم، فتألّق في عزف مقام "الكرد" و "الرست" وأبدع في "الصبا" و "الحجاز"، له الفضل الأول في تأسيس فرقة موسيقية على مستوى مدينة "البوكمال" هذه المدينة التي أنجبت فناناً حقيقياً عام /1961/م حيث درس وتخرّج من معهد التربية الموسيقية في "حلب" عام /1984/م. الأستاذ "محمد حسّو" صاحب الحضور المُتميّز كان لنا شرف الالتقاء به في مدينة "البوكمال" بتاريخ 7/1/2010 والذي تحدّث عن بداياته الأولى؛ قائلاً: «بدأتُ العزف على آلة "العود" منذ المرحلة الإعدادية بفضل الأستاذ "إبراهيم القهوجي" وهو مُعلّمٌ من "مصياف" جاء ليُدرّس في إحدى مدارس مدينة "البوكمال" وذلك في عام /1976/م وكان عازفاً لآلة "العود" فعندما رأى بأنني شديد الإعجاب بصوتها طلب مني أن أتدرب على تعلمها مع ابنه "فراس إبراهيم" الذي أصبح فيما بعد ممثّلاً وبذلك اعتبر "القهوجي" أستاذي الأول في آلة "العود". وبفضل التدريب المستمر والمتواصل أتْقنْتُ العزف؛ وهذا شيءٌ ضروريٌ للعازف بالإضافة إلى الاستمرارية في التعلم والمُتابعة والبحث دون التوقف عند سقفٍ معين. قبل التحاقي بمعهد الموسيقى كنتُ أعزف على ثلاثة آلاتٍ موسيقية هي "العود" و "الكمان" و "الناي" فجاءت دراسة المعهد لتُصقِّلَ هذه الموهبة بشكلها الصحيح عبر تعلُّم قراءة "النوتة" و "الصولفيج" وتعلُّم العزف على آلاتٍ جديدة كـ "الأكورديون" و "الأورغ" وآلات إيقاعية مختلفة».

وتابع "الحسّو" حديثهُ قائلاً: «بالرغم من إتْقاني للعزف على مختلف الآلات الموسيقية إلا أن تَعلُّقي وإلمامي بالآلات الوترية أكثر من بقية الآلات، فأثناء سنوات الدراسة في المعهد كنتُ أفكّر بأنني سأقوم بعد التخرّج بتأسيس فرق موسيقية وفرق "كورال" و "إنشاد" وتدريسها في مدارس المنطقة كمنهاجٍ تربوي، لكن بعد التخرج اقتصر مهمتي في التدريس على تعليم المبادئ الأولية للموسيقى كما كان مقرراً في المنهاج دون التطرق إلى التخصيص، أما بالنسبة لما فكّرتُ به بخصوص الفرق الموسيقية فحقّقتُ بعضاً مما كنتُ أريد؛ إذ استطعتُ تشكيل فرقة موسيقية مُتكاملة من عازفين ومُغنّين حيث شاركت هذه الفرقة في احتفالاتٍ عديدة كالطلائع والشبيبة والمناسبات الوطنية وحتى الحفلات الشعبية؛ فكان حضورها لافتاً وأدائها مُميّزاً في مختلف المُشاركات وقد حقّقت نوعاً مما كان مأمولاً منها قياساً إلى الظروف التي تَشكّلت في غمارها».

اعتبرهُ منهجي الأول وصديقي الأول والأخير، فالأستاذ "محمد حسّو" إنسانٌ مثقف؛ هادئ؛ ذكي؛ وحساس وعدا عن ذلك هو فنانٌ حقيقي وله الفضل الأكبر في اكتشاف موهبتي الغنائية

وعن دور العامل المادي في تحقيق النجاح للفنان؛ أجاب: «يجب ألا ننسى وألا يغيب عن أذهاننا الدور الهام الذي يشغله العامل المادي في تحقيق النجاح والشهرة؛ فالمادة هي وسيلةٌ تساعد في اقتناء احتياجات العازف من مُستلزمات عمل كالآلات الموسيقية والكُرّاسات والنوتات؛ لكن في الوقت ذاته يجب علينا ألا نعتبرها أساساً لنجاح الفنان؛ فهناك أمورٌ أكثر أهمية كالموهبة الفطرية وتذوق الموسيقى والإحساس باللحن».

من إحدى الحفلات التي أحياها مع الفرقة الموسيقية

وعن رأيه بالحركة الفنية في المدينة؛ أجاب "الحسّو" قائلاً: «تشكو الحركة الفنية في الوقت الحالي من بعض الركود والتراجع وأصبحت أقلّ نشاطاً عما كانت عليه في السابق، والسبب يعود إلى انقطاع وابتعاد الموسيقيين والمطربين عن مواقع التدريب لظرفٍ أو لآخر وما نرجوه هو تكاتف وتضافر جهود الجهات المعنية من أجل عودة الكادر للعمل والنهوض مرةً أخرى لتقديم ما هو مناسب وجيد بحيث يعكس الصورة الفنية المشرقة للمدينة».

وحول الطموحات والمشاريع المستقبلية لتطوير الفن في المدينة؛ تحدّث قائلاً: «لا يزال لديّ أمل وبحوزتي الكثير لتدريب فرق الصغار في المرحلة الابتدائية وتشكيل فرق موسيقية ضخمة كما كانت فرقة "يبرود" سابقاً، وبالتأكيد كل هذا يحتاج إلى أدوات عمل ومستلزمات تُناسب أحجام الأطفال؛ إضافةً إلى المكان والجهة التي ستتبنّى وتدعم هذا المشروع. كما هناك مشروع افتتاح معهد خاص لتعليم العزف على الآلات الموسيقية وتمارين الصوت وقراءة "الصولفيج" و"النوتة" الموسيقية وخاصةً للأطفال».

"الحسو" عازفٌ على أكثر من آلة موسيقية

أما عن مشاركاته في العزف مع المطربين خلال مسيرته الفنية؛ فقد قال: «عزفتُ على آلة "الكمان" مع الفرق الموسيقية المُصاحبة للكثير من الفنانين مثل المرحوم "أديب الدايخ" و "رضا الخياط" والمطرب "فؤاد سالم" و "فؤاد غازي" وشاركتُ أيضاً في تسجيل عدد من الأغاني عبر الإذاعة مثل أغنية "فرات الخير" للفنان "عبد اللطيف مفلح" بالإضافة إلى عدد من الأغاني الشعبية للمطرب "سالم رمضان"».

وكان لبعض الفنانين والعازفين في المدينة آراءٌ مُتعدّدة في الأستاذ "محمد حسّو"؛ فقد قال فيه المطرب "هاني الكمال": «الأستاذ "محمد" أستاذٌ لكل شخصٍ في المدينة صعد يوماً ما على خشبة المسرح سواءً أكان مطرباً أم عازفاً، فهو عازفٌ مُتمكّن وأكاديمي درس الموسيقى على أصولها؛ شديد التعلق بفنّهِ وقد كان له الفضل في ظهور عازفين جدد على مستوى المدينة».

عند مشاركته والفرقة الموسيقية في إحدى المهرجانات على مستو القطر

العازف "أحمد مراد" قال: «الأستاذ "محمد حسّو" غنيٌّ عن التعريف فهو أستاذي الذي قدّم لي الكثير أثناء تعليمه لي في العزف على آلة "العود"، لديه إمكانيات فنية يستطيع بفضلها تقديم الكثير للحركة الفنية في المدينة إذا تم تمويله بما يلزم من مُتطلبات النشاط الفني».

الفنان "أمير حاج هاشم" قال عنهُ: «اعتبرهُ منهجي الأول وصديقي الأول والأخير، فالأستاذ "محمد حسّو" إنسانٌ مثقف؛ هادئ؛ ذكي؛ وحساس وعدا عن ذلك هو فنانٌ حقيقي وله الفضل الأكبر في اكتشاف موهبتي الغنائية».

أما الآنسة والفنانة "سحر إسماعيل" وعبر اتصالٍ هاتفيٍ معها قالت: «الأستاذ "محمد حسّو" إنسانٌ رائع جداً؛ تعلمّنا ودرسنا سوياً في معهد الموسيقى بـ"حلب" كان طالباً مُتميّزاً على مستوى المعهد في تلك الفترة، له فضلٌ كبير عليّ خلال سنوات الدراسة؛ فقد ساعدني ووقف بجانبي كثيراً وجعلني أتميّز عن الآخرين. فنحنُ أصدقاء منذُ ربعِ قرن تقريباً وسنظل كذلك».