تأثر بمرض والده وطبيبه، فرسم طموحه وهدفه المستقبلي بأن يكون طبيباً، ونال المبتغى بتفوق دراسي في جميع المراحل، وعمل على مساعدة المرضى والمحتاجين ضمن استطاعته؛ وهو ما أهلّه ليطلق عليه الأهالي لقب "أبو الفقراء".

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 24 آذار 2018، زارت الدكتور "عبد طحيطح" ليتحدث عن مسيرته المثمرة، التي وصلت به إلى مراتب التفوق والطب، كما خطط لذلك، وعن البدايات تحدّث قائلاً: «منذ توجهي إلى المدرسة، زرع الوالد في داخلي حب التفوق، وهو ما حصل، بدءاً من المرحلة الابتدائية في مدرسة قريتي، أمّا المرحلتان الإعدادية والثانوية، فكانتا في مدينة "القامشلي" متحملاً جميع الصعوبات، بما فيها البعد عن المنزل من أجل الدراسة، كانت المراكز الأولى حصتي على مستوى المدرسة والمنطقة في جميع السنوات الدراسية، إضافة إلى مشاركاتي في المسابقات العلمية التي أقيمت على مستوى مدارس الثانوية، ومسابقات الرواد والشبيبة. ولا بدّ من الإشارة إلى بصمة عدد من المعلمين في تميزي وتشجيعي، ومنهم: "عبد الحكيم علوش، صطام خلف، هدى حميدي"، وبعد نيل الشهادة الثانوية، كانت أبواب الدراسة الجامعية بكل فروعها مشرّعة لي، لكنني فضلتُ دراسة الطب من أجل منطقتي وأبناء القرى العديدة التي كانت تحتاج إلى هذا الاختصاص، لكن الحسرة التي صعقتني عندما توجّهتُ إلى الجامعة، بوفاة والدي».

بصراحة ليست لدي قدرة على دفع تكاليف المعاينة الطبية، لكوني معيلة لأيتام، لذلك الدكتور "عبد" يعفيني من دفع ثمن التشخيص عني وعن أسرتي، وأكثر من ذلك، حتى معاينة "الإيكو" والتخطيط مجانية، وأحياناً كثيرة يتواصل مع الصيدليات والمخابر من أجل إعفائي من ثمن الأدوية والتحاليل المخبرية، وهكذا يتعامل مع جميع الفقراء والأيتام والوافدين، وأهل "تل حميس" يصفونه بأبي الفقراء، وهذا اللقب يعرفه القريب والبعيد، ونفتخر بهذا الإنسان لكونه يحافظ على إنسانية الطبيب

ويتابع عن رحلة الدراسة الجامعيّة: «رافقتُ والدي مدة طويلة إلى الأطباء، وتعلمت منهم قيماً مهمة، ومن ضمنها قيمة العلاج لدى الإنسان المريض، إلى جانب القيمة الاجتماعية، فزرعت بداخلي نيل شهادة الطب، من أجل أبناء المنطقة باللسان الحلو والدواء الفعال الذي يساهم بالعلاج. وكان لوفاة والدي أثر كبير فيّ، فقد كنتُ مضطراً للعمل في مرات كثيرة أثناء الدراسة الجامعية في مدينة "حلب"، من أجل تأمين ما يلزم لسنوات الجامعة ويومياتها، وطبقتُ تقنيناً كبيراً في المصاريف اليومية، وتحملت متاعب مضاعفة لإكمال وإنجاز الدراسة بجهد ذاتي، بعد فقدان السند والمعيل. بالتزامن مع الدراسة والعمل، كنت أتّجه للعمل في المشافي والنقاط الطبية طواعية، لكسب المعرفة العلمية والطبية العملية، والخبرة المهمة من أهل الخبرة، ومن سبقنا بسنوات في العمل الطبي، وكانت إشادة المدرسين في الجامعة بالمستوى والعطاء محفزاً لي، وبعد التخرج كان التوجه إلى فتح عيادة بين أهلي وأبناء منطقتي، وهم يترقبون ذلك بفارغ الصبر».

خدمات طبية مجانية لمن يحتاج إليها

عن مشوار العمل الميداني الطبي، تابع الحديث: «تم افتتاح العيادة عام 1990 في بلدة "تل حميس" مراعياً حال البلدة وقراها التي تعاني سوء الأحوال المادية، إضافة إلى تلبية حالات إسعافية كثيرة للمنازل ولو بعد منتصف الليل، المهم إنقاذ حالة مريض، أمّا عام 2011، فانتقلت العيادة إلى مدينة "القامشلي" مُطبقاً تسعيرة نقابة الأطباء في التشخيص، من دون رفعها ولو قليلاً. أمّا تكليفي بمهمة الطبابة الشرعية منذ عام 2011، فهي من دون مقابل حتى اللحظة، والأهم مساعدة الجهات الرسمية والمواطنين ولو مجاناً، فهي رسالتنا في المجتمع والحياة، وأهلنا يستحقون منّا كل ما نستطيع فعله».

"خولة خليف" من أهالي ريف "تل حميس"، تحدّثت عن الطبيب "عبد" بالقول: «بصراحة ليست لدي قدرة على دفع تكاليف المعاينة الطبية، لكوني معيلة لأيتام، لذلك الدكتور "عبد" يعفيني من دفع ثمن التشخيص عني وعن أسرتي، وأكثر من ذلك، حتى معاينة "الإيكو" والتخطيط مجانية، وأحياناً كثيرة يتواصل مع الصيدليات والمخابر من أجل إعفائي من ثمن الأدوية والتحاليل المخبرية، وهكذا يتعامل مع جميع الفقراء والأيتام والوافدين، وأهل "تل حميس" يصفونه بأبي الفقراء، وهذا اللقب يعرفه القريب والبعيد، ونفتخر بهذا الإنسان لكونه يحافظ على إنسانية الطبيب».

يذكر أن الدكتور "عبد طحيطح" من مواليد قرية "خزاعة" في ريف "تل حميس"، عام 1965.