على الرغم من المناصب والمغريات التي وضعت بين يديه في الغربة؛ إلا أنه اتخذ قرار العودة لمدينته ومسقط رأسه "دير الزور" سعياً منه لخدمة بلده وأهله من خلال اختصاصه؛ إنه الدكتور "عبد الكريم الشيخ الخفاجي".

كانت مقولته: «الحمد لله جئت لأخدم مدينتي لأن مهنتي وضميري وما أحمل من قيم حتمت علي العودة لبلدي ورد الجميل لمدينتي الغالية "دير الزور"».

الحمد لله جئت لأخدم مدينتي لأن مهنتي وضميري وما أحمل من قيم حتمت علي العودة لبلدي ورد الجميل لمدينتي الغالية "دير الزور"

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 كانون الأول 2014، تواصلت مع المهندس "غسان الشيخ الخفاجي" ليحدثنا في البداية عن حياة الدكتور والعالم "عبد الكريم الشيخ الخفاجي" بالقول: «ذكي، مثقف، عالم، وأديب، ووطني جميع هذه الخصال اجتمعت بالدكتور "عبد الكريم الخفاجي" فهو ابن محافظة "دير الزور"، درس الابتدائية في مدرسة يوسف العظمة والمتوسطة والثانوية في ثانوية الفرات، وحصل على البكالوريا (الثانوية العامة) الفرع العلمي عام 1958-1959، وكان من أوائل دفعته، وانتسب إلى كلية الطب في جامعة "دمشق" قي نفس العام، ونجح في انتخابات اتحاد الطلبة ليتسلم مكتب الثقافة في الاتحاد وممثلاً لكلية الطب، وعند حدوث الانفصال بين مصر وسورية 1961 غادر البلد ليتابع دراسة الطب في جامعة استانبول بتركيا، ولوطنيته وحبه لبلاده انتخب رئيساً لرابطة الطلاب العرب في تركيا ومقرها جامعة "استانبول"، ولجرأته في مناصرة الحق وقضايا أمته العربية ورجاحة عقله ومخزونه الثقافي والمعرفي وسعة اطلاعه انتخب عدة مرات من قبل الطلبة العرب ليكون ممثلاً عنهم ورئيساً لرابطتهم وبقي في هذا المنصب حتى تخرجه، ليكمل بعدها دراسته العليا والتخصص في ألمانيا الغربية ليحصل على لقب دكتور وأستاذ».

ويتابع: «عمل في عدة مستشفيات في مدن ألمانيا، وكان من الأطباء والجراحين الماهرين، رفض الجنسية الألمانية واكتفى بالإقامة وأعطوه كافة ميزات الجنسية الألمانية لتفانيه بعمله وبراعته وحدة ذكائه، ومنها رئاسة قسم تخصصه ومدير للمستشفى ومحاضر وممثل في الندوات والمؤتمرات العلمية ضمن اختصاصه سواء داخل ألمانيا أو خارجها، كما أشرف على تخصصات الطب للعديد من الأجانب والعرب ومنهم الدكتور "محمد الشامي".

لكن آثار الحزن في عينيه والشوق لبلده وخدمة مدينته ووصية أمه "يا ابني أريدك قربي"، ففي عام 1985 جعلوه يقرر العودة لبلاده فاشترى بشارع "التكايا" فوق استوديو الصداقة عقاراً في الطابق الأول مؤلف من ثماني غرف وصالونين كخطوة أولى ريثما يجهز عيادته، ليشتري بعدها على نهر الفرات أرضاً لإقامة مستشفى».

المهندس غسان الخفاجي

وعن وفاته يضيف: «بعد شرائه للعيادة والمستشفى المصغر عاد إلى ألمانيا ليستكمل شراء ما يلزم من معدات حديثة وأجهزة، وأخذ إجازة من مكان عمله لمدة عام، ولكن وصلتنا رسالة من ألمانيا أن الدكتور "عبد الكريم الشيخ الخفاجي" توفي بظروف غامضة بعد مغادرته المستشفى بقليل وذلك في صيف عام 1987، وشيع ودفن في ألمانيا بمقبرة المسلمين وتولى الصلاة عليه إمام جامع المدينة وهو من أصل تركي، كما أن بطاقة النقود لم توجد بحوزته ورصيده صفر؛ علماً أن رمزها كان يقول: "بصمة صوته لا يمكن لأحد أن يخترقها أو يستفيد منها أحد حتى لو فقدها"».

وعن إنجازاته وعلاقته بأصدقائه وأبناء جيله يضيف: «كان من أصدقائه وأبناء جيله "الشاعر فاضل سفان، والكاتب عبد المحسن كنعان، والدكتور هشام وكاع، والدكتور عبد المنعم شهاب، وعبد الإله علوان، وجعفر فنوش، جابر عكله، والصيدلي كمال السفان"، كما التقى الرئيس "جمال عبد الناصر"، له عدة أبحاث مسجلة في مكان عمله بألمانيا والعمليات التي قام بها وأسماء أصحابها، كما أنه أشرف على العديد من أصحاب التخصص العرب والأجانب، وله سيرة علمية وسيرة أدبية ووطنية في مرحلة الخمسينيات، وهناك قصائد شعر متبادلة مع أصدقائه، ومنهم الشاعر "فاضل سفان" والكاتب "عبد المحسن كنعان"».

كما حدثنا مدرس اللغة العربية "حيدر العليوي" قائلاً: «يعد الدكتور "عبد الكريم الشيخ خفاجي" من الشخصيات التي حملت خلال مسيرتها وترحالها العديد من الخصال المميزة؛ التي جعلت منه شخصية اجتماعية وعلمية ووطنية بامتياز، فكان همه الأكبر كيف يضع خبرته وتجربته وعلمه في خدمة بلده وذلك من خلال اختصاصه تاركاً مناصبه وجميع المغريات التي قدمت له سعياً منه لرد الجميل ووفاءً لأهل مدينته، كما كان له العديد من المقالات المميزة في عدد من الدوريات سواء داخل البلد أو خارجها، ومنها مجلة صوت الفرات والثقافة والصداقة والفجر والمجلات المدرسية».

الجدير بالذكر، أن الدكتور "عبد الكريم الشيخ الخفاجي" من مواليد "دير الزور" 1939، وتوفي في ألمانيا عام 1987 ودفن فيها.