لم ترهقها سنوات العمر الطويلة، فهي تتابع المهنة التي ورثتها وتتقنها منذ سنين بعيدة، تصنع السجاد اليدوي بطريقة احترافية، وتعمل على تعليم هذه الحرفة للكثيرات من نساء المنطقة تطوعاً.

تبلغ "غزالة مطلق" من العمر اليوم أكثر من 100 عام، 80 سنة منها قضتها من دون أن تفارق يوماً الآلة والأدوات التي تصنع السجاد التراثي اليدوي، حيث تجد سعادتها وراحتها وفقاً لتعبيرها، وتقول لـ"مدونة وطن": «كان عمري 20 عاماً، عندما باشرتُ صناعة أوّل سجّادة يدوية، فنتيجة حاجة الأهالي للسجاد اليدوي، تعلمت صناعتها من والدتي، فالمنطقة كانت تحتاج لبيوت الشعر بكمية كبيرة، ثم أخذت أصنعها كأدوات الزينة للمنازل، حيث لم تكن لدينا زينة سوى ما نصنعه يدوياً».

زرتُ الجدة "غزالة" أكثر من مرة، بهدف الحصول على سجاد يدوي من صنع أناملها، هي مبدعة حقاً، قامت بتعليم سيدة من بلدتي، وبدورها قامت بنقل المهنة إليّ وإلى غيري من نساء البلدة

تعلمت هذه المهنة، واستمرت بها حفاظاً على تراث المنطقة، وعلى صناعة عمرها مئات السنين، والتي تشرح خطواتها قائلة: «عملنا يتطلب جهداً يدوياً، ولا يحتاج إلا لأدوات بسيطة، ففي بداية العمل نقوم بغزل الصوف وتحويله إلى خيوط، أو الاعتماد على خيوط جاهزة، وبعد الحصول عليها نقوم ببرمها، بعد تثبيت آلة النول المختصة بالبرم، حيث توضع قطعتان من الخشب على الجانبين العلوي والسفلي، وتُربط الخيوط بالخشبتين، ويتم اختيار ألوان متناسقة متجانسة لرسوم معروفة مسبقاً، بعدها تُفرّد الخيوط لتصبح مستقيمة، ثم نقوم بشدّها بواسطة قرن الغزال، وتبدأ المرحلة الأخرى، وهي عملية الصنع بقطع الخيوط الزائدة، وربط الخيوط بعضها ببعض حتى يصبح السجاد جاهزاً، وهذه العملية تحتاج للصبر والخبرة والجهد الجسدي، والكثير من النساء ليست لديهن قدرة الاستمرارية، فهي تحتاج للهدوء كثيراً، حتى تصل إلى سجادة يدويّة تراثية قيّمة».

عمل يومي وعمرها يتجاوز القرن

أحبت "غزالة" هوايتها ومهنتها وحرصت على استمرارية هذه المهنة، فقامت بتعليم النساء ممن ترغبن بالتعلّم، وليس الهدف من هذه المهنة الاستفادة المادية فقط، بل الأهم الحفاظ على هذا التراث، وتقول: «ربما يكون الإقبال ضعيفاً وشبه معدوم على السجاد اليدوي، لكنني مستمرة بصناعته، وهناك من يطرق بابي وغرفة عملي للتعرف عليه وكسب سجادة أو أكثر، وذلك من مختلف مناطق وبلدات محافظة الحسكة، ومن شدّة تعلقي بهذه المهنة، أنجز أكثر من سجادتين أحياناً في اليوم الواحد، غير مكترثة بسنوات عمري العديدة».

"فاطمة أحمد" من أهالي بلدة "القحطانية" تحكي قصة تعلّمها صناعة السجاد اليدوي فتقول: «زرتُ الجدة "غزالة" أكثر من مرة، بهدف الحصول على سجاد يدوي من صنع أناملها، هي مبدعة حقاً، قامت بتعليم سيدة من بلدتي، وبدورها قامت بنقل المهنة إليّ وإلى غيري من نساء البلدة».

جانب من أدوات عملها

أما "شادي خليل" وهو من أهالي مدينة "القامشلي" فلا تنقطع زياراته إلى منزل الجدة بغية" التعرف على جديدها من السجاد اليدوي، وأحياناً تكون الزيارات جماعية حيث تجتمع أكثر من أسرة، لأنّ رغبة الكثيرين متوفرة لكسب ما تصنعه وتنجزه».

"غزالة علي المطلق" التي التقتها مدوّنة وطن في 1 تشرين الثاني 2020 تنحدر من قرية "حسو رطلة" التابعة لبلدة "القحطانية" وهي من مواليد 1919.

غزالة مطلق تصنع السجاد اليدوي