هو أشهر الأدباء السريان بلا منازع، وقد شاعت الحكايات والأساطير عنه في كل مكان، تمتع بشخصية لها وقارها وعلمها وأدبها الذي ملأ الدنيا، فهو الخطيب والشاعر الموهوب، والملحن المبدع، والكاتب الفذّ، ومثال الزهد والنسك والصبر.

مدونة وطن "eSyria" ومن خلال رصدها للشخصيات السورية التي أثرت العالم أدباً وعلماً، التقت بتاريخ 14 حزيران 2017، الباحث والإعلامي "إلياس إيشو" ليحدثنا عن بداية حياة "مار أفرام السرياني"، فقال: «ولد "مار أفرام" في مطلع القرن الرابع الميلادي (306)م في مدينة "نصيبين" السورية، ومنذ نعومة أظفاره شغف قلبه بالتدوين والعلوم الإنسانية، وتتلمذ على يد "مار يعقوب" أسقف "نصيبين" ذاك الوقت، فأحبه واتخذه تلميذاً وكاتباً له، وألبسه الثوب الرهباني وأخذه معه إلى مجمع "نيقية" لتلقي بعض العلوم اللاهوتية. ثم أسس "مار يعقوب" مدرسة "نصيبين"، ولمعرفته بقدرات تلميذه العلمية سلمه زمام التعليم في المدرسة. وبعد انتقال "مار يعقوب" إلى جوار ربه تسلّم إدارة المدرسة إضافة إلى التدريس فيها، وتصدّى لأفكار "الهراطقة" ذاك الوقت أيام تدريسه لعلم اللاهوت. نبوغه بعلوم الدين لم ينسه الدور الأدبي، فبدأ ينظم الشعر والأناشيد الشعرية التي أرخت لمدينة "نصيبين" وما قاسته أيام الحصار والحروب على يد الفرس والرومان، بحكم موقع البلدة بين تلك الإمبراطوريات والخلاف فيما بينهما، فكانت "نصيبين" تخضع تارة للفرس، وتارة للرومان، وقد عرفت هذه القصائد بـ"النصيبية". ويعد "مار أفرام" عملاق الأدب السرياني الذي كان يقضي بياض نهاره وسواد ليله في الدرس والتحصيل ومطالعة الكتب، ومنها الكتاب المقدس الذي تعمق بعلومه. كما شدد على تعلم اللغة السريانية والتبحر في آدابها حتى غدا قطباً من أقطابها».

لقد كان تأثير "مار أفرام السرياني" هائلاً وعظيماً في جوانب كثيرة من الحياة إبان عصره، من خلال التفاسير والشروحات و"الميامر والمداريش" التي نبغ فيها، كذلك فإن موهبته الشعرية والأشكال النظمية والأوزان التي أبدعها وطوّرها تسربت عميقاً في وجدان الأجيال اللاحقة التي أغنت المدارك وقوّت النواحي الجمالية. ومن دون مبالغة فإن جميع ميادين الإبداع التي عمل فيها "مار أفرام" أعطت مؤلفات لامعة اشتهر بها الأدب السرياني، فصارت موضع فخره واعتزازه

وتابع "إيشو" رحلة "مار أفرام" مع العلم والزهد، فقال: «استغرق "مار أفرام" بالزهد، فكان لا يأكل إلا خبز الشعير والبقوليات المجففة، ولم يشرب سوى الماء، وأمام هذا التصوف والزهد لم ينقطع عن العالم، بل كان خادماً للرعية والإنسانية، وجعل من الأديرة مركزاً للعلم والمعرفة، حيث ازدهرت العلوم والآداب في عهده، واقتص تلاميذه أثره من بعده فتركوا آثاراً أدبية نفيسة وقيمة تعج بها مكتبات العالم.

الباحث الإعلامي إلياس إيشو

وفي عام 363م استولى الفرس على مدينة "نصيبين"، فهاجر "مار أفرام" إلى "الرها" أو "أوديسا"، وهناك افتتح مدرسة "الرها"؛ وهي صورة طبق الأصل عن مدرسة "نصيبين"، فأصبحت كذلك منارة للعلوم والآداب».

أما الغاية من الأغاني أو كما تسمى "الميامر" التي نظمها "مار أفرام السرياني"، فيؤكد "إلياس إيشو": «أنها كانت لسد الجوع الروحي والظمأ القلبي بالنسبة للبشر، كما يلبي الطعام الحاجة الجسدية حسب أقوال "مار أفرام"، وتوجد ثلاثة مخطوطات تعود إلى القرن السادس في الخزانة الفاتيكانية فيها بعض "الميامر" أو "المداريش". وعلى الصعيد الأدبي هناك من سبق "مار أفرام" زمنياً، مثل الشاعر "برديصان" وابنه "هرمينوس"، لكن "مار أفرام" تجاوزهما بكثرة إنتاجاته الشعرية والنثرية التي كانت أبرز المعالم المحددة لتطور الأدب السرياني في هذه البقعة الحضارية من العالم، وتوجد أدلة كثيرة تقول إن ترجمة أشعار "مار أفرام" إلى اليونانية لعبت دوراً كبيراً في تطوير الأسلوب الشعري والنثري في الأدب اليوناني.

قيثارة الروح

ومن أهم أقواله المأثورة: (اقتنِ الذهب بمقدار، أما العلم، فاكتسبه بلا حد؛ لأن الذهب يكثر الآفات، أما العلم فيورث الراحة والنعيم). ويقول أيضاً: (كن في فتوتك متواضعاً لترتفع في شيخوختك). كما يقول: (الحسد سهم نافذ يقضي على راميه)».

أما الإعلامية "سيلفا آسيا" المهتمة بالشأن السرياني، فتقول: «لقد كان تأثير "مار أفرام السرياني" هائلاً وعظيماً في جوانب كثيرة من الحياة إبان عصره، من خلال التفاسير والشروحات و"الميامر والمداريش" التي نبغ فيها، كذلك فإن موهبته الشعرية والأشكال النظمية والأوزان التي أبدعها وطوّرها تسربت عميقاً في وجدان الأجيال اللاحقة التي أغنت المدارك وقوّت النواحي الجمالية. ومن دون مبالغة فإن جميع ميادين الإبداع التي عمل فيها "مار أفرام" أعطت مؤلفات لامعة اشتهر بها الأدب السرياني، فصارت موضع فخره واعتزازه».

الإعلامية سيلفا آسيا