جمع "علي محمد الحسون الباكير" بين الهواية والخبرة الأكاديمية، فاخترع كفاً اصطناعياً انطلاقاً من واجبه الإنساني، وبمميزات تضاهي الأجهزة المستوردة وتكلفة قليلة، ليستفيد منها من تعرض لبتر الكف أو الساعد أو يعاني الشلل بأصابع اليد أو مشكلة بنمو الأصابع، ويتمكن من ممارسة حياته الطبيعية.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 1 تموز 2018 مع الطالب "علي الباكير" من قسم الهندسة الطبية بجامعة "تشرين" ليحدثنا عن اختراعه، فقال: «اكتشف والدي موهبتي بعمر صغير، وشجعني كثيراً، حيث كنت مولعاً بتصليح الأجهزة الكهربائية، كما استفدت من مخلفات الألعاب بإعادة تشكيلها من جديد وتشغيلها. وأول اختراعاتي روبوت يتم التحكم به لا سلكياً، ويقوم بالتقاط الأشياء والسير بها. وفي المرحلة الثانوية استشهد أخي، فتأثرت دراستي واضطررت لإعادة السنة الدراسية، فحصلت على علامات تؤهلني لدخول أي فرع طبي، وكان حلم والدي أن أصبح طبيب أسنان، لكن لم تكن رغبتي الأولى؛ فقد كنت أتمنى أن أدخل الهندسة المعلوماتية، وعندما سمعت بكلية الهندسة الطبية التي تمكنني من الدمج بين موهبتي ودراستي الأكاديمية غيرت رأيي؛ واستطعت تغيير رأي والدي الذي كان يؤمن بداخله بأنني مهندس أكثر من طبيب».

نتيجة سقوط قذيفة هاون بالقرب مني فقدت أصابعي الخمسة، ومنذ خمس سنوات وأنا أبحث عن حل لمساعدتي لأتمكن من العيش بطريقة طبيعية ومن دون مساعدة أحد، إلى أن تعرّفت إلى المهندس "علي الباكير" واختبرت الجهاز الذي اخترعه، والذي عوضني عن اليد الحقيقية ومن دون أدنى إزعاج، وأناشد وزارة الصحة أن تتبنى الجهاز؛ فالكثيرون لديهم ذات الحالة

وعن فكرة المشروع، قال: «فكرة مساعدة الناس كانت تلحّ عليّ دائماً، خاصة في هذه الظروف، فما أحوجنا إلى اختراع يساعد من تعرض لإصابة وخسر جزءاً من جسده وهو يدافع عنا. وأتت الفكرة وحدها، حيث شاهدت حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية، وتبين أن صاحب الدراجة النارية فقد كفه بانفجار عبوة ناسفة وهو يدافع عن الوطن، وكان يقدم اعتذاره: (لولا إصابتي لما حصل الحادث)، وهنا قررت اختراع كف اصطناعي يعمل عن طريق الإشارات الضوئية، وقدم والدي نصيحة أن يكون سعره مقبولاً لتقدم اختراعاً يفيد الإنسانية بتكاليف قليلة».

مفيدة زيدان إحدى المستفيدات من الاختراع

يعدّ الجهاز الأول من نوعه على مستوى العالم، وحصل بموجبه على براءة اختراع، إذ يمكن تركيبه على اليد بسهولة، وتابع: «مبدأ العمل بسيط؛ إذ يتم تركيب الحساس على عضلة الساعد أو العضلة ذات الرأسين (البايسيبس) وصنع وصلة بقالب حسب شكل البتر، ويركب عليها الكف، ويثبت على المعصم، وعندما يريد المصاب الإمساك بغرض يقوم الحساس بقراءة قساوة العضلة المركب عليها، ويعطي الأمر للأصابع لتتحرك، ثم يطبق الكف الاصطناعي على ذلك الشيء ويمسك به بقدرة عالية، أو يتعامل معه بالطريقة المناسبة. وأضفت ميزات لمساعدة المصاب ليعيش حياة طبيعية بعيداً عن مساعدة الناس له، مثل الإمساك بالقلم والملعقة، حتى إنه يستطيع القيادة، ومن مميزاتها مقاومة جزئية للمياه، ويمكن ارتداء كف من الصوف لنحصل على شكل يشبه اليد الحقيقة والتكلفة قليلة مقارنة باستيراد مثيل له من الخارج».

وأهم نقطة في هذا المشروع أنه عبارة عن نموذج للشرح، يعمل "الباكير" على تطويره لكي يأخذ شكل اليد الحقيقية تماماً، وأضاف: «عندما يتوفر الدعم التقني والمادي المناسب سيصبح الجهاز متوفراً في الصيدليات أو مراكز بيع الأجهزة الطبية بسعر يقارب 50000 ليرة سورية، لنستغني عن الأجهزة المستوردة التي تصل أسعارها من 20 مليون ليرة سورية، إلى 50 مليون ليرة سورية، وقلة قليلة يتمكنون من شرائها. آمل أن ألقى الدعم اللازم من قبل وزارة الصحة لتطوير هذا الاختراع وغيره حتى يصبح متوفراً لكل محتاج».

الكف الاصطناعي

لم تتوقف الفكرة على مشروع تخرج، بل تم تنفيذها وتجريبها، حيث تواصلنا مع "خلدون الحسن" جريح حرب أصيب ببتر الكف الأيمن على مستوى المعصم، وجرب الكف الاصطناعي، وقال: «سمعت مقابلة الشاب "علي" عبر إذاعة صوت الشباب، حيث طلب من وزارة الصحة تبني مشروعه الذي أتقن صناعته وتصميمه ببراعة تامة، ودقة عالية وميزات عالمية وتكلفة قليلة جداً، وقمت بالتواصل معه، والتقينا، وعندما ركبت الجهاز على يدي المبتورة من الكف على مستوى المعصم، ما هي إلا دقائق حتى استخدمته ببراعة وخفة، وهذا نتيجة حركته المريحة وخفة وزنه. ومن ميزاته الحركة السريعة للمفاصل في تنفيذ الأوامر بسرعة عالية ودقة، التي تشبه اليد الحقيقية تماماً، وكمصاب حرب ببتر الكف الأيمن استطعت بهذا الكف الاصطناعي قيادة دراجتي وقيادة السيارة وحمل الأشياء والإطباق عليها بإحكام، كالإمساك بكوب الماء وملعقة الطعام، وارتداء الملابس، وغيرها. الاختراع مشروع متكامل، وما ينقصه هو الغطاء التجميلي ليكون مألوف المنظر فقط».

بدورها "مفيدة زيدان" التي تعرضت إلى بتر أصابعها الخمسة نتيجة سقوط قذيفة هاون بالقرب منها، حدثتنا عن الجهاز الذي اختبرته بنفسها، وقالت: «نتيجة سقوط قذيفة هاون بالقرب مني فقدت أصابعي الخمسة، ومنذ خمس سنوات وأنا أبحث عن حل لمساعدتي لأتمكن من العيش بطريقة طبيعية ومن دون مساعدة أحد، إلى أن تعرّفت إلى المهندس "علي الباكير" واختبرت الجهاز الذي اخترعه، والذي عوضني عن اليد الحقيقية ومن دون أدنى إزعاج، وأناشد وزارة الصحة أن تتبنى الجهاز؛ فالكثيرون لديهم ذات الحالة».

يذكر أن "علي محمد الحسون الباكير" من طلاب الهندسة الطبية السنة الثانية جامعة "تشرين"، ومواليد قرية "الربيعة" التابعة لمحافظة "حماة" عام 1996، وعرض الاختراع بمعرض المشاريع التطبيقية لكلية "الهمك" بجامعة "تشرين"، ونال اهتمام الجميع.