كان لترحاله بين الدول العربية دوره المميز الذي منحه الخبرة في إنجاز العديد من الأعمال على الصعيد الاجتماعي في المدارس، والثقافي والعلمي في التلفزيون، إنه الشاعر والإعلامي "عبد الناصر الحمد".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4 تشرين الثاني 2014، "الحمد" ليحدثنا بالبداية عن اهتمامه في العمل الاجتماعي ودوره في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس بالقول: «عندما كلفت بالعمل في المدرسة التي خصصت لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة استفدت من كل الخبرات التي جنيتها من ترحالي الطويل في البلاد العربية، حتى إنني تعاملت مع أطفال يعانون من "الديس ليكسيا" أو عسر القراءة، كما تعاملت مع أطفال كانوا مصنفين أنهم من المصابين بالتوحد واكتشفت أن هذا التصنيف كان خاطئاً؛ وهو ما لفت انتباهي لأن بعض الذين يقومون بتصنيف مشكلات التلاميذ ليسوا من أصحاب الاختصاص وهذا ينعكس سلباً على مصلحة التلاميذ، وما زلت حتى الساعة أتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة واخترت رسالة الماجستير لتكون عن "الديس ليكسيا"».

هي قصيدة طويلة اختار منها الفنان المبدع "سعدون جابر" ثلاثة مقاطع فقط، وأنا أتفاجأ أن الناس في الدول العربية يعرفون أن شاعرها سوري، أما في "سورية" فأتفاجأ بمن يعتقد أنها لشاعر عراقي

وعن أعماله التلفزيونية يضيف "الحمد": «ركزت أكثر في أعمالي التلفزيونية على الجانب الثقافي والعلمي؛ ففي الكويت أنجزت برنامج "اتجاهات" وكان مع مجموعة من ألمع المبدعين العرب والأجانب، أما في "سورية" فقد بدأت ببرنامج "عالم من المعارف" وفيه أقدم المعلومة بأسلوب تستفيد منه الأسرة كاملة».

الشاعر عبد الناصر حمد والمطرب سعدون جابر

*كان للشعر حيزاً مهماً خلال مسيرتك وترحالك بين البلاد العربية حبذا لو حدثتنا عن هذه المرحلة؟

**شعري هو نبض حياتي، وهو نبض الحياة من حولي، فلكل قصيدةٍ خصوصيتها ولكل قصيدةٍ موضوعها الذي لا يأتي مصادفةً، فالمواضيع كثيرة جداً، وأنا أحاول أن تكون مواضيعي شديدة الصلة بي أو بالمكان الذي أكون فيه، فعندما كنت قرب نهر الفرات أعيش بدايات تعلمي الأولى لغوياً ومعرفياً كان للفرات وللبيئة الدور الكبير في هذا التكون، كما كان لهما نصيب وافر من المنتجات الإبداعية فكانت قصيدة "سحر ليلة شتوية" انعكاساً للفرات وللميثولوجيا الفراتية في الشعر الذي أكتبه، وحتى القصائد الشعبية عندما كنت قريباً من الفرات كانت شديدة الصلة به وبالناس الفراتين بآمالهم وأحلامهم وأوجاعهم، وعندما تغير الحيز الجغرافي وانتقلت إلى أماكن أخرى لانت القصيدة الشعبية وخففت من وقعها المحلي لتناسب حافظات الناس وتقترب من لهجاتهم أكثر؛ فكانت قصيدة "عشرين عام" على سبيل المثال، ولو أني بقيت في الحيز الجغرافي الأول لما ولدت قصائد مثل: "عشرين عام"، أو "فيء وشمس"، أو "بيتنا المهجور"، لأن المكان لعب دوراً في إعادة التكوين المعرفي واللغوي أكثر من مرة.

أما عن قصيدة "عشرين عام" التي غناها المطرب العراقي "سعدون جابر"، يقول: «هي قصيدة طويلة اختار منها الفنان المبدع "سعدون جابر" ثلاثة مقاطع فقط، وأنا أتفاجأ أن الناس في الدول العربية يعرفون أن شاعرها سوري، أما في "سورية" فأتفاجأ بمن يعتقد أنها لشاعر عراقي».

وعن رأيه بالشعر المغنى حدثنا : «الشعر المغنى هو من أجود أنواع الشعر، وبالنسبة لي لم أتقصد كتابة أغنية لأحد إنما كتبت الشعر ووجد الملحنون والمطربون أنه يصلح للغناء، حتى إن بعض القصائد أداها أكثر من شخص دون أن أدري، فمثلاً قصيدة "يما صباح العافية" غناها الفنان "جمال الدوير" في "دير الزور"، وغناها الفنان الكبير "فؤاد سالم" في العراق، كما غناها الفنان "فتحي كحلول" في ليبيا وغنتها فرقة فلسطينية على مسرح "تدمر" على مسمع مني دون أن يعرفوا أنها لي».

الشاعر راتب سكر

أما عضو جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب الشاعر الدكتور "راتب سكر"، فوصف تجربة الشاعر والإعلامي "عبد الناصر الحمد" قائلاً: «قدم الشاعر "عبد الناصر الحمد" تجربةً شعريةً مميزة، تراكمت عبر نشر عدد من المجموعات الشعرية للكبار والأطفال، وسرعان ما اجتهد في مضمار الشعر المكتوب باللهجة العامية، وهو ما أدخل تجربته في حوارِ ساخنِ في مواجهة الشعراء الرافضين للنشر بالعامية، ولكن تجربته وعزمه واستمراره هو ما حقق له هذه الشهرة الواسعة».

أما عن قصيدة "عشرين عام" فيضيف: «تميزت هذه القصيدة بأنها لم تتخلَ عما يتصف به الشعر الفصيح من تقانة فنية، إضافةً إلى استلهام الثقافات العربية والعالمية الملاحظ فيها من خلال تجسيده لرحلة الفارس الإغريقي الشهير "أوديسيوس" الطويلة، في أوديسا "هوميروس" إلى المشاركة في حرب طروادة ثم العودة إلى مملكته "إيساجا" حيث تنتظره زوجته "بين لوبي"، حيث عبر عن تلك الرحلة الطويلة بقوله:

"عشرين عام مضى

وأنت اللي ناسينا".

هذه القصيدة التي غناها الفنان العراقي "سعدون جابر" ولا تزال أصداؤها حتى يومنا هذا، و"عشرين عام" ليس لها ما يسوغها فكرياً ووجدانياً وفنياً إلا إذا ربطت بملحمة ذاك الفارس الإغريقي».

يذكر أن، الأديب والشاعر "عبد الناصر الحمد" من مواليد محافظة "دير الزور" وحائز على إجازة في الآداب قسم العلوم الاجتماعية، ودبلوم في التأهيل التربوي، وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب، وعضو في اتحاد الصحفيين وفي جمعية أدب الأطفال، كما عمل كمدير للتحرير في العديد من المجلات والجرائد العربية وكان مديراً لقناة فضائية.

أصدر ثمانية أعمال مطبوعة أهمها: "معجم صفات النساء"، "ملائكة من ورق"، وغيرها من الأعمال التي تنوعت بين العامية والفصحى فكانت علامةً فارقةً في الكتابات الشعرية الحديثة في "سورية".