لم يجد في دراسة الموسيقا في معهدها المتوسط ما يشبع رغبته بالتعرف عليها عموماً، وعلى آلة العود بصورة خاصة، ما دفعه للبحث عن مصادر أخرى للمعرفة، ليصبح أحد عازفي العود المميزين في "دير الزور" وثالث شاب من أبنائها يتمكن من الحصول على عضوية نقابة الفنانين فيها، وجد الميدان الحقيقي لأي خبرة موسيقية- على حد تعبيره- في تدريب الكورال حيث عليه أن يغني، وأن يعزف، ويلحن، ويوزع، وأن يعلم الطلاب العزف والغناء، لذا فهو يعمل في دائرة المسرح المدرسي منذ عام 1999 مدرب "كورال" إنه الفنان الشاب "محمود كواكة".

التقيناه ليحدثنا عن علاقته بآلة العود قائلاً: «بدأت علاقتي بآلة العود عند دخولي معهد الموسيقا حيث كان الطالب في المعهد يطالب بالعزف على آلتي "العود" و"الأكورديون" ولكن بشكل محدود جداً.

من النادر أن يجري نشاط فني أو اجتماعي في النقابة دون أن يكون "محمود كواكة" متواجداً فيه، إنه إنسان نشيط على المستويين الفني والاجتماعي

وللأسف الشديد إن إمكانات المعهد العلمية محدودة لذا كان المطلوب من الخريجين فقط الدوام سنتين لنيل شهادة المعهد الموسيقي، لهذا نرى أغلب خريجي المعهد أصحاب شهادات ورقية موسيقية...

الأستاذ محمود كواكة

ما جعلني أبحث عن وسائل تعلم أخرى والاستعانة بأصدقاء من خارج المعهد لتعلم العزف على "العود" الذي أحببته لدرجة جعلتني أبحث عن التميز فيه، فكان أهم هؤلاء الأصدقاء هو عازف "العود" "بشار مهيدي" ثم تابعت دراستي العلمية والعملية في الدورات المركزية عامي 1998م و2000م والتي كان لها كل الفضل في رفع السوية الفنية من الناحية العلمية والعملية فقد كانت مدة الدورة الواحدة شهراً كاملاً بدوام صباحي ومسائي، كان يدرَس فيها "التوزيع" و"الموشحات" و"أصول التلحين" و"أساليب قيادة الكورال"، وكان كادر التدريس من مدرسي المعهد العالي "بدمشق"، وهم على درجة عالية من العلم، ويبذلون قصارى جهدهم في العطاء، وكان وقت الدورة قصير لذا كانت الدورات مضغوطة ومتخمة بالمعلومات.. كما اتبعت دورات أخرى في هذا المجال».

وفيما يتعلق بأبرز أنشطته الفنية أجاب: «بدأت النشاط الفني بالعمل على العزف في أكثر من فرقة، فقد عزفت مع نقابة المعلمين، ومع نقابة الفنانين، ومع فرق الشبيبة، وكنت العازف الأول في الفرقة المركزية لشباب سورية حتى عام 1999 حيث انتقلت إلى دائرة المسرح المدرسي في مديرية التربية لتدريب فرقة "الكورال" فكان هذا المكان هو ميدان العمل الحقيقي لأي خبرة موسيقية بالنسبة لي ففي تدريب "الكورال" مطلوب منك أن تغني وأن تلحن وأن توزع وأن تعزف، وأن تكون قائداً للفرقة وأن تعلم الطلاب العزف والغناء لتكون مميزاً وبالتالي لتتمكن من المنافسة في مسابقات "الكورال" على مستوى القطر، والحمد لله كنا نشارك في كل المهرجانات وكان لنا في كل مهرجان عدة جوائز على صعيد العزف والغناء الجماعي أو الفردي على مستوى القطر».

أثناء التدريب

وعن آخر أنشطته أضاف: «آخر أنشطتي كان تدريب فرقة نقابة المعلمين للغناء والعزف الجماعي عام 2010 للمشاركة في المهرجان الذي أقيم في محافظة "حلب"، هذا العمل المكثف يحتاج إلى عزف مكثف وإلى تمرين مكثف ما يؤدي بالضرورة إلى رفع سوية العزف لدي.

أعمل الآن مع زميلي الأستاذ "ماهر اسماعيل" في مركز مدرسة "غسان عبود" التابع لدائرة المسرح المدرسي على تدريب مجموعة من الأطفال مجاناً على تعلم الغناء والعزف على "العود" و"الأورغ" والآلات الإيقاعية مع النوتة الموسيقية، وذلك أملاً في تكوين فرقة عزف جماعي مؤلفة من أطفال فقط تمثل المحافظة في داخلها وخارجها.

مع زملائه في آخر مهرجان شارك به

ما زلت أشعر بأنني في بداية الطريق وبأن هناك الكثير... الكثير لأتعلمه فأنا ما زلت أدرس في كتب الموسيقا وأستعين ببعض الأصدقاء ممن عندهم أي جديد ولا أخجل من السؤال ولا أتردد بالقول إنني لا أعلم، لأنه ينقصني الكثير لذا أنا ما زلت أعزف لأصقل إمكانياتي مع المجموعة بعيداً عن التفرد في العزف، أعزف مع الطلاب الذين يغنون ويعزفون وأعزف مع نقابة الفنانين، ومع أي مجموعة تطلب مني المشاركة وذلك أملاً في الاستفادة، وليقيني أن العزف الجماعي يرفع من السوية الفنية للعازف».

أما عن أهم الأماني والطموحات التي ترافق الفنان "محمود كواكة" فقد فتحدث عنها قائلاً: «كان حلمي أن أتابع دراستي العلمية في الكلية الموسيقية أو المعهد العالي أسوة ببقية فروع المعاهد الأخرى، لذا تقدمت بطلب مع مجموعة من المدرسين للسيد وزير التربية وأجابنا بالموافقة إلا أن السيد وزير التعليم العالي رفض الطلب بسب ضعف إمكانية الميزانية لاستيعاب كل المتقدمين للتعليم العالي.

لذا فكرت وبدعم من بعض الأصدقاء المقربين بالتقدم لفحص العضوية في نقابة الفنانين والحمد لله كان النجاح حليفي في أول مرة تقدمت فيها للامتحان، وهذا أعطاني دفعاً للأمام وحافزاً كي أسعى جاهداً لرفع إمكانياتي الفنية».

وحول أهم الأسماء التي أثرت في تجربته الفنية تابع مضيفاً: «للأسف في محافظتنا لا يوجد عازفين على مستوى من التميز، لكن هناك قدرات واعدة ومبشرة أذكر منها الفنان "عبيد اليوسف" وهو طالب في كلية الموسيقا وعضو في نقابة الفنانين، لكن عربياً هناك بعض العازفين الذين لهم بصمات واضحة في العزف منهم "منير بشير" و"جميل بشير" و"حسين سبسبي" و"نصير شما" وغيرهم».

عن رأيه في الدأب الذي يتميز به الفنان "محمود" حدثنا الأستاذ "تحسين الحسين" رئيس مكتب النقابة في "دير الزور": «من النادر أن يجري نشاط فني أو اجتماعي في النقابة دون أن يكون "محمود كواكة" متواجداً فيه، إنه إنسان نشيط على المستويين الفني والاجتماعي».

وفيما يتعلق بتجربته الفنية حدثنا الأستاذ "محمد الجراد": «يتميز "محمود" بنشاطه الدائم وسعيه المتواصل لتطوير موهبته، وهاتان السمتان أساسيتان لدى أي فنان، يقع أحياناً نتيجة هذا الدأب ببعض المطبات لكنه يحاول النهوض دائماً بسبب الإرادة التي يتميز بها».