لم تمنعْها إعاقتُها البصريّةُ من نيل الشهادةِ الجامعيةِ في علمِ الاجتماع، وممارسةِ هواياتها في الفن والرياضة، والعمل في المشفى الوطني، فهي تقدسُ العملَ وتمنحُه كاملَ طاقتِها، ولا يهمها الربح المادي بقدر ما يهمها الربح الإنساني، فكانت جزءاً مهماً من مبادرات تهتمّ بالطفولة ورعايتها.

مدوّنةُ وطن "eSyira" بتاريخ 10 آب 2019 التقت "رولا الشيخ حسن عواد" لتحدثنا عن طفولتها ودراستها قائلةً: «كنتُ بعمر الخامسة عندما أصبت بحمى السحايا، ونتيجة الخلط بينها وبين حمى التيفوئيد، وخطأ التشخيص أصيبت حاسة الرؤية عندي وتعطّل العصب البصري، وفقدت الرؤية تماماً بالعين اليسرى، وبالعين اليمنى لا أرى إلا خيالاً وضوءاً بسيطاً، كنت قد أنهيت الصف الأول كمستمعة نظامية في المدرسة، وتعلمت الحروف الأبجدية قراءةً وكتابةً، وتابعت الصف الأول نظامياً في المدرسة، وكنت أحفظ المنهاج شفهياً، وأمي تساعدني في وضع إصبعي على السطر لأقوم بالكتابة، وبعد نجاحي في الصف الأول سافرت إلى مشفى الملك "فهد" "عن طريق صديق عمي بـ"السعودية"، وهو خاص بطبّ العيون، وهناك وقفت على حقيقة وضعي الصحي، وبعد مسيرة علاج بالأدوية وتغذية العصب البصري، وإجراء الصور والبزل، عدت وأكملت الصف الثاني وتفوقت فيه، وفي السنة التالية التحقت بمدرسة المكفوفين في "دمشق" "كفرسوسة"، وهي مدرسة داخلية تقدم فيها للطالب المنامة والطعام، حيث بدأت الفصل الأول بتعلم حروف (برايل)، وأتقنتها وانتقلت في الفصل الثاني لدراسة الصف الثالث، ونجحت في صفوفي حتى نلت الثانوية العامة، وقد كرمتني السيدة الأولى بكمبيوتر نظام إبصار، وعملت بهذا البرنامج الناطق على الجوال ما ساعدني على التواصل الاجتماعي، وتابعت الجامعة في "دمشق" حتى تخرجت باختصاص علم اجتماع».

جمعني بها فريق رعاية الطفولة، إنّها على قدر كبير من الثقة والمصداقية والأمانة والخبرة، تمتلك طاقة كبيرة في استغلال الوقت لخدمة المجتمع، حتى نسيت الاهتمام بصحتها وتنبيهات الطبيب لها بأنّ تريح مفاصلها قليلاً، أصدقاؤها كثر ومتعاونون معها بأيّ خدمة لتحقيق السموّ الإنساني، ونلجأ إليها لإيجاد الحلول، أنيقةٌ جداً تهتم بلباسها وزينتها الناعمة وألوانها المتناسقة دون مساعدة أحد، ولا تهتم بالشهرة بقدر اهتمامها بقيمة العمل الذي تقدمه، شخصيتها قوية جداَ، ومتصالحة مع نفسها ككفيفة

وتتابع عن هواياتها قائلة: «تعلمت السباحة بعمر الثماني سنوات، وأحببت الموسيقا فبدأت أغني في فرقة الكورال في المدرسة، وتعلمت العزف على (الأورغ) مع النوتة ثم العود على يد المربية "ميادة جمول"، والفنان "عدنان الحموي" وكان كفيفاً أيضاً، وكنت أشارك بحفلات المدرسة عزفاً وغناءً، وأمثّل في المسرحيات المقامة في المدرسة، وشاركت مع الفنانة "نبيلة النابلسي" في مسرحية بمناسبة يوم المعوّق العالمي، وكانت تضم مكفوفين وصمّاً وبكماً، وشاركت بمسرحيتين في "سلمية"، وفي السنة الأولى من الجامعة شاركت ببطولة الشطرنج في "الزبداني"، وفزت بالمركز الثاني، وكنت قد تعلمت هذه اللعبة في الثالث الثانوي».

المهندسة المساعدة ميساء الحايك

وعن عملها في مقسم المشفى الوطني، ومبادراتها الإنسانية، قالت: «في السنة الثانية من دراستي الجامعية بـ"دمشق"، تقدمت بطلب إلى وزارة الصحة للعمل كموظفة مقسم هاتف في "مجمع الميسات" التابع للوزارة، وتابعت دراستي ووظيفتي حتى التخرج عام 2015، بعدها قدمت طلباَ لنقلي من "الميسات" إلى المشفى الوطني بمدينة "سلمية"، وبعد استقراري كنت أذهب لمركز دراسات المعوّقين للمشاركة بأنشطتهم الموسيقية، وهناك تعرفت على المهندس المساعد "عصام كحلة"، ونشأ تعاون بيننا في سبر أعداد العائلات الفقيرة والأيتام، وتوزيع مساعدات إنسانية يقوم المجتمع المحلي بالتبرع بها وقمت بتوزيعها عليهم، وقد طرح "عصام كحلة" علي العمل الطوعي، فأسسنا فريق "قطرة أمل" لرعاية الطفولة بنهاية عام 2018، وهو تابع لجمعية "العاديات" في "سلمية"، وقد استلمت أمينة صندوق، ونائب رئيس الشؤون المالية فيه».

المهندسة المساعدة "ميساء الحايك" تحدثت عن "رولا عواد" قائلةً: «جمعني بها فريق رعاية الطفولة، إنّها على قدر كبير من الثقة والمصداقية والأمانة والخبرة، تمتلك طاقة كبيرة في استغلال الوقت لخدمة المجتمع، حتى نسيت الاهتمام بصحتها وتنبيهات الطبيب لها بأنّ تريح مفاصلها قليلاً، أصدقاؤها كثر ومتعاونون معها بأيّ خدمة لتحقيق السموّ الإنساني، ونلجأ إليها لإيجاد الحلول، أنيقةٌ جداً تهتم بلباسها وزينتها الناعمة وألوانها المتناسقة دون مساعدة أحد، ولا تهتم بالشهرة بقدر اهتمامها بقيمة العمل الذي تقدمه، شخصيتها قوية جداَ، ومتصالحة مع نفسها ككفيفة».

المهندس المساعد عصام كحلة

المهندس المساعد "عصام كحلة" قائد فريق "قطرة أمل" لرعاية الطفولة، يحدثنا عن "رولا قائلاَ: «التقيتها في مركز أبحاث للمعوّقين منذ خمس سنوات، بابتسامتها التي لا تفارقها أبداً تمنح من يراها حبّاً للحياة، وطاقات إيجابية لتخطي كل الصعوبات، لم أتعامل معها على أنّها تعاني من إعاقة بصرية لأنّها كانت تثبت في كل لحظة أنّها تبصر أكثر ممن يمتلكون النظر، فهي لا تحتاج عكازاً ولا مرافقاً يدلّها على الطرق أو ما يصادفها في أي مكان تحلّ به، يكفي أن تدخله مرة واحدة لتحفظ كل ما فيه، وعندما التقيتها للمرة الثانية في مكان عملها في المشفى الوطني، كنت بصدد تأسيس الفريق التطوعي "قطرة أمل"، وطلبت منها سبر عدد الأيتام، فقبلت بكل طيب خاطر، وخلال وقت قياسي جاءت بخمسين اسماً، حتى أصبح العدد الآن خمسمئة طفلٍ، وهذا يدلّ على متابعتها وحرصها على العدالة الاجتماعية لكلّ الأطفال المحرومين، إنّها تمتلك حساً عالياً بالمسؤولية وذكاءً حاداً وإحساساً مرهفاً، تحبّ أطفال الفريق، وتعاملهم وكأنّهم أبناؤها، لذلك كانت أمينة سر الصندوق المالي في الفريق».

يذكر أنّ "رولا عواد" من مواليد "سلمية" 1987.

المربية رولا عواد تعزف على العود