تتميز طقوس الزواج في محافظة "دير الزور" بالعديد من المراحل، ولكل مرحلة طقوسها وعاداتها، ويوم الحناء من هذه المراحل الختامية، ويعد يوماً مميزاً للعروس، حيث تسير فيه مع قريباتها وصديقاتها في موكب يجوب شوارع المدينة ترافقه الأهازيج والأغاني.

للحديث عن "يوم الحناء" في محافظة "دير الزور" مدونة وطن "eSyria" التقت في 1 تشرين الأول 2014، الباحث "خالد الفرج" من حي "الجبيلة"؛ الذي حدثنا قائلاً: «كانت طقوس الزواج حتى الستينيات من القرن الماضي تتميز بأنها تمر بعدة مراحل، بدءاً من الخطبة، والموافقة، وتحديد المهر، وعقد القران، ثم إعلان الزواج بالزفاف، الذي يترافق بحفل يدوم سبعة أيام يختتم بـ"يوم الحنة"، وهو من الأيام المميزة بالنسبة للعروس، حيث تجتمع فيه قريباتها وصديقاتها في موكب مهيب، ويبدأ بالسير على الأقدام من منزل العروس إلى أغلب شوارع المدينة، ترافقه الأهازيج والأغاني الخاصة بهذا اليوم من مدح للعروس والعريس والأهل، كما تتضمن أبياتاً غزلية، ومع الغناء تتعالى زغاريد النساء وتسمى "الهلاهل"، ومن التقاليد أيضاً هو مرور الموكب من فوق الجسر الصغير، مشكلين بذلك وحدة اجتماعية متكاملة تدل على الألفة والمحبة والتعاون، ومن الأغاني التي كانت تقال في موكب "الحنة":

أكثر ما تستخدم "الحناء" في الأيدي والأرجل وفي شعر الرأس لفحومته ونعومته، وكان استعمال العرائس للحناء كثيراً، كما تصبغ أكثر النساء الكبيرات شيبهن بالحناء، ويصبغ بعض الرجال شعر رؤوسهم ولحاهم بالحناء، وتدخل الحناء في شفاء بعض الأمراض الجلدية، وتتألف "الحناء" من الأوراق الجافة لنبات "اللوسينار"، وعلى الرغم من أن هذا النبات أول ما وجد كان في شبه جزيرة العرب، إلا أنه يزرع الآن في عدة بلدان في المنطقة الحارة، ويبلغ أقصى ارتفاع لشجرة الحناء ثلاثة أمتار في نهاية العام الثالث من غرسها، ويبلغ ما ينتجه الدونم الواحد من أوراق "الحناء" الجافة أربعة قناطير

"حَدَّرتْ مِنَ العلوة توُمي وتوحي توميلك يا حَسَنْ بردن الدويحي

الحناء

انكَتَّت من العَلْوة بِيِضَه غَرِيره توميلك يا حسن بردن القصيره

حدرت من العلوه تومي بردنها هَنَّاك يا حسن بنومة حُضُنْها

الباحث خالد الفرج

حُطِّي جَرَابَ المْسِجْ بينج وبينه صَبّحْ جَراب المسج كُلّه رُوَايِح

يا صَايدين الخِشِف لا تِطْعَمُونه عيون على أمونه تشابه عيونه"».

أما المدرس "محمد أمين" الذي استحضر ذاكرته فيحدثنا عن يوم الحناء بالقول: «كان لـ"دير الزور" من الطقوس لبعض الاحتفالات التي قد لا تتواجد في البلدان الأخرى وذلك في أعوام الأربعينيات، وهي الاحتفال بـ"يوم الحناء" وهو اليوم الذي يسبق الزفة، حيث تتجمع الصبايا من أقران العروس وسنها، إلى جانب الأقارب والأصدقاء عند أهل العروس، ويحملون فوق رؤوسهم الأطباق و"البقج" التي تحتوي على لوازم العروس، من لباس وأدوات زينة وعطور وحناء لتخضيب يدي العروس وقدميها إلى جانب بعض الصبايا والمرافقات، وكان الموكب يتوجه إلى بداية الشارع العام، وهم يغنون ويهللون ويزغردون متجمعين حول بعضهم بعضاً على شكل كتلة بشرية، ويمرون من أمام المحلات والدكاكين الذين يقوم أصحابها بـ"طش النوكا، والكراميلا، والدروبس" فوق رؤوس المحتفلين من دون أن تربطهم قرابة بأهل العروس؛ فقط من أجل المشاركة للتعبير عن فرحهم، وكان هناك من ينثر النقود المعدنية والفضية من الأغنياء والميسورين، والأطفال يلتقطون هذه القطع من السكاكر والنقود المعدنية».

ويتابع: «ويبقى الاحتفال بالموكب إلى أن يصل "دربة" الحمام الحالية التي تعد من أضيق "دربات دير الزور" حيث كان هناك حمام للنساء، ويدخل الخاصة من المحتفلين، للقيام بما يلزم من طقوس تجهيز العروس مصحوباً بالغناء والزغاريد، وهنا يقوم العريس بالعمل على تقديم الطعام الجيد والوافر للمحتفلين بداخل الحمام بهدف إرضاء أهل العروس والمقربين منها وأصدقائها حيث سيقضون الوقت الطويل، وفي ساعة محددة يأتي إلى الحمام عدد من "الحناتير" -حسب حالة العريس الاقتصادية- لينقلوا المحتفلين مع العروس إلى منزل أهل العروس ضمن الفرحة والغناء والزغاريد، وكانت "الحناتير" في "دير الزور" كثيرة لأنها كانت الوسيلة الوحيدة للنقل الداخلي، ولزفة العرسان والذهاب إلى الحمام، وأذكر بعض الذين كانوا يملكون "الحناتير" أمثال: "بيت محيا، سليل الرفاعي، قدور الأسعد، علاوي الأسعد، عباس الحنترجي، وكريكور"، وآخرون».

وقد تحدث الباحث "عبد القادر عياش" في كتابه "من التراث الشعبي الفراتي" عن أهمية "الحناء" واستخداماتها في "دير الزور"، حيث يقول: «أكثر ما تستخدم "الحناء" في الأيدي والأرجل وفي شعر الرأس لفحومته ونعومته، وكان استعمال العرائس للحناء كثيراً، كما تصبغ أكثر النساء الكبيرات شيبهن بالحناء، ويصبغ بعض الرجال شعر رؤوسهم ولحاهم بالحناء، وتدخل الحناء في شفاء بعض الأمراض الجلدية، وتتألف "الحناء" من الأوراق الجافة لنبات "اللوسينار"، وعلى الرغم من أن هذا النبات أول ما وجد كان في شبه جزيرة العرب، إلا أنه يزرع الآن في عدة بلدان في المنطقة الحارة، ويبلغ أقصى ارتفاع لشجرة الحناء ثلاثة أمتار في نهاية العام الثالث من غرسها، ويبلغ ما ينتجه الدونم الواحد من أوراق "الحناء" الجافة أربعة قناطير».