يسعى في قصائده إلى ملامسة المحرمات الفكرية والنفسية والمنطقية في حال من التمرد والمشاكسة الفلسفية، ليجبر بذلك القارئ على استدعاء ملكاته ومفاهيمه للحوار.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 9 شباط 2019، مع الشاعر "علاء زريفة" ليخبرنا عن بوح قصيدته في بداياتها، حيث قال: «بداياتي في عالم القصيدة كانت في سن مبكرة نسبياً؛ تحديداً في سنوات المراهقة، وكانت العلاقة مع المرأة المحرك الأساسي لها، إضافةً إلى محاولة اكتشاف أعماق وجودنا انبثاقاً من الأفكار والواقع المعاش، فالكتابة كحالة تسعفنا في ذلك لإدراك ذواتنا بكافة تجلياتها أياً كانت طبيعتها شعراً أم نثراً، ومهما تعددت أغراضها ومواضيعها طالما تحمل هاجساً إنسانياً لتغيير الواقع المعاش وإسقاط الحلم كنزعة فلسفية عليه، ومهمة الكاتب أن يهدم الأشياء ويعيد إنتاجها وصياغتها وفقاً لأسلوبه الفردي الخاص، ولأنني أكتب من الداخل على الرغم من تأثري الكبير بالبيئة المحيطة بي، إلا أن العالم الذي يولد من كنهه تفردنا وخصوصية وجودنا أروع وأجمل، وفي الكتابة يجب ألا تكون مهادناً؛ لذلك أختار المواضيع الشائكة التي تخلق جدلاً، وعناويني إشكالية، وأنا أشعر بأنني أريد إحراق شيء ما في كل نص».

لدي مجموعة شعرية بعنوان: "المسيح الصغير"، صدرت عن دار "الدراويش" في "بلغاريا"، والثانية: "شوكولا" عن دار "دلمون" في "دمشق"، ومجموعة شعرية مشتركة مع مجموعة من الكتاب العرب صدرت العام الماضي بعنوان: "أنطولوجيا السرد التعبيري" عن مؤسسة "تجديد" العراقية، إضافة إلى كتابات كثيرة في العديد من الصحف العربية والمحلية؛ أبرزها في موقع "الرأي اليوم" و"النهار" و"القدس العربي"

وحول سؤالنا له لمن يكتب، أجاب: «أنا أكتب للتاريخ، وأدافع بضراوة عن إنسانيةٍ بدأت تفقد جزءاً كبيراً من رصيدها المعنوي والمادي، بسبب نمط التسليع والعولمة وعصر السرعة الحالي، وأحاول اختراق المفاهيم والأطر الفكرية الخشبية واللغة الموسومة بالتعصب والانتهاك السافر لأرواحنا الحرة التي فطرنا عليها، وأعدّ نفسي متمرداً صلباً وشاعراً فلسفياً، لذلك اخترت دراسة التاريخ بسبب شغفي في معرفة تاريخ الأفكار والبنية الفكرية التي أسست الوجود الإنساني، نظراً إلى كونه علماً موسوعياً يقدم لدارسه إلماماً في شتى العلوم الإنسانية، وفهماً لصيرورة تطور العقل البشري، لأن الحاضر وليد الماضي، ومن يريد أن يمتلك ناصية المستقبل، يجب أن تكون لديه هذه المعرفة والوعي».

كتاب المسيح الصغير

أما حول القيود والمعوقات في الكتابة، فقال: «الذي يمارس هذه المهنة الشاقة يجب أن يتعامل مع نفسه كمن يسير في حقل ألغام، فالمجتمع خليط من الأفكار والتقاليد التي تعود بجذورها سواءً الما ورائية أو العقلية أو العاطفية إلى سابقين ولاحقين، والكاتب من خلال مهامه أولاً كمثقف يمتلك رؤية خاصة يفكك خلالها هذه البنى والأعمدة الفكرية ويخلخل وجودها، لذلك عليه أن يكون مستعداً لتلقي اللعنات بسرور كما التبريكات، والتضحية بالحياة العادية الرتيبة سعياً وراء فكرة أو مشروع ثقافي يحلم به، وأن يكون شهيد عذاب كما يقول الفيلسوف الألماني "نيتشه"».

أما حول دواوينه ومشاركاته، فقال: «لدي مجموعة شعرية بعنوان: "المسيح الصغير"، صدرت عن دار "الدراويش" في "بلغاريا"، والثانية: "شوكولا" عن دار "دلمون" في "دمشق"، ومجموعة شعرية مشتركة مع مجموعة من الكتاب العرب صدرت العام الماضي بعنوان: "أنطولوجيا السرد التعبيري" عن مؤسسة "تجديد" العراقية، إضافة إلى كتابات كثيرة في العديد من الصحف العربية والمحلية؛ أبرزها في موقع "الرأي اليوم" و"النهار" و"القدس العربي"».

عفراء هدبا

أما حول تأثره بالحرب في "سورية"، فقال: «بحكم وجودي كجندي ومشاركتي بعدة معارك، فقد عاينت عن قرب طبيعة الحرب وتأثيرها العميق في كل تفاصيل الحياة، لذلك كان كتابي الأول "المسيح الصغير"، الذي يعاين تلك المأساة ويحاول أن يطرح فكرة الخلاص العقلانية بعيداً عن الانتماءات المتشظية والصراعات، وهو يناقش الهوية وتشعباتها ككل، يمكن أن يستريح الجميع تحت مظلة الانتماء إلى وطن سوري تعددي علماني واحد، حيث يكون الشهيد هو المخلص أو نقطة الوصول أو التطلع لهذا الوعي الجديد، وهذه مهمتنا اليوم كمثقفين؛ أن نفكك الأطر السابقة ولا ننتمي إلى آيديولوجية أياً كانت، فهي ضيقة، ونكتب للإنسان السوري اليوم كما هو بعيداً عن أي تعريفات تمزيقية، والمطلوب من المثقف أن يكون حراً في عقله، ويلعب دوراً محرضاً للعقل والإنسان».

نقرأ من قصيدة "عقلي الساحر مخلوق نيتشه المُنتظرْ":

كتاب شوكولا

«أتشاجر

مع أبي

أُفسدُ نشوتهُ الأولى

أتقيأُ غثياني العَذبْ

عرشَ الملكوت

أقتلُ حراسهُ الخمسة

أعيدُ لأمي منديل بكارتها

أكابدُ شيطان الفلسفةِ محنتهُ

أرفضُ الرَحِمْ

أخلقُ الماهيةَ من العدمْ

أعلنُ

موت المؤلف

أتشاجرُ

مع الهواء

أنفثهُ رذاذ معدني المُشّع

أبثهُ غبار العسسِ

كلاب الجامعةِ الضالة

أنفخُ فمهُ

اللوحَ المتفسخَ جمجمة "آينشتاين"

أبصقُ التاريخ

مارد القمقم

إلى المقبرةْ».

المهندسة "عفراء هدبا" مديرة دار "دلمون" الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع، حدثتنا عن الشاعر "علاء" بالقول: «تتسم قصائده بالرمزية في دلالاتها وإسقاطاتها، وسخرية لاذعة في مراميها على الرغم من عراقة مفرداته وما تنطوي عليه نفسه من وجع تبدى في لغته، ومقاربته لقضايا حياتية معاشة، حيث يروي بين سطورها بعضاً من تجاربه في المعارك التي خاضها كجندي واجه الكثير من المواقف العاطفية والإنسانية ترجمها في ثنائية الموت والحياة التي ما زالت تؤرقه وتدفعه إلى المزيد من التجريب والغوص في بحور الشعر وينابيعه لعله يصل إلى مبتغاه، متسلحاً بما أوتي به من شاعرية متدفقة، وهو ينشد السكينة والخلاص إلى حيث راحة نفسه وروحه المتعبة».

بقي أن نذكر، أن الشاعر "علاء محمد زريفة" من مواليد مدينة "حمص" عام 1985، وتعود أصوله إلى ناحية "مصياف" في محافظة "حماة"، خريج قسم التاريخ من كلية الآداب في جامعة "البعث"، ويكتب في الشأن الثقافي في عدد من المواقع الإلكترونية، وحالياً يقوم بواجبه كمقاتل في صفوف الجيش العربي السوري.