كاتب وشاعر مؤلف وتربوي، أحب الطبيعة وكانت ملهمة كتاباته، قدم الكثير من المؤلفات في الشعر والشرح والتراث الأدبي، وله حضوره بين النخب المثقفة، إنه الدكتور "رضا بلال رجب" صاحب عدة دواوين شعرية وكتب مختلفة.

قال فيه الشاعر "توفيق أحمد": «"رضا رجب" من الأسماء القليلة التي تعتبر من أهم الشعراء العرب، أنجز حتى وفاته العديد من الدواوين الشعرية، والكتب في تحقيق الذات، قال عنه الدكتور "عبد العزير المقالح" رئيس جامعة اليمن سابقاً: "ما أحد أنصف "المتنبي" منذ "ابن جني"، أي أكثر من 1000 عام وحتى الآن إلا "رضا رجب"، لأنه حقق كتاب "الفسر" لـ"ابن جني"، الذي هو شرح لشعر "المتنبي"، كما حقق كتاباً آخر بعنوان "قشر الفسر".

شارك في عددٍ كبيرٍ من المهرجانات الشعرية داخل القطر وفي الأقطار العربية والأجنبية، وله مشاركات في عددٍ من الندوات الفكرية والأكاديمية داخل القطر وفي عدد من الأقطار العربية

هو شاعر كلاسيكي يضمّن المعاصرة في شعره العمودي، يقبض على اللغة وأدواتها بيسر وسهولة، قارئه يشعر مباشرة بأنه على دراية واسعة وعميقة بالتراث الأدبي العربي، من صفاته التدفق في كتابة الشعر بسبب الموهبة الواضحة، وهو مزاجي كأي مبدع، يغضب ويفرح كالأطفال، صادق في أقواله، كنا نقول عنه: إنه يتقمص شخصية المتنبي».

خلال إحدى مشاركاته

مدونة وطن "eSyria" حاورت بتاريخ 4 نيسان 2014 نجله الدكتور الصيدلاني "عامر رجب"، فتحدث عنه بالقول: «في قرية "عناب" بمحافظة "حماة" ولد "رضا بلال رجب" في 25 آذار 1952، كان هو والأطفال يذهبون على الأقدام، ليتجاوزوا قمّة جبل "اللاذقية" الشّاهقة، ويصلوا إلى مدرسة الجوبة الدّاخليّة "جوبة برغال"، حيث أتمَّ دراسته الإعداديّة، انتقل بعدها إلى مدرسة مصياف، ليتم دراسته الثانويّة، شابّاً عركته الحياة، تركت "مصياف" وهي البيئة الجميلة أثرها البعيد في نفس الشّاب الطّموح وظلَّ يحبّها ويكتب الشّعر عنها حتّى آخر أيّامه، بدأ التّدريس وهو مازال طالباً يدرس اللغة العربية في جامعة دمشق، درّس أجيالاً عديدة في مدارس القرى المجاورة لـ"عنّاب"، وصار مديراً لبعضها، حصل على الإجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق 1974، تابع تحصيله العلمي وحصل على درجة الماجستير 1996، ثمَّ الدّكتوراه في اللغة العربية وآدابها من جامعة دمشق عام 2001، درّس في جامعة البعث تاركاً في نفوس طلّابه أثراً طيباً».

ويتابع: «كان سياسيّاً من الدّرجة الأولى يتابع كلَّ ما يجري حوله بعين المحلل الخبير، له رأيٌ في كلِّ شيء ويكتبه قصيدةً غالباً ما تكون رؤىً وتوقّعات تثبت الأيام صحّتها وصحّة رأيه فيها، بيتنا لم يفرغ يوماً ممن يطلب رأيه أو مساعدته، كان خير المعين للجميع، كريماً صادقاً وفيّاً، كان حادَّ الطّبع لا يقبل الأمور إلّا في نصابها ولا يحتمل المراوغة أو المجاملة، وفي ذات الوقت كان عنده من النّكتة وحسن الأسلوب والدّماثة ما يزيّن كلَّ مجلس، يكره الغدر وقلّة الوفاء، ولا يحبُّ شيئاً لثمنه المادّي، فعنده ديوان شعرٍ قديم أو نسخةٌ فريدة من مخطوطةٍ قيّمة بكلِّ كنوز الأرض، أصدقاؤه ومحبّوه كثر فهم اختبروه وخبروه، وعرفوا قيمته فوضعوه حيث يستحق، كما كان له بين النخبة المثقّفة حضوره وقدره».

من بعض أعماله

ويكمل عن حبه للأدب والشعر قائلاً: «كل هذا لم يشغله عن هاجس الشعر حيث استهواه منذ الصغر، فقد كان البيت الّذي تربى فيه والدي بيت تقى ودين وأدب، كان حاله حال الآخرين فقراء يعيشون في الجّبال على أبسط مقوّمات الحياة، لكنه كان منفتحاً على الحياة بشكلٍ مبكّر، حتّى قرّر أن يدرس ويتعلّم على الرّغم من صعوبة الظّروف، كانت "عنّاب" ملهمته الأولى فأوّل كتاباته كانت عن جمالها وحسن صباياها، وقصص العشق فيها ومرارة الفقر الّذي لم ينتزع الحلاوة والطّيبة من قلوب ساكنيها، وإن كنت سأردُّ لأحدٍ الفضل في تكوّن شخصيّة والدي الأدبية والنفسيّة والاجتماعيّة فهو لقريته "عنّاب" بكلِّ مكوّناتها، كانت حياته مكرّسةً للأدب والفكر بكلِّ معنى الكلمة، ليس في وقته بقيّةٌ لشيء آخر، إن جلس يأكل فالكتاب بجواره، وإن جلس ليحضر التّلفاز فالورقة والقلم بيده، وإن أراد النّوم فيغفو والكتاب فوق صدره، حتّى والمرض يشتدُّ عليه لم يتوقّف عن الكتابة، وأخرج ثلاثة دواوين شعر وهو يصارع الموت حتّى إنّه توفّي قبل أن ينشر كلَّ ما كتب، فبين يديَّ ما يقارب أربعة دواوين شعرٍ له أنتظر الوقت المناسب لنشرها، وأكثر من ذلك في مجال الشّرح وتحقيق تراثنا الأدبي، كما ترك مكتبة ضخمة فيها من كلِّ علوم الأدب».

أما حول نتاجه الأدبي فقال: «ترك العديد من نتاجه المطبوع ففي الشعر له "27" ديواناً مطبوعاً، نذكر منها: "في ظلال السنديان، محكوم بالحب، كتاب تشرين، لأني أحبك، جنون العشق"، وفي النثر له "13" مؤلفاً نذكر منها: "ديوان التلعفري، ابن النبيه، الأزمنة والأمكنة للمرزوقي، كشف اللثام عن التورية والاستخدام لابن حجة الحموي"».

من إحدى مشاركاته

وعن مشاركاته الأدبية أضاف: «شارك في عددٍ كبيرٍ من المهرجانات الشعرية داخل القطر وفي الأقطار العربية والأجنبية، وله مشاركات في عددٍ من الندوات الفكرية والأكاديمية داخل القطر وفي عدد من الأقطار العربية».

أما أهم الجوائز التي حصل عليها في الإبداع والكتابة فهي: «جائزة الباسل الأولى 1995، جائزة "الشيخ زايد" الإمارات 2003، جائزة "باشراحيل" القاهرة 2004، جائزة "البردة" الإمارات 2005، جائزة "البابطين"، "الكويت" 2006.

وعن علاقته بنا يمكنني القول: كان دائم الحنين إلينا بسبب كثرة مشاغله وقلّة وجوده معنا، فنحن الأطفال الذين لم نكبر بعد، فائض الحبِّ غمرنا به غمراً، أثّر فينا جميعاً إلى أبعد الحدود، هو المثل والقدوة والمرجع. ويمكنني القول: إنَّ آراءه الكثيرة وتوجيهاته التي كان يزوّدنا بها ساعدتنا كثيراً على الاستمرار بعده، بالنّسبة لي مازلت أشعر بأنّه هو من يدير حياتي، وقبل القيام بأيّ خطوة أسأل نفسي هل كان سيوافق على ذلك أم لا؟».

  • يذكر أن الدكتور "رضا بلال رجب" كلف بعضوية المكتب التنفيذي في محافظة "حماة"، ومنها مديراً لتربية حماة لمدّة عشر سنوات 1986-1996، شغل منصب رئيس فرع حماة لاتّحاد الكتّاب العرب، وكان عضواً باتحاد الكتاب العرب بدمشق منذ 1975، رحل إلى الديار السماوية صباح 15 آب 2013 عن عمر ناهز 61 عاماً، قضاها في العمل الثقافي والإبداعي، وقدم عصارة فكره خدمة للأجيال.
  • من بعض ما كتب:

    "اللهَ يا شجرَ الماضي أتذكرُ كمْ

    كنَّا نعابثُ في أغصانِكَ الثَّمرا؟

    على شفاهِ الأماني ما يزالُ لنا

    نهرٌ كأنْ بردى في ضفَّتيهِ جرى

    آهٍ على الأمسِ.. آهٍ أستعيدُ بها

    ما يستعيدُ منَ الأقداحِ من سكرا"

    وكتب أيضاً:

    "صباحُ الخيرِ سيِّدتي، فإنِّي

    أعودُ إليكِ كالقمرِ الحزينِ

    سأُلقي كلَّ آلامي بعيداً

    وأرسو فوقَ مملكةِ الجنونِ

    أحبُّكِ لستُ أسألُ كم طقوسٍ

    سأعبرُها.. وأهدمُ من حصونِ

    على كتفيكِ أشعاري تدلَّتْ

    فهل يُرضيكِ عطرُ الياسمينِ؟".