بأفكار وصور مستوحاة من بيئة بلدته "محردة"، استطاع الفنان التشكيلي "حبيب نجّار" إحياء التراث، وحفظه في لوحات ومنحوتات شكّلت حضارة البلدة؛ معتمداً المواد المنوعة، ومتميزاً بفنّ الأيقونة.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 12 آذار 2018، مع الفنان "حبيب نجّار"، فتحدث عن نشأته وبداياته الفنيّة قائلاً: «تربيت في أسرة متواضعة تعمل لتأمين مصدر دخلها، وتعلمت في مدارس "محردة"، وبرزت موهبتي الفنية منذ الصغر، وأذكر حين كنت أرسم على دفتر الرسم والكرتون أقوم بتعليق رسوماتي على جدران المنزل، فتقوم أمي بإزالتها في اليوم الثاني أثناء التنظيف، ومن الصعوبات أيضاً عدم قدرتي على شراء الألوان المائية؛ فكنت أستعين بكأس الماء وألواني الخشبية وأمزجهما لأرسم بألوان تقارب المائية.

أهم ما يلفت الانتباه في تجربته الفنية البحث الدائم، والتجريب المستمر في عالم اللوحة وتقنيتها، حيث يغوص في تقديم كل ما هو جديد لاكتشافه وتقديمه بطرح جديد. استخدم خامات عدّة في منحوتاته، وقدمها لنا بجمالية خاصة، مستوحياً أفكاره ومواضيعه من بيئته المحلية، فأمعن في تراث مدينته "محردة"، وعالج لوحته ضمن تقطيعات وتقسيمات لونية متداخلة العناصر والمفردات توزعت على أجزاء اللوحة بإحساس لوني حميمي دافئ

اكتشف المدرسون موهبتي الفنية في المرحلة الإعدادية، وشاركت بمعارض المدرسة، حيث كانت تتطور لوحاتي في كل مرة. نوّعت في فنّي وجرّبت كل أنواع الفن التشكيلي، لم أتبع نمطاً محدداً، ثم قمت ببعض الدورات لصقل تجربتي في مجالي الفنون التطبيقية والنحت، ودرست بعد نجاحي بالبكالوريا معهد إعداد مدرسين، قسم الرسم في "حلب" عام 1982، الذي بلور تجربتي وجعلها في مرحلة متقدمة، كما علّمت في "حماة" لمدة أربعة عشر عاماً مادة الأعمال اليدوية والنجارة والنسيج».

من أعماله

التراث والحياة القديمة في مدينته ساهمت بإنتاج وإبداع "حبيب نجّار" الفنّي، فيقول: «استهوتني الحارات القديمة في "محردة" التي شهدت حياة وعادات وتقاليد الناس فيها، وأحييتها من خلال أعمالي الفنية ولباس الناس وزي المرأة، حيث وثّقت كل ذلك في لوحاتي ومنحوتاتي، وكانت مصدراً لأعمالي، وعشقاً لا ينتهي.

وقد غلبت الواقعية على فنّي، واستخدمت خامات عدة، وقمت بتنفيذ أعمال متنوعة، منها نحت الحجر والرخام والخشب، وبخ الرمل على الزجاج والمرايا، وتعتيق الجبصين والرسم، وغيرها. ولم أكتفِ بذلك، بل قمت بخلق الفنّ من الأشياء والمواد التالفة، وكان لبقايا الصحف والمجلات والكرتون مساحة كبيرة في لوحاتي وتشكيلاتي الفنية، حيث أقوم بإنجاز لوحتي من بقايا ورق المجلات من دون أن أستخدم مقصاً أو آلة في تقطيعها بشكل متناسق، وأعتمد على يدي ونظرتي إلى القطعة».

تشكيل بالكرتون

وعن المحطات التي يعتز بها، أضاف: «هناك الكثير من المحطات الجميلة التي تترك انطباعاً لا يمحى من الذاكرة، خاصة تلك المشاركات في المعارض، لكن ما أحبه هو الحياة في بلدتي "محردة" التي ساعدتني في إقامة معرض كاريكاتور عام 1988؛ تناولت فيه الحياة العامة من كافة الجوانب بطريقة نقدية هادفة، وألقيت الضوء من خلاله على أهم ما يلامس مجتمعنا في تلك المرحلة. المحطة المميزة في مسيرتي الفنية هي رسم الأيقونات بالأسلوب البيزنطي، ويبلغ عددها 45 أيقونة موزعة على كنائس البلدة وخارجها، مرسومة ومطرزة بطريقة فنيّة ودقة فائقة، والشيء الجميل أن تخلق عملاً فنياً من أشياء وبقايا تالفة، فأساس الفنّ الموهبة والابتكار».

الفنان التشكيلي والضوئي "غيث العبد الله" المؤرخ لتراث مدينته "السقيلبية"، تحدث عن تجربة الفنان "نجار" قائلاً: «أهم ما يلفت الانتباه في تجربته الفنية البحث الدائم، والتجريب المستمر في عالم اللوحة وتقنيتها، حيث يغوص في تقديم كل ما هو جديد لاكتشافه وتقديمه بطرح جديد.

الفنان غيث العبد الله

استخدم خامات عدّة في منحوتاته، وقدمها لنا بجمالية خاصة، مستوحياً أفكاره ومواضيعه من بيئته المحلية، فأمعن في تراث مدينته "محردة"، وعالج لوحته ضمن تقطيعات وتقسيمات لونية متداخلة العناصر والمفردات توزعت على أجزاء اللوحة بإحساس لوني حميمي دافئ».

يُذكر أن الفنان "حبيب نجّار" من مواليد بلدة "محردة" عام 1961، وشارك بمعرض فردي في عام 1982، ومعارض جماعية ضمن نقابة الفنانين، ومعرض كاريكاتور ومعرض متجول في محافظات عديدة.