الماء هو الحياة، وما هطل من أمطار حتى اليوم يعد بسنة مطرية جيدة، نظرة على تاريخ الأمطار في نصف قرن.

موقع eSyria بتاريخ 12/12/2011 يلقي الضوء على بعض الآراء والخبرات لمعرفة ما يمكن أن تنطق به هذه السنة المطرية من خير للجميع.

الهطولات المطرية حتى الآن تبشر بسنة زراعية خيّرة، ونحن بأمسّ الحاجة لمثلها، فالأمطار الكثيرة تفيدنا لمواسم قادمة

البداية المطرية كانت مبشرة يقول المزارع "هزاع رزوق" من مزرعة "البجّة" هذه المنطقة التي أخذت اسمها هذا لكثرة ما تفجر فيها من ينابيع مياه فيما مضى من سنوات الخير، يكمل: «الهطولات المطرية حتى الآن تبشر بسنة زراعية خيّرة، ونحن بأمسّ الحاجة لمثلها، فالأمطار الكثيرة تفيدنا لمواسم قادمة».

د. "محمد الدبيات"

الدكتور الجغرافي "محمد صادق الدبيات" وفي دراسة حول معدلات الأمطار في منطقة "سلمية" التي تمتد على مساحة تزيد على خمسة آلاف كيلو متر مربع، تحدث عن الأمطار في هذه المنطقة، فقال: «سلمية عاصمة المنطقة شبه الجافة في سورية الوسطى، وهي منطقة تقل أمطارها عن 300 مم سنوياً وتزيد على 200 مم والتي اعتمدت لتصنيف البادية، ويبلغ معدل الأمطار السنوي في مدينة سلمية 300 مم تقريباً، وقد مال إلى الانخفاض في السنوات العشر الأخيرة ليبلغ 298 مم».

والسبب برأيه أن مشكلة المناطق شبه الجافة في أن سكانها رضعوا الأمل وعاشوا عليه، وتابع قائلاً: «هم يتوقعون دوماً أن تكون السماء كريمة معهم فلا يتوقفون أبداً عن زراعة أرضهم، حتى إنهم يخافون أن يتركوها بوراً لترتاح فتأتي السنة جيدة وتكون خسارة لهم، كما أنهم لم يتعلقوا كثيراً بالعمل الزراعي، فاتجهوا نحو التعلم الذي قادهم إلى العمل الوظيفي أو إلى الهجرة الداخلية منها والخارجية».

نسبة الأمطار بين عامي 1946-2011

ويرى الدكتور "محمد" أن الزراعة في منطقة سلمية هي زراعة اليانصيب بامتياز، مضيفاً: «كل العيون تتجه إلى السماء، حتى عيون تجار المدينة، لأن الريف هو الذي يرسل النسبة الكبرى من المتسوقين إلى المدينة، مزارعين كانوا أم مربي ماشية».

وكما يرى الجميع أن المطر نعمة لا تضاهيها نعمة كذلك يضيف قائلاً: «نعم المطر هو مصدر الاستقرار والارتباط بالأرض، الإنسان لا يهجر المناطق شبه الجافة حالياً لأنه يعرف أن هناك سنوات جيدة وأخرى عجاف، ومنذ عام 2003 تعيش المنطقة فترة من الجفاف انعكست آثارها السلبية على المياه الجوفية وعلى الإنتاج الزراعي ولاسيما فيما يخص المحاصيل البعلية مثل "الشعير"، لقد امتدت هذه الفترة شبه الجافة ويعرفها العامة باسم "سنين المِحَنْ" منذ عام 2003 وحتى اليوم».

أمطار غزيرة

ويتابع: «صحيح أن بعض السنوات التي يكون فيها توزع الأمطار الشهرية متوازناً تعطي محصولاً مقبولاً، كالعام الفائت والذي وصلت فيه كمية الهطولات إلى /276/ مم، ولكنه لم يكن عاماً جيداً فيما يخص تغذية المياه الجوفية، التي لا يضر نقصها بالزراعة فقط، ولكن أيضاً بموارد مياه الشرب في التجمعات السكانية التي تعتمد على الآبار في تأمين حاجتها من المياه المنزلية».

وتشير هذه السنة المطرية إلى بداية جيدة يأملها الجميع بأن تكون معطاءة، وهنا يقول: «لقد هطل حتى تاريخ اليوم 12/12/2011 حوالي 77 مم تقريباً، بحسب محطة أرصاد سلمية، وقد تزيد على 100 مم في بعض أنحاء المنطقة. ومما يبشر بالخير هو أنه لدى إلقائنا نظرة على الأمطار الشهرية في الفترة الممتدة بين عامي 1946-2011 لاحظنا أن السنوات التي كان مجموع ما هطل فيها من أمطار يزيد على 70 مم حتى نهاية تشرين الثاني كانت كلها سنوات جيدة كما يدل على ذلك المعطيات التالية: /1953-1954/ 461 مم، /1961-1962/ 502 مم ،/1967-1968/577 مم، /1976-1977/397مم ، /1979-1980/513مم، /1987-1988/598مم، /1994- 1995/ 373مم، وأخيرا عام / 2004- 2005/ 334مم».

وحول أهمية الانتباه لكل قطرة ماء وأين يمكن الاستفادة منها، والابتعاد عن الهدر المبتذل، قال الدكتور "محمد الدبيات": «ما نرجوه أن يعي الجميع أهمية تنظيم استعمال المياه، وأن مستقبل الأجيال القادمة يعتمد على إدارتنا الجيدة لمواردنا المائية ولاسيما من خلال استعمال طرق الري الحديثة "التنقيط"، ففي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين استهلكنا مياهنا الجوفية التي لم تعد لسابق عهدها في فترة ازدهار زراعة القطن في منطقة سلمية بين /1950-1970/ أبداً. توقفنا بعقلانية عن زراعة القطن، فغزت زراعة الزيتون المنطقة، صحيح أنها لا تحتاج الآن لكميات من المياه كالقطن، لكن الشجرة ستكبر وستزداد حاجتها للماء».

وفي الختام يؤكد أهمية البحث عن التوازن بين المردود وكمية المياه القادرين على تقديمها للشجرة، فلقد عرفت المنطقة الكثير من موجات الهجرات السكانية، بسب الجفاف في غالب الأحيان فدعونا لا ندفع الأشجار لهجرتها أيضاً.