لفرقة "قنديل" محطاتٌ فنيةٌ ثقافية تضيء على ذلك الركن المنسيّ من ذاكرة الماضي، فمع إضاءة القنديل وصوت "فيروز" الملائكي وهو يغني "ضوّي يا هالقنديل ع بيوت كل الناس" تستهلّ أمسياتها لتسلّط الضوء على بعض من أُهمِلوا أو هُمِّشوا من أعلام الموسيقا والغناء العرب.

مدونة وطن "eSyria" كانت لها وقفة مع مؤسسي هذه الفرقة بتاريخ 27 نيسان 2019، في مكان تدريبها، حيث حدّثنا "نضال الماغوط" قائلاً: «فكرتي الأساسية لم تكن الغناء فحسب، وإنما أخذت طابعاً ثقافياً فنّياً قام على اختيار شخصيات لم تُعطَ حقّها من قبل الإعلام أو شخصيات يمكن أن يطويها النسيان، وكذلك التذكير بأعمال أصيلةٍ ومغمورة لدى بعضهم، ومن هنا بدأتُ البحث في مجمل أعمالهم لتسليط الضوء على البعد الإنساني والفنّي في حياتهم، لكشف حجم المواهب والقدرات التي تمتعت بها تلك الشخصيات، وإبراز أساليبهم وطرائقهم في تحقيق منجزاتهم الإبداعية لأغنياتٍ ربّما ما تزال عالقة في ذاكرة عشاق الأغنية العربية الأصيلة إلى هذا الوقت على الرغم من كل هذا الصخب والفوضى في فضاءات الأغنية العربية».

بحثاً عن الدّقة نعود إلى بعض الكتب والمجلات التي تهتم بهذا الجانب، إضافة إلى مواقع موثوقة على شبكة الإنترنت كموقع "سعدالله آغا القلعة" الوزير السابق والموسيقي وعازف القانون، وغيرها من المصادر التي نحاول قدر الإمكان أن تكون دقيقة

وأضاف "الماغوط": «كانت البداية منذ أربع سنوات تقريباً بفقراتٍ فنيةٍ قصيرة لم تتجاوز ربع الساعة؛ كنت خلالها أقدّم معلومات عن شخصيات موسيقية مع بعض الأغاني المسجلة لهم في برنامج "الأربعاء الثقافي"، كفقرتي عن الملحن الدمشقيّ "محمد محسن" و"فيلمون وهبي"، وعازف البزق "محمد عبد الكريم" والملحن "محمد القصبجي" وغيرهم، بعدها شاركت مع فرقة موسيقية بقيادة الفنان "جهاد شتيان" في عمل اسمه "أبو خليل القباني"، وكانت مدّته ساعة، استعرضنا خلاله جزءاً من مسيرة حياته الفنّية وبعض أعماله، شاركَنا فيه الفنان "نوار عبود" بالغناء؛ وهو صاحب صوت جميل ويعدّ واحداً من مؤسسيّ فرقتنا، وأعدّ هذا العمل الفتيل الذي مهّد لولادة "قنديل" حيث بدأت فرقتنا تتكون، وكانت أول إضاءةٍ لنا هي عمل عن "الشيخ إمام" مغني الشعب ومنشد الفقراء، قدّمناه في المركز الثقافي في "سلمية"، تضمن مسيرة حياته الفنيّة التي أحدثت تحولاً ثورياً ليس في الموسيقا فحسب، بل في مضمون الغناء العربي، تخلّله التذكير بالشاعر "أحمد فؤاد نجم" والموسيقي المبدع الشيخ "سيد درويش"، حيث شاركَنا فيه عميد فرقتنا الفنان "صلاح عبود" والفنان "نوار عبود" عزفاً وغناءً لأجمل أغانيه "أنا توب عن حبك، أوعا تفكر، قيدوا شمعة"، ونال إعجاباً وتفاعلاً كبيراً من الجمهور، وما زال هذا العمل يُطلب منّا لتقديمه في بعض المراكز الثقافية».

مع الجمهور

وعن المشاركات يتابع: «بعدها دُعِينا إلى "عيون الوادي" قرب "مشتى الحلو" من قبل النادي الاجتماعي الثقافي هناك، وقدّمنا هذا العمل الذي لقي صدى إيجابياً من قبل الحضور، وتمّت دعوتنا أيضاً من قبل الجبهة الشعبية في "مخيم الوافدين" في "حماة" وبعض قرى "سلمية"، وقدمنا أعمالنا في جمعية "عاديات سلمية" التي احتضنت كل أعمالنا، وبعض الأعمال قدمناها في جمعية أصدقاء "سلمية".

وتنوعت أعمالنا بين مجموعة من الفنانين، أمثال: "فهد بلان، شريفة فاضل، نجيب السراج، محمد قنديل، موفق بهجت"، وأغنيات من شعر "محمود درويش" التي غنّاها "مارسيل خليفة"، وقدّمنا المنولوج الانتقادي عند الفنان السوري الكبير "رفيق سبيعي"، وكان من أعمالنا المختلفة "تحية إلى البحر تحية إلى حنا مينة"، حيث تقمصتُ شخصيته وتكلمتُ بلسانه، وكانت الفرقة تدخل في الوقت المناسب وبالأغنية المناسبة للموقف».

نضال الماغوط

وعن سؤالنا عن مصادرهم في توثيق مسيرة حياة الفنانين، أجاب: «بحثاً عن الدّقة نعود إلى بعض الكتب والمجلات التي تهتم بهذا الجانب، إضافة إلى مواقع موثوقة على شبكة الإنترنت كموقع "سعدالله آغا القلعة" الوزير السابق والموسيقي وعازف القانون، وغيرها من المصادر التي نحاول قدر الإمكان أن تكون دقيقة».

المسؤول الموسيقي في الفرقة "صلاح عبود"، ولدى سؤالنا عن سبب اختيارهم لبعض الشخصيات الفنية، أجاب: «تعمّدنا اختيار فنانين أمثال "موفق بهجت" لإظهار الجانب الجميل عنده كموشح "الكون إلى جمالكم"، الذي لحّنه ملحن عظيم في "العراق" اسمه "المولى عثمان الموصلي"، و"جاياتنا مخباية" للفنان "حسام تحسين بك".

صلاح عبود

كذلك عند اختيارنا "للشيخ إمام" تطرقنا إلى الحديث عن أستاذه "درويش الحريري"، الذي كان له الفضل بتخريج العديد من أساتذة الفن في "مصر"، مثل: "محمد عبد الوهاب، وزكريا أحمد"، وغيرهما كثيرون.

أمّا بشأن التطرق إلى المنولوج الانتقادي عند "رفيق سبيعي" وتقمّصي شخصيته، فأشرنا إلى الجمل الموسيقية البسيطة والجميلة، التي قد تكون مستعارة أحياناً، وانتقدنا مضمون قسم من أغنياته التي لا تتناسب مع التقدم الاجتماعي، التي تنطوي على مفاهيم رجعية.

وفي نهاية كل أمسية كانت لنا أغنية لها طابع وطني، مثل: أغنية "تعيشي يا بلدي" في عمل "فهد بلان"، و"لا تزعلي ياشام" في عمل "رفيق سبيعي"، و"زرعنا تلالك يا بلادي" في عملنا الأخير "أنا عندي حنين"، أو أغنيات لها طابع إنساني، كأغنية "حلّوا المراكب" التي أبكت بعض الحضور.

وقد لاقت أعمالنا وقعاً إيجابياً، ومنهم من بدأ يبحث عن هذا الفن ويعود إلى الأصالة، ويدقق بالكلمات والمعنى».

وأضاف: «شاركَنا بالفرقة فنانون موهوبون بالعزف والغناء، حيث شارك "نوار عبود، سهر عبود، تيماء مقداد، مازن سكاف، أمجد طنجور" بالغناء، إضافة إلى عازفي إيقاع معروفين، منهم: "حاتم السلوم، عمار جمول، علي جمول"، وشاركنا في عملنا الأخير عازف الكمان "تيسير هابيل"، الذي أضاف روحاً موسيقية لطيفة وجميلة بمقطوعة موسيقية روسية "غالينكا"، وموسيقا أغنية "حبيتك وبحبك" للفنان "ملحم بركات"، وفرقتنا مستمرة، ولدينا أعمال جميلة في المستقبل».