واحد من أهم المواقع الأثرية على "الفرات"، على بعد /105/كم جنوب شرق "دير الزور"، ويعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد، إنه "تل الرمادي" أو ما أطلق عليه علماء الآثار حلقة الوصل بين الشمال والجنوب.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1/11/2013 رئيس دائرة الآثار في "دير الزور" السيد "يعرب العبد الله" الذي تحدث عن "تل الرمادي" بالقول: «اكتشف الموقع منذ اكتشاف البعثة الفرنسية بقيادة "أندرو بارلو" لمملكة "ماري"، وضمن سلسة المسوحات الأثرية القديمة التي أجراها "بارلو" لاحظ أن التل يعود إلى سويات "الآوروك" المتأخر، أي إن التل يعتبر أقدم من "ماري" من الناحية التاريخية، واشتهر التل بالزراعة لقربه من نهر "الفرات"؛ لوجود عدد من رؤوس المعاول والمناجل الزراعية التي استعملت في جني المحصول، ويشغل التل مساحة هكتارين ويبلغ ارتفاعه عن سطح الأرض من /5 إلى 10/ أمتار، وفي عام /2006/ م قامت البعثة الوطنية التابعة إلى المديرية العامة للآثار والمتاحف بالكشف عن السويات الأثرية من أجل متابعة أعمال سكة الحديد التي قضت على جزء كبير من التل ولم يبق إلا جزءاً بسيطاً منه».

أما من الناحية الجغرافية فيشكل التل منطقة وسطى لها أهمية خاصة بالربط ما بين حضارة "أوروك" جنوب "الفرات" والمواقع الشبيهة لنفس الفترة من شمال بلاد "الرافدين"، أي إنه يشكل حلقة وصل ما بين مواقع الشمال والجنوب وذلك خلال الألف الرابع قبل الميلاد

وتابع "العبد الله": «تركزت أعمال التنقيب الأثري خلال البعثة الأثرية في الجهة الشرقية للتل وذلك بتنقيب أربعة مربعات، إضافة إلى إجراء سبر اختباري في الجهة الجنوبية من التل، لمعرفة التوطن السكني فمن خلال تتابع الطبقات الأثرية تبين وجود استيطان بشري مستمر خلال الألف الرابع ق.م، وذلك من خلال وضوح خمس طبقات أثرية سكنية ترجع إلى الفترة الممتدة بين /3800 حتى 3300/ ق.م وهي ما تعرف في التاريخ بعصر "الأوروك"، علماً أن هناك سبعة مواقع أثرية في منطقة "الفرات" الأوسط تعود إلى نفس الفترة "أوروك».

رئيس دائرة الآثار "يعرب العبد الله"

أما خبير الآثار "عمار كمور" فأشار إلى أنه من خلال الكشف عن التل تبين أن العمارة فيه كانت بسيطة فهم لأناس مارسوا أعمال الزراعة والصناعة في النطاق المنزلي وبعض أعمال الصيد المائي، حيث كانت بيوتهم منظمة ويتألف البيت عادةً من غرفتين وفسحة سماوية اعتمدت على مادة "اللبن" في تشكيل الجدران والقصب، والمادة الخفيفة لتغطية السقوف والجدران كانت ذات سماكات رقيقة /25/ سم وأحياناً تزيد على /50/ سم، وقد رصفت الفراغات بين البيوت بالبحص النهري، وأضاف: «أوضحت التنقيبات عن الأدوات المستخدمة التي معظمها تدخل ضمن الاستعمالات المنزلية (كأواني الطبخ وصحاف الأكل)، إضافة إلى عدد وافر من رؤوس المغازل الطينية والفخارية، ما يشير إلى وجود صناعة منزلية، ونستنتج من هذا أن السكان اعتمدوا على الأغنام في استخلاص الصوف وحياكته فضلاً عن وجود العديد من المناجل الفخارية التي كانت تستعمل في جني المحاصيل».

وبين خبير الآثار "ياسر شوحان" أنه عثر في الموقع على أواني فخارية تسمى "الناقوسية" إضافة إلى أدوات صوانية وأدوات من حجر "الأوبستديان"، وأضاف: «أما من الناحية الجغرافية فيشكل التل منطقة وسطى لها أهمية خاصة بالربط ما بين حضارة "أوروك" جنوب "الفرات" والمواقع الشبيهة لنفس الفترة من شمال بلاد "الرافدين"، أي إنه يشكل حلقة وصل ما بين مواقع الشمال والجنوب وذلك خلال الألف الرابع قبل الميلاد».