إصابتُهُ في يدهِ اليسرى منعته من العزفِ وتحقيقِ حلمِه في الاحتراف، لكنّها كانت حافزاً ليصنعَ الأعوادَ بنوعيها مؤسساً لمهنةٍ راقية لا تبتعد عن الفنّ، وهدفُها محاولةُ مساعدةِ الأطفال على دخولِ الفنّ بلا مصاعب.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 15 أيلول 2019 التقت "عمار الغضة" ليحدثنا عن بدايةِ ميولِه الفنية وصناعته للأعواد قائلاَ: «أحببت الرسم والحفر على الخشب، والغناء والعزف على العود منذ الطفولة، ولا سيّما أنّ أعمامي يعزفون على هذه الآلة، في عام 2014 أصيبت يدي اليسرى، أثناء العمليات العسكرية الدائرة في وطني، فتوقفت عن العزف الذي نما في روحي، وسقط حلمي في احتراف العزف، وفي العام 2017 بدأت بإصلاح الأعواد مع إلمامي بمقاييسه بكل ميلمتر، وصرت أصنع بعض القطع الناقصة مثل الزند والبنجق والفرس، وأحياناً أبدل وجه عود كامل، وكل ذلك حصل نتيجة متابعتي مواقع التواصل الاجتماعي التي تعلمت منها طريقة صناعة الأعواد، حيث جهّزت قالباً لذلك واشتريت الخشب، وأول عود صنعته كان فيه اعوجاجٌ في (القصعة) نتيجة التسرع، لقد كلفني أكثر من سعره الحقيقي، لكني كنت سعيداً بالمحاولة رغم الخطأ الذي أصبح درساً لي بالصبر والتأني، وهكذا كانت المحاولات الناجحة تغريني لكي أكمل في هذا المشوار، واستكشاف هذه المهنة الراقية».

إنّه إنسان رائع ومتفانٍ، يبادر إلى خدمة الآخرين بلا مقابل، لقد قدم للمدرسة عوداً هدية ليتعلم الطلاب العزف، ورسم لوحات على جدران المدرسة ليعطي طاقات إيجابية لطلاب المدرسة، مبادراته الهادفة تعطي الكثير من الأمل والراحة للآخرين

ويضيف: «صنعت العود بنوعيه العادي والكهربائي، وقد أتقنت صناعة العود الكهربائي لأنّ من يصنعونه في "سورية" قلائل، حيث استطعت إخراج أشكال متنوعة منه، وغايتي دائماً ليست الربح المادي، ولكن لأساعد من لم تسعفه الظروف ليقتني عوداً يتعلم عليه العزف، فأنا لم أستطع الحصول على عود حتى العام 2010، عندما أصبح لدي مدخولي الشهري».

أدوات عمار الغضة في صناعة الأعواد

ويتابع "عمار الغضة" عن إنتاجه وأعماله قائلاَ: «إنّ توفر المواد الأولية في قريتي شجعني على صناعة الأعواد، بينما أحضر خشب (القصعة) من "حماة" وأنتج شهرياً قطعة واحدة بسبب التزامي بالوظيفة، وأدواتي بسيطة عبارة عن مبرد ومشرط ومنشار صغير، وسكين، وحزازة خشب، ومشحف، والآن أصبحت معروفاً بصناعة الأعواد وألبي الطلبات لمنطقة "مصياف"، و"حمص"، و"دمشق" عن طريق المعرفة والأصدقاء والتواصل الاجتماعي، كما أني أدرب الأطفال الصغار في المركز الثقافي بقريتي على العزف، عن طريق دورات يقيمها المركز، وهم أطفال من عمر الست سنوات حتى العاشرة.

إضافة إلى ذلك أصنع إطارات خشبية مزخرفة للصور، وأقوم بتلبيس الأدوات المنزلية الزجاجية والمعدنية بالخشب، وأصنع عجينة خاصة تشبه إلى حد ما عجينة العجمي، وزوجتي تساعدني في ذلك أحياناً، وأيضاً أعمل بورشة دهان وديكورات، ومن هذه الأعمال أجد سنداً لي في المعيشة فأنا لا أملك بيتاً وما زلت أسكن وأطفالي الأربعة عند والداي، لكنني أحبّ عملي هذا فهو يمنحني السعادة».

الأعواد بنوعيها الكهربائي والعادي

المربية "ربا عباس" مديرة المدرسة التطبيقية في "الربيعة" تحدثت عنه قائلةً: «إنّه إنسان رائع ومتفانٍ، يبادر إلى خدمة الآخرين بلا مقابل، لقد قدم للمدرسة عوداً هدية ليتعلم الطلاب العزف، ورسم لوحات على جدران المدرسة ليعطي طاقات إيجابية لطلاب المدرسة، مبادراته الهادفة تعطي الكثير من الأمل والراحة للآخرين».

الفنان "ناظم الغضة" يحدثنا عن "عمار" قائلاً: «إنّه موهوب فهو يغني ويعزف، لقد لازمني منذ كان عمره اثنا عشر عاماً، فعلمته العزف وقد أتقن ذلك، كان يشارك في حفلات المدرسة غناء وعزفاً، وفي المرحلة الثانوية أصبح يعزف عدة ألحان لأغان شعبية، لكنه ترك العزف بعد أن دخل الجيش، وإصابته منعته من متابعة ذلك، لكنه أدهش الجميع في صناعة الأعواد بنوعيها العادي والكهربائي، بأشكالها الجميلة التي جعلته يخط طريقاً جديداً في صناعة العود بدلاً من العزف، وهذا أيضاً فنٌّ لا يستطيع الكثيرون إتقانه بسهولة».

أدوات معدنية ملبسة بالخشب

يذكر أنّ "عمار الغضة" من مواليد "حماة" قرية "الربيعة" عام 1986.