«تبعد مدينة "الدرباسية" عن مدينة "الحسكة" ما يقارب 80 كم شمالاً، وغرب مدينة "عامودا" وتسمى "درب آسيا" لكونها كانت نقطة عبور تجارية مهمة من الجنوب والغرب نحو الشمال والشرق من آسيا».

بهذا الكلام ابتدأ السيد "شريف سعدون" مدرس التاريخ المتقاعد حديثه لموقع eHasakeh بتاريخ 20/1/2009 عن مدينة "الدرباسية" وأضاف "السعدون": «مدينة "الدرباسية" من المدن الحديثة وقد تم بدء البناء فيها من عام /1931/ م عندما تم حفر بئر وظهر الماء العذب فيه، وبناء مطحنة حديثة للسيد "انطون قره زيوان" وهي تقع مقابل محطة القطار التي أقيمت في العهد العثماني حوالي عام /1908/م لقطار الشرق السريع وهي عند قرية تركية تسمى "الدرباسية" واسم القرية التركية هو سبب التسمية، وتعود تسميتها إلى بانيها واسمه "درباس" وهذه التسمية الدارجة في المنطقة».

أحدثت بلدية "الدرباسية" عام /1934/ ونتيجة التوسع الكبير تم إعداد أول مخطط تنظيمي للمدينة عام /1967/، وراعى مخططها التنظيمي التوضع الشطرنجي للبيوت القديمة، وتطور واقع المدينة الخدمي حيث تضاعف عدد المدارس وأحدثت فيها العديد من الدوائر الخدمية

وأما بدايات انتقال السكان إلى "الدرباسية" فيقول "السعدون": «انتقل السكان من قرية "القره مانية" التي كانت تمثل الناحية في هذه المنطقة وهي تقع غرب "الدرباسية" بحوالي (5) كم وبنيت في البلدة ثكنة عسكرية للفرنسيين وكان داخل الثكنة قلعة على شكل برج فيها فتحات على الداير للرمي بالأسلحة النارية على المهاجمين عليهم وهي محاطة بالأسلاك الشائكة بقيت آثارها حتى السبعينيات من القرن الماضي وقد بنيت بناية البلدية عام /1936/م وهي باقية حتى الآن حيث تم تخطيط المدينة على شكل رقعة الشطرنج وتضم حديقة حولها والأسواق التجارية».

صورة قديمة جداً للدرباسية

وعن التقسيمات الإدارية "للدرباسية " يقول "السعدون": «كانت تقسم المدينة قديماً إلى قسمين: "الحي الغربي": ويضم الإخوة المسيحيين ومعظمهم من المهاجرين من مدينة "ماردين" وقراها بعد الانتداب الفرنسي عام/1920/م مع الأرمن النازحين من مذابح الأتراك العثمانيين وكان المسيحيون مسيطرين على تجارة السوق ومعظم الصناعات والمهن اليدوية، من حدادة وتجارة وصباغة القش والأقمشة وصياغة الذهب والفضة والحلاقة وصناعة الأحذية وغيرها.

"الحي الشرقي": ويضم "الأكراد" وبعض العرب الذين قدموا أيضا من منطقة "ماردين" ومن القرى المجاورة ويعمل معظمهم عمال بناء وعتالة والقليل منهم في التجارة».

الساحة الرئيسة

ويقول "شريف سعدون": «انتشرت الحركات الوطنية والوعي السياسي في "الدرباسية" وقامت مظاهرات وأحزاب عديدة في الثلاثينيات والأربعينيات، واعتقلت السلطات الفرنسية الكثيرين منهم وأرسلت بعض زعمائهم إلى المنافي وقامت مقاومة مسلحة قوية في البلدة ضد الفرنسيين، وتبادلوا إطلاق النار مع الثكنة والجيش الفرنسي، ومرات عديدة في الأربعينيات كان سكان البلدة ويدعمهم بعض سكان الريف يشتركون طواعية وبأسلحتهم وذخيرتهم الخاصة بهم لقتال الفرنسيين، وتم إرغام الجنود الفرنسيين على الهروب من الثكنة باتجاه الحدود الشمالية إلى تركية حيث تم ترحيلهم بالقطار عام /1945-1946/وإنزال العلم الفرنسي ورفع العلم السوري على سارية الثكنة من قبل بعض شباب البلدة».

وعن اقتصاد "الدرباسية" وما تشتهر به من صناعة وزراعة يوضح "شريف سعدون": «كانت تعتمد "الدرباسية" في اقتصادها على التجارة الفردية مع تركية، من خلال الحدود (تهريب) التي لم تكن محصنة وعبورها سهل فيصدرون الأقمشة والشاي ويجلبون التبغ والمواد الغذائية، أما الآن فيعمل السكان على تربية الأغنام وزراعة القمح والشعير بعلاً، ومرت على البلدة فترات ازدهار اقتصادي في الأربعينيات والخمسينيات ولكن سوء الأحوال الجوية والجفاف ومواسم المحل من عام /1958/ إلى عام /1961/ فترة الوحدة السورية- المصرية أدى إلى انتشار البطالة والحرمان والهجرة الكبيرة، حيث هاجر الأغنياء وتبعهم الفقراء.

مبنى مجلس المدينة

عاد بعض الازدهار للمدينة نتيجة تحسن المواسم الزراعية في الستينيات والسبعينيات، وبعض الركود في الثمانينيات نتيجة غلاء وفقدان بعض المواد الأساسية للمعيشة نتيجة محاربة الغرب لسورية، ومن بداية التسعينيات انتشر حفر الآبار الارتوازية في ريف "الدرباسية" التي تضم (165) قرية ومزرعة وتم حفر حوالي ثلاثة آلاف بئر بحري، وتعتبر "الدرباسية" من أشهر المدن في زراعة القمح والشعير والقطن، بالإضافة إلى بعض المحاصيل الأخرى».

وينهي "الشريف" حديثه بالقول: «أحدثت بلدية "الدرباسية" عام /1934/ ونتيجة التوسع الكبير تم إعداد أول مخطط تنظيمي للمدينة عام /1967/، وراعى مخططها التنظيمي التوضع الشطرنجي للبيوت القديمة، وتطور واقع المدينة الخدمي حيث تضاعف عدد المدارس وأحدثت فيها العديد من الدوائر الخدمية».