لم يبتكر "عدنان حبيب" وحدات زخرفية جديدة، بل استعمل ما وجد بين يديه من زخارف، إلا أنه رتّب الوحدات ترتيباً غير مسبوق، ومزجها بفنه وفلسفته الخاصة، فخرجت من بين يديه تحفاً فنية خالصة.

مدونة وطن "eSyria"، وبتاريخ 12 شباط 2017، تواصلت مع الفنان "عدنان حبيب" المقيم في "الكويت"، الذي تحدث عن بداياته مع هذا الفن، حيث قال: «ولدت في عائلة عشقت الفنّ؛ فكل إخوتي استهوتهم الأعمال الفنية، فمنهم الخطاط، وحافر الخشب والنحاس، ومنهم من عمل بالموازاييك، وأصبحت مصدر رزق لهم. أما أنا، فاستهواني الرخام وعشقته، فرحلت إلى "دمشق"، وعملت في ورشات الرخام والزخارف الإسلامية، أو كما يقال عند شيوخ الكار؛ حيث لاحظوا موهبتي، وكانوا مخلصين في تعليمي وتوجيهي نحو الطريق الصحيح، وتسليمي أسرار المهنة ومفاتيحها بصدق وحب، حتى بلغت فيها مرحلة الإتقان.

لم أبتعد عنه أبداً؛ فأنا أحضر كل عام لزيارته، حتى عائلتي الصغيرة بقيت في الوطن، وأخذت عني حبّ الفنّ كهواية، والمستقبل كفيل إن كانوا سيكملون الطريق، أو يختبرون الحياة بطريقتهم

وكان أول اختبار لي المساهمة في ترميم "الجامع الأموي" الكبير في "دمشق"، وهو شرف كبير لأي حرفي أن يساهم ولو بجزء صغير في أهم معلم من معالم عاصمة الأمويين الخالدة».

جزء من القاعة الشرقية

بدأت عملية احتراف فنّ الزخرفة على الرخام عندما امتلك أدواته جيداً، وتابع القول: «سافرت أول مرة إلى "ألمانيا"، وكان لي شرف عمل "القاعة الشرقية" في السفارة السورية فيها؛ وهي تحفة فنية بديعة حسب رأي الخبراء، ثم شددت الرحال إلى دولة "الكويت"، وحظيت بمهنة الإشراف الفني على معمل للرخام، وأصبحت قطع الرخام التي تصدر منه تحفة يعرفها القاصي والداني. فالرخام على الرغم من قساوته أجده مطواعاً في يديّ أشكّل به ما أريد، وعلى الرغم من دخول الماكينات والحاسوب في العمل، مازلت محافظاً على الروح والشكل معاً، وفي بعض الأحيان أتفوّق على الآلة، وأصمّم أشكالاً لا تستطيع الآلة تصميمها».

يتحدث "عدنان حبيب" عن تاريخ هذه المهنة بالقول: «إن تاريخ الرخام قديم، وهو صخر كلسي متحول يستعمل في النحت والبناء وكساء الأرضيات والجدران، وتشتهر عدة دول بإنتاجه، منها: "فلسطين"، و"تركيا"، و"إسبانيا"، و"البرازيل"، و"إيطاليا"، لكن يبقى "الرخام السوري" أثيراً لدى كل من تعرّف إليه، للأمانة ما ينتجه الفنان السوري لا يستطيع أي فنان آخر إنتاجه؛ لأنّ هذا الفن سوري بامتياز، وباتت حرفة الفنان السوري معروفة في كل العالم على الرغم من اجتهاد وإبداع الفنان الآخرين، وأظنّ أن ذلك ناتج عن توالف الإبداع مع الحرفية مع الروح».

من إبداعاته على الرخام

عن علاقته مع الوطن -على الرغم من غيابه الدائم ورحلة الاغتراب الطويلة- يقول: «لم أبتعد عنه أبداً؛ فأنا أحضر كل عام لزيارته، حتى عائلتي الصغيرة بقيت في الوطن، وأخذت عني حبّ الفنّ كهواية، والمستقبل كفيل إن كانوا سيكملون الطريق، أو يختبرون الحياة بطريقتهم».

الفنان الدمشقي "إسماعيل نصرة"، تحدث عن عمل الفنان "عدنان حبيب" وما يميزه بالقول: «"عدنان" فنان مبدع، ويتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال، وشارك باختصاصه هذا بمشاريع على مستوى عالمي في "سورية" والخارج، وهذا النوع من الفنون أصبحت الأيدي التي تمتهنه قليلة جداً، بل نادرة، ويتميز عمله بالدقة إلى درجة كبيرة، ويضيف إليها من روحه، حتى باتت له بصمة خاصة».

الفنان إسماعيل نصرة

يذكر أنّ الفنان "حبيب" من مواليد مدينة "الحسكة"، عام 1960.