لاعبٌ يحمل صلابة الجبال في خط الدفاع حين يلعب كرة القدم، زملاؤه بالملعب يشعرون بالثقة لوجوده خلفهم؛ فهم بأمان، أما خارج الملعب فهو الوفي والشهم، غادر الوطن والوطن لم يغادره، وفي المهجر كان المثل لعباً وخلقاً.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 أيلول 2018، تواصلت مع الكابتن "شكري قومي" في "السويد" ليحدثنا عن تجربته، فقال: «بداياتي في اللعب تعود إلى عام 1979 من خلال بطولات المدارس، ثم انتسبت إلى "نادي الجزيرة" لفئة الأشبال تحت إشراف الكابتن القدير "جان عبدو قلايلي"، الذي صقل موهبتي وعلمني فنون الكرة، وتابعت معه في فئة الناشئين، وكنا فريقاً من الصعب هزيمته، وفي مرحلة الشباب تابعت مع المدرّبين "سمير برخو" و"جوزيف الشايب"، وعندما أصبحت في فريق الرجال أشرف على تدريبي الكابتن "جوزيف سركيس" وشيخ المدرّبين الجزراويين "جوزيف إبراهيم" "أبو كربو"، وكانت من أجمل مراحل حياتي الكروية، كنا نلعب بروح الانتماء إلى البلد والنادي ولم نبحث عن المادة، وكان الوفاء للنادي والجمهور الذي يساندنا همّنا الوحيد؛ فترانا نلعب بقلوبنا ودمنا قبل أقدامنا؛ لا أذكر أنني أخذت من النادي مالاً كي ألعب، وهذا حال كل الفريق، وقدمنا مستويات ومباريات تبقى للذكرى، ولن أنسى مباراة فريقي عام 1988 مع نادي "جبلة" العريق، التي انتهت بنتيجة 3-2، وبقيت مع نادي "الجزيرة" حتى عام 1990».

الكابتن "شكري قومي" لاعب جزراوي بامتياز يعشق ناديه، صخرة في الدفاع ومشاكس ليس هناك لاعب بمستواه، قائد فريق بكل معنى الكلمة، يمتاز بالذكاء والقوة، ويمتلك رأساً ذهبياً

ويضيف "شكري قومي": «عام 1990 كان عاماً مفصلياً في حياتي، فقد جاءتني دعوة للعب في "السويد" من أحد أنديتها "اسيرسكا"، فقررت الهجرة وبداية طريق جديد في حياتي، ولعبت في "السويد" بمختلف الدرجات من الأولى إلى الثالثة حتى اعتزالي اللعب عام 2005، ثم عملت عدة دورات تدريبية وأصبحت مدرّباً لكرة القدم في أندية "السويد" بمختلف درجاتها، واليوم أنا مدرّب لفريق الناشئين في نادي "ارامسا سيرياتسكا" في الدرجة الأولى».

اللاعب الأنيق

يتابع: «يحزنني الواقع الرياضي في "الحسكة"، ولأنني متابع له؛ فهو بحاجة إلى الكثير، وخصوصاً عندما لا يتوفر استقرار إداري وفني ومادي لا يمكن للرياضة أن تستمر وتتطور على الرغم من وجود كادر رياضي ممتاز على كافة المستويات وجمهور متابع بقوة. أما عن مدينتي "الحسكة"، فهي بالنسبة لي حالة حب وإخلاص لا تنتهي؛ لأنني ترعرعت وانطلقت من هذه المدينة الجميلة. أما وطني الكبير "سورية"، فهو ضحك وبكاء، هو مئات الكلمات وأحاديث وصور تبعثرت في ذاكرتنا يستحضرها الحنين ويحفظها الشوق، "سورية" هي أيام عشناها في وطن نخاف عليه، "سورية" هي الحبيبة التي هجرناها ولم نستطع أن نعشق سواها، "سورية" كلمة عندما نسمعها تشتعل قلوبنا بالمحبة وتدمع عيوننا فرحاً وحزناً».

ويضيف: «منتخبنا الوطني بحالة جيدة جداً بعكس الماضي القريب عندما كانت الانتقائية تتم بطريقة غير مناسبة على الرغم من وجود كمّ هائل من اللاعبين، لكن الفريق اليوم جيد، وله شخصية وسيصبح فريقاً ذا شأن».

على الرغم من غربته يبقى وفياً لناديه وأهله

يقول عنه الصحفي "دحام السلطان": «"شكري قومي" واحد من أهم اللاعبين الذين خسرهم نادي "الجزيرة" في وقت مبكر وهو في عزّ عطائه بسبب الهجرة والرحيل إلى بلاد الاغتراب، وهو من أهم اللاعبين الذين شغلوا مركزاً مهماً في الخط الخلفي الجزراوي في عقد التسعينات من القرن الماضي، ويعدّ امتداداً للجيل الراقي والمثالي الذي سبقه ممن شغلوا مراكز في خط الظهر والمتمثل بالبلدوزر "عبد الله حمزة"، والفدائي "سيمون زارو"، والمقاتل "إيلي ميرو"، والقافلة تطول.

وعلى الرغم من هجرة الكابتن "شكري قومي"، إلا أن ذكراه الخالدة لا تزال باقية وراسخة في قلوب الجزراويين، فهو اللاعب الشهم والوفي والشجاع والخلوق والمنتمي إلى القميص الأحمر بحق، الذي أثبت علو كعبه وجدارته وتميزه في الملاعب. وسيظل "شكري قومي" واحداً من أهم الظواهر الكروية النادرة التي ولدت من رحم كرة القدم الجزراوية، وها هو اليوم يكمل مشواره الفني في حقل التدريب ببلاد الاغتراب، وكلنا أمل بأن تظهر بصماته واضحة في رفد منتخباتنا الوطنية بأفخم الكوادر الفنية من اللاعبين في المستقبل القريب، وعلى رأسهم نجله الواعد "ماريو"».

أما الكابتن "داوود السلمان"، فيقول عنه: «الكابتن "شكري قومي" لاعب جزراوي بامتياز يعشق ناديه، صخرة في الدفاع ومشاكس ليس هناك لاعب بمستواه، قائد فريق بكل معنى الكلمة، يمتاز بالذكاء والقوة، ويمتلك رأساً ذهبياً».

يذكر أن الكابتن "شكري قومي" من مواليد "الحسكة" عام 1968، متزوج ولديه أربعة أولاد.