"حلاوة المحيا" هي إحدى الحلويات الموسمية والتي تخص مدينة "حماه" تحديداً وبعض القرى المجاورة، وهي خير مثال كيف يمكن أن يصنع الإنسان بعض الأشياء التي تقرب بينه وبين أخيه الإنسان.

وتبدأ محلات الحلويات عادة تجهيز هذا الصنف في بداية شهر شعبان، إلا أن بيعه لا يبدأ حتى الثالث عشر أو الرابع عشر من شعبان ويستمر حتى الخامس والعشرين منه تقريباً.

تشحن في شهر شعبان كميات كبيرة من "حلاوة المحيا"، يأتي الزبائن إلينا وكل يد من يديه تحوي على عدة أكياس يرسل كل كيس منها إلى محافظة ما، وهكذا فإننا نعرف أن لدينا ضغط عمل في هذا الوقت من السنة، كما أن أغلب الناس ترسل الحلويات إلى أقربائها

والعادة الشعبية تقول أن على الذكور زيارة أخواتهم الإناث المتزوجات في نصف شعبان أو بعده بأيام قليلة، وعليهم أن يرافقوا في زيارتهم هذه "حلاوة المحيا"، أما الأخت التي تكون في محافظة ثانية أو في دولة أخرى، فيقوم أفراد عائلتها بإرسال الحلاوة لها عبر وسائل الشحن التي باتت متوافرة الآن.

حلاوة المحيا.. الصنف الأساسي

السيد "حماد العلي" يعمل في إحدى شركات الشحن حدثنا قائلاً: «تشحن في شهر شعبان كميات كبيرة من "حلاوة المحيا"، يأتي الزبائن إلينا وكل يد من يديه تحوي على عدة أكياس يرسل كل كيس منها إلى محافظة ما، وهكذا فإننا نعرف أن لدينا ضغط عمل في هذا الوقت من السنة، كما أن أغلب الناس ترسل الحلويات إلى أقربائها».

و"حلاوة المحيا" ليست صنفاً واحداً، فهي عبارة عن عدة أنواع من الحلويات منها "الغريبة، البشمينا، المحشية" وهي كلها حلويات مشتقة من الصنف الأساسي والذي لم يعد هو المتداول وهو صنف "حلاوة المحيا" ذو اللون الأحمر.

السيد جهاد عربش بجانب "الغريبة"

موقع eHama زار محل السيد "محمد عيد" في "شارع الصابونية" في 20/8/2008 وسأله عن طريقة صنع هذه الحلويات وعن موادها الأولية فأجاب: «مكونات هذه الحلويات بسيطة جداً، فهي تتألف من ثلاث مواد أولية أو أربعة في بعض الأحيان، هي الطحين والسمنة والسكر، كما أن طريقة صنعها بسيطة، هناك بعض الأصناف التي تصنع يدوياً مثل "الغريبة" و"المحيا"، وبعض الأصناف الأخرى تحتاج إلى مكنات لتصنيعها مثل "البشمينا"، نحن نتفرغ لبيعها خلال النصف الثاني من شهر شعبان، والناس هنا في "حماه" يقبلون عليها بكثرة». لعلها "حلاوة المحيا" خير مثال كيف يمكن أن تختلط العادات الاجتماعية بالتقاليد الدينية، فقد توجهنا إلى العديد من أصحاب محلات الحلويات، وسألناهم عن سبب الاحتفال بنصف شعبان، لكننا لم نحصل على إجابة، جميع من سألناهم ارتبكوا.

فتوجهنا إلى السيد "عثمان آغا" (رجل دين) وسألناه عن سبب الاحتفال بنصف شعبان، وهل هي من خصوصيات مدينة "حماه" فقال: «كل ما جاء عن نصف شعبان في الروايات الإسلامية هي روايات وأحاديث ضعيفة، ولكن يقال أن تبديل القبلة من "القدس" إلى "مكة" حدث في نصف شعبان، كما أن معجزة انقسام القمر إلى نصفين كانت أيضا في منتصف شعبان، غير أن الإحتفال بنصف شعبان يدخل في إطار التقاليد الاجتماعية في "حماه" ولا يعد تقليداً دينياً، وهي من الأمور الجيدة التي تزيد من زيارة الأرحام».

حين تتجول في مدينة "حماه" وترى الزينة في الشوارع وأمام محلات الحلويات، فإنك تعرف أن لهذه المدينة بعض الخصوصيات التي تميزها والتي أخذت تمتد إلى مدينتي "إدلب" و"حمص"، وكيف أن العادة الحسنة هي التي تنتشر.