لم يكتفِ بإنجازاته كلاعبٍ متميّزٍ بلعبة الريشة الطائرة في وطنه، بل ثابر واجتهد في رحلة اغترابه الرياضية، محققاً تميّزاً وبصمةً مؤثرةً في مسيرته كمدرِّبٍ لها، وقيادياً ناجحاً في تنظيم بطولاتها.

مدونةُ وطن "eSyria" بتاريخ 6 آب 2019 تواصلت مع "محمود طيفور" اللاعب السابق والمدرِّب الحالي، الذي عرَّفنا على نشأته وبدايته مع الرياضة بقوله: «ولادتي كانت ضمن عائلة تلفّها المحبة والإيمان، نشأت وترعرعت في حي "الطوافرة" الأثري، ومثل جميع الأطفال كانت الرياضة فسحةً لنا إلى جانب التحصيل الدراسي، لكن الممارسة الفعلية لها بدأت في سن الـ13 مع لعبة كرة اليد ضمن صفوف نادي "الجماهير" الذي سمِّي فيما بعد "النواعير" عام 1991 ولمدة عامين، إلى أن جاءت صدفة لم أتوقع بأنّها قد تكون سبباً لما أنا عليه من حالٍ الآن، حيث صحبني أحد الأصدقاء معه إلى تدريبٍ في لعبة الريشة الطائرة، وهناك شاهدني المدرّب القدير الراحل "مفيد حوا" الذي أعدّه صاحب الفضل الأكبر في مسيرتي معها لاحقاً، الذي آمن بقدراتي وقدَّم لي الرعاية والتدريب الأمثل ليضعني على السكة الصحيحة، فبدأتُ رحلتي معها في صفوف نادي "الطليعة" عام 1993».

أهم ما يميزه برأيي هو الوفاء لماضيه وذكرياته مع أصدقائه وزملائه السابقين في مسيرته الرياضية، ومقدار الصدق والمحبة في معاملته لهم، كنت متابعاً له منذ بداياته وما زلت، وما وصل إليه من نجاحاتٍ في عمله اليوم، لم يكن إلاَّ ثمرة الجديَّة والمثابرة ومدى الالتزام في تدريباته وحتى الآن، والبطولات التي أحرزها كلاعبٍ مع ناديه وضمن المنتخب أكبر دليلٍ على ذلك التميز، دعمه للعبة الريشة الطائرة في وطنه ولناديه خاصةً لم يتوقف وما زال مستمراً، ولن أبالغ إذا قلت بأنَّ "محمود طيفور" شخصيةٌ لن تتكرر بتاريخ رياضة الريشة الطائرة السورية

المحطات الأبرز في مسيرته كلاعبٍ والبطولات التي حققها، عنها يقول: «شاءت الظروف أن تبدأ مشاركتي مع النادي في دوري فئة الشباب رغم صغر سني لحاجة الفريق آنذاك، ولإعجابهم بالمستوى الذي قدَّمتُه خلال عامٍ من التدريب فقط، وأول ألقابي معه كان المركز الثاني في الدوري موسم 1996-1997، وخلال الأعوام الثلاثة اللاحقة كان التتويج مرافقاً لي ضمن منافسات بطولة كأس الجمهورية، وذلك بحصولي على المركز الأول في فئتي فردي وزوجي الشباب، وفي الفترة نفسها اُستدعيت لتمثيل المنتخب الوطني للشباب، وكانت لنا مشاركاتٌ عدَّة في بطولاتٍ عربيةٍ ودَولية، من أهمها دورة "تركيا" الدولية و دورة "الفجر" الدولية في "إيران"، عدا عن المعسكرات التدريبية الخارجية، وكلُّ ذلك كان له الدور الكبير في تحسين أدائي وخبرتي، لكن أغلى الألقاب وأولها مع المنتخب كان الفوز بلقب البطولة العربية الأولى للريشة الطائرة التي جرت في "دمشق" عام 1996، ومشاركتي في فئة الرجال بدأت عام 1999، وفيها أحرزت المركز الأول في بطولة الجمهورية لفئة الفردي، أمَّا مع المنتخب فقد نلنا الميدالية الذهبية للفرق في البطولة العربية الثانية التي جرت في "لبنان" بالعما نفسه، بدأت رحلة احترافي الداخلي مع نادي "الاتحاد" لخمسة أعوامٍ متتالية، وكان المركز الثاني في بطولة الدوري من نصيب الفريق بشكلٍ مستمر، وذات الأمر تحقَّق لاحقاً خلال فترة لعبي مع نادي "الوثبة" من "حمص" حتى عام 2009، وهنا توقفت عن ممارسة اللعبة لظروفٍ خاصة، لكن هذه السنين الطويلة من اللعب والألقاب التي حصدتها ما زالت ذكراها هي الأجمل في حياتي».

بعض الجوائز والشهادات الدولية

رحلة اغتراب "محمود طيفور" المستمرة حتى الآن يصف بداياتها قائلاً: «في لحظةٍ ما كان لا بدّ لي من السفر بحثاً عن الرزق، عام 2014 حطَّ بي الرحال في دولة "الإمارات العربية المتحدة"، حينها عمدَت مدينة "دبي" لاستضافة برنامج "وقت الريشة الطائرة" من قِبَل الاتحاد الدولي للعبة، وكان لصديقي اللاعب البحريني "جعفر ابراهيم" الدور الأبرز في تغيير وجهة حياتي وإعادتي لعالم الرياضة والريشة الطائرة، فبعد تعيينه من قبل الاتحاد مديراً للتطوير في لمدينة، استدعاني للمشاورة والمشاركة بنشرها وتطويرها، في ظل عدم وجود مدرِّبين وخبراء كفايةً لها، بدايةً عُينت مدرِّباً لمركز "صلاح الدين"، وبدأت العمل مع محبِّي اللعبة وهواتها وخاصةً من الفئات العمرية الصغيرة، وخضعت لدوراتٍ دَوليةٍ عدَّة في التدريب والتحكيم وبمستوياتٍ متتالية أهلَّتني للتدرج في مهامي الوظيفية بين مدرِّبٍ ومديرٍ فنِّيٍ وصولاً لتعييني مشرفاً عاماً على تطوير اللعبة في كامل أرجاء الدولة في عام 2016، بما أنَّ المدينة أصبحت محطَّ أنظار أهم اللاعبين والمدربين في العالم خلال تلك الفترة التي امتدت حتى نهاية 2018، كانت فرصةً لا تعوَّض بالنسبة لي لكي أشارك في الدورات الدولية التي اعتمدت فيها، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر دورة "شتل تايم الدولية"، ودورة "المحاضر الدولي في برنامج وقت الريشة"، كذلك دورات في التحكيم وإدارة الفعاليات الرياضية الدولية، ودورة إدارة الاتحادات الدولية وغيرها الكثير، كما شاركت في دورةٍ تدريبيةٍ خاصةٍ بتدريب الأداء العالي المختَّصة ببطولة "سيبر سيريز الدولية"، وهي البطولة التي تضُّم في منافساتها أفضل ثمانية لاعبين حول العالم في كلِّ فئةٍ معتمدة، والتي تمَّ اعتمادي فيها مشرفاً عاماً على تدريبهم، وسفيراً خاصَّاً خلال السنوات الأربع من عمر البرنامج حتى نهاية عام 2018».

ويتابع عن أهم مشاركاته كلاعبٍ ومدرِّب وإداريٍ في المغترب: «رغم المسؤوليات التي كلِّفتُ بها، إلاَّ أنَّ عشقي لممارسة اللعبة كلاعبٍ بقي نابضاً في داخلي، بطولات عدَّة شاركت بها كانت المنافسة فيها قويةً مع أمهر اللاعبين الدوليين، والفوز بالمركز الأول كان حليفاً لي، من أهمها بطولة "الشركات المفتوحة" عام 2017، وكذلك بطولة "وقت الريشة للأندية" في العام نفسه والعام الذي تلاه، وكانت ضمن فريق "يونيكس" حينها، أمَّا على صعيد التدريب أذكر بعض المهام في ذلك الخصوص، حيث تمَّ تكليفي بالإشراف على منتخب "اليمن" في منافسات بطولة "آسيا لأصحاب الهمم" التي جرت في "أندونيسيا"، ومدرِّباً لمنتخب "الإمارات" في بطولة "العالم المدرسية" التي أقيمت حينها في "الهند"، والبطولتان كانتا في عام 2018، وما ذكرته سابقاً عن الدورات الدولية التي اتبعتها في أكثر من اختصاص، كان نتاجها تعييني كعضوٍ في اللجان المنظِّمة للعديد من المسابقات الدولية التي جرت في مدينة "دبي"، ومنها بطولة "IWAS" لأصحاب الهمم في عامي 2018 و2019، كذلك بطولة "دبي الدولية للشباب والشابات" وغيرها الكثير من البطولات».

كأس المركز الأول في بطولة دبي الدولية للأندية

"تمَّام البوش" مدرَّب نادي "الطليعة"، وعضو لجنة المنتخبات الوطنية عنه قال: «أهم ما يميزه برأيي هو الوفاء لماضيه وذكرياته مع أصدقائه وزملائه السابقين في مسيرته الرياضية، ومقدار الصدق والمحبة في معاملته لهم، كنت متابعاً له منذ بداياته وما زلت، وما وصل إليه من نجاحاتٍ في عمله اليوم، لم يكن إلاَّ ثمرة الجديَّة والمثابرة ومدى الالتزام في تدريباته وحتى الآن، والبطولات التي أحرزها كلاعبٍ مع ناديه وضمن المنتخب أكبر دليلٍ على ذلك التميز، دعمه للعبة الريشة الطائرة في وطنه ولناديه خاصةً لم يتوقف وما زال مستمراً، ولن أبالغ إذا قلت بأنَّ "محمود طيفور" شخصيةٌ لن تتكرر بتاريخ رياضة الريشة الطائرة السورية».

"سوار عمر" اللاعب السابق والمدرِّب الحالي في نادي "الحرية"، عنه يقول: «"محمود طيفور" من اللاعبين أصحاب الأثر الجميل في لعبة الريشة الطائرة في "سورية"، عرفته مذ كان لاعباً في ناديه "الطليعة" وفي الأندية الأخرى التي لعِبَ لها، يمتلك من مهارات اللعبة الشيء الكثير، من تحركاتٍ سلسة؛ ورشاقةٍ مميزةٍ كانت تعطيه الأفضلية في مواجهاته مع الخصوم، خاصةً في المنطقة الأمامية لملعبه قرب الشبك، وذلك كلَّه كان بفضل لياقته البدنية العالية التي واظب على الحفاظ عليها، تألَّقَ مع الفرق التي احترف معها داخلياً، وفي صفوف المنتخب الوطني بفئات الشباب والرجال، وعلى الصعيد الشخصي هو إنسان محبٌّ لجميع من حوله، لا يبخل على أحدٍ ما بأيّ مساعدة، محبوب من قبل زملائه اللاعبين في الملعب وخارجه».

المدربان تمام البوش ومحمود طيفور

يذكر أنَّ "محمود طيفور" يشغل حالياً عدَّة مناصب وظيفية، منها: مدرِّب منتخب "الإمارات"، مدير "المراكز الأولمبية المدرسية"، المدير الفنِّي للريشة الطائرة في نادي "دبي" لأصحاب الهمم، وهو من مواليد مدينة "حماة" عام 1978، متزوجٌ ولديه ثلاثة أبناء ذكور.