لا شك أن أشهر شارع في "حمص" هو شارع "الدبلان" ليس لأنه صلة الوصل بين شرق المدنية وغربها فحسب بل لأنه يضم أكبر عدد من المحلات التجارية في "حمص" التي تقع في شارع واحد...

ولأنه أصبح مقصدا للمسيرات الشعبية ومكانا لتعبير جمهور الرياضة في "حمص"عن فرحها بفوز فرقها في المباريات وموعدا يوميا لتلاقي الأحباء من مختلف أنحاء المحافظة. باختصار "الدبلان" يحوي كل شيء كما أخبرنا السيد "عبد الحكيم الأبرش" صاحب أحد أقدم محلات هذا الشارع والذي التقيناه في 2/2/2009 حيث تابع حديثه عن شارع "الدبلان" قائلا: «الدبلان متنفس "حمص" وسمي بهذا الاسم لوجود مقهى في آخره لشخص اسمه "أمين الدبلان" فأخذ الشارع اسمه من كنية هذا الرجل».

المميز بشارع "الدبلان" بأن الظروف والزمن هو الذي أعطاه الأهمية فنشأ وتطور دون قرار

وعن ذكرياته في "الدبلان" قال "الأبرش": «كنت أعمل في محل للبوظة به منذ عام/1948/ كان عمري /12/ سنة آنذاك أذكر أنه كان متنزها شعبيا للناس والعائلات تأتي إليه يومي الجمعة والسبت حيث يكون مفروشا بالناس وكان يضم مرجا أخضرا وبستانا رائعا من الورود وهو فقط للمارة.

السيد عبد الحكيم الأبرش

ثم اشتغلت كصانع خيّاط عام/1973/ حيث بدأت تنتشر محلات الألبسة في الشارع وبعدها بدأت أعمل بالألبسة الجاهزة منذ عام/1977/ وحتى الآن وكما تلاحظون أن محلات الألبسة وهي الغالبة في الشارع».

وأضاف السيد "عبد القادر" في حديثه عن الواقع الحالي "للـدبلان": «قائلا لا شك أن "الدبلان" حتى يومنا هذا هو مقصد كل سكان المدنية واليوم أكثر لأنه أصبح يلبي كل حاجات المواطن وأصبح فيه كل شيء وساعات الذروة فيه من الساعة/6/ وحتى /10/ ليلا، "الدبلان" هو صالحيّة "حمص" فمهما شقت طرقات جديدة وتحسنت طرقات يبقى "الدبلان" أهمها وأجملها من وجهة نظري».

شارع الدبلان ليلا

يضم "الدبلان" عددا من الشوارع الفرعية وعلى جوانبه يوجد أكثر من مدرسة خاصة وعامة ودور للغات وبنوك خاصة وهو بطول (1) كم تقريبا يربط شارع القوتلي والساعة الجديدة بغوطة "حمص" سابقا أو شارع "الغوطة" حاليا.

المصور "جورج صباغ" من الجيل الحالي يملك محلا للتصوير في أول الشارع ويعود تاريخ المحل لعام/1961/ يتحدث "جورج" عن شارع "الدبلان" فيقول: «ارتبطت بهذا الشارع منذ كنت صغيرا وأعمل لدى والدي بالتصوير في هذا المحل، بشكل عام المصالح خفت في الشارع لكنها لم تندثر فزبائننا يأتون إلينا قاصدين محلنا ومنهم من يأتي لأنه عابر في "الدبلان"، حاليا الشارع جميل لكنه بحاجة لإنارة، فالإنارة الموجودة ليست كافية أبدا ولا تليق بشارع "الدبلان" وأنا أتمنى أن يكون هناك وقت محدد لإغلاق المحلات مثلا في التاسعة أو العاشرة ليلا مثلما يحدث بشارع "القصاع" بـ"دمشق" ولكني لست مع منع دخول السيارات إليه لأنه صلة وصل بين مركز المدنية وغربها وإغلاقه قد يقلل كثيرا من حجم التعامل التجاري فيه».

الباحث نهاد سمعان

أما السيد "صفا اليافي" صاحب محل "اليافي" للحلويات وهو في "الدبلان" منذ عام/1980/ فكان له رأي آخر حول تحديد ساعات العمل في الشارع حيث قال: «أنا لست مع إغلاق المحلات في وقت محدد لأن هناك مصالح لا تتوقف الزبائن عن زيارتها حتى آخر الليل، "الدبلان" شارع لا تغيب عنه الحياة في الـ/24/ ساعة ولست مع إغلاقه لأنه يقلل من الحركة به، ولكن نتمنى أن يكون هناك ديكور موحد للمحلات فيه مع بعض الإضافات التي تعطي جمالية خصوصا أن العديد من شوارع "حمص" بدأت تظهر بحلة جديدة. وشارع "الدبلان" هو ثاني شارع رئيسي بعد شارع "القوتلي" في مركز المدينة».

وعن ارتفاع أسعار المحلات في الدبلان قال السيد "اليافي": «بلا شك أنها ارتفعت بشكل جنوني بسبب شهرة الشارع وكثافة الأعمال التجارية فسعر المتر حاليا قد يتجاوز /30/ ألف ل.س ومن قبل أذكر أن المتر كان بليرة سورية واحدة».

وللوقوف على حقيقة تسمية وتاريخ هذا الشارع موقع eHoms التقى الباحث التاريخي المهندس "نهاد سمعان" الذي قال: «إن تسمية شارع "الدبلان" تعود لعام /1930/ لها قصتان: الأولى وهي الأرجح بأن تسميته جاءت من سلوك السيد "أمين" صاحب القهوة والتي كانت موجودة بنهاية الشارع (حديقة الدندشي حاليا) حيث اتصف هذا الرجل ببطئه وبلادته في تلبية طلبات الزبائن الأمر الذي أعطى للسيد "أمين" لقب الدبلان نتيجة تصرفاته، ورواية أخرى تشير بأن كنيته الحقيقة هي الدبلان».

وأضاف الباحث "نهاد": «إن تمّيز الشارع الذي كان يبدأ من قهوة أبو النصر (بناء الأتاسي حاليا) لأنه يضم عدة مدراس ومقهيين و"سينما الفاروق" بنهايته إضافة لوجود الساقية فيه كل هذه العوامل أعطت أهمية للشارع ثم جاء افتتاح محلات لتأمين الخدمات للذين يقومون بالسيران في الشارع، ثم بعض المحلات التجارية التي تميزت عن سوق الناعورة من ناحية الديكور ونوعية البضائع». وختم الباحث "سمعان" حديثه قائلا: «المميز بشارع "الدبلان" بأن الظروف والزمن هو الذي أعطاه الأهمية فنشأ وتطور دون قرار».

قد لا يعلم سكان "حمص" أن البلدية جهزت شارع "عبد الحميد الدروبي" منذ أربعين عاما ليكون متنزهاً لأهالي "حمص" الذين جعلوا "الدبلان" متنزهاً لهم وبقي الأشهر تجارياً وشعبياً في المدينة.