في قرية "المزينّة" الغافية عند مدخل وادي النضارة في محافظة "حمص" تطالعك كنيسة صغيرة قديمة قدم الحكايات والعجائب التي تروى عنها هي كنيسة سيّدة البشارة أو "الشّحّارة" العجائبية الأثرّية.

سّميت بـ(الشّحّارة) نسبةَ إلى قرية اسمها "الشّحّارة" تقع الكنيسة القديمة في وسطها (وهذا ما تؤكده الكتابة الموجودة على الصينية المقدسة الفضية العائدة لعام 1814).

في العشرينيات من القرن العشرين وما تلاها حَدَثَ فيها الكثير من العجائب الموثقة على مرأى من شهود عيان كظهور النور المقدس من قلب الكنيسة وحمايتها لأبناء القرية الذين كانوا مهددين بالغزو الخارجي وخاصة في حرب67 سمعت فيها صلوات ملائكية وإحدى هذه الأمور المدونة هي مدونة في نشرة البطركية الإنطاكية عام 1956

الشاب "عبد الله مخول" أحد أبناء قرية "المزينة" حدثنا عن كنيسة قريته وماذا تعني له فقال: «الكنيسة جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية فنحن نقضي معظم أوقاتنا فيها، فالكنيسة تحوي الكثير من الأمور التي تشغلنا فمثلاً هناك جوقة الترنيم التابعة للكنيسة التي أنا عضو فيها وايضاً بعض المقتنيات القديمة التي نقوم برعايتها وصيانتها دورياً وأهم ما تحويه الكنيسة من هذه المقتنيات هو الجرس القديم الذي حدثني عنه أجدادي فكما يقال إن لهذا الجرس دور كبير بتذكير المصلين بأوقات الصلاة فأجراس الكنائس كانت ممنوعة عن الرنين أيام الحكم العثماني فقد كان الكاهن يصعد لأعلى قمة في جبل القرية ليدق الجرس ويتبعه أبناء القرية بعدها للكنيسة».

السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها إلى الكنيسة

الأب "بطرس حزوري" كاهن كنيسة البشارة أو (الشحارة) تحدث لموقع eHoms عن تاريخ الكنيسة وأهم محتوياتها والقيمة الروحية التي تعنيها لأبناء القرية والمراحل التاريخية التي مرت بها الكنيسة حيث بدأ حديثه بالقول: «الكنيسة قريبة من "المزينة" التي بنيت على الهضبة، وقد اندثرت هذه القرية ولم يبق من آثارها سوى البيوت والمقابر المتعددة حول القرية المندثرة وهذه الكنيسة المقدسة لا تشتهر على صعيد وادي النضارة فحسب بل على صعيد المؤمنين في الوطن والمهجر الذين يأتون قاصدين زيارتها من أماكن بعيدة وذلك لكثرة أعاجيبها عبر التاريخ. تحتفل الكنيسة في "عيد البشارة" في 25 آذار و"عيد رقاد السيدة " في 15 آب».

ويضيف الأب "حزوري" بالقول: «في هذه الكنيسة المبنية من الحجارة البازلتية السوداء بعض الأواني المقدسة ترجع إلى عام 1814 وهناك أيضاً بعض الأيقونات التي ترجع لعام 1861 وبقايا "الأيقونسطاس" الخشبي أي (حامل الأيقونات) فهو يعود لعام 1889م وفي العامين 2004-2005 تم ترميم الكنيسة القديمة من الداخل ومن الخارج بجهود المؤمنين من أبناء القرية ويبلغ طولها من الداخل 15 مترا مربعا وعرضها 5.5 أمتار مربعة أما طولها من الخارج فهو 20م وعرضها 10م وقد أعيدت أثناء الترميم إلى شكلها القديم حيث أزيل الإسمنت والطلاء عن الجدران ونظفت حجارتها وكحلت بشكل مدروس لتعود إلى شكلها القديم الذي كانت عليه منذ سنوات عديدة.

وبعد هذا الترميم ظهرت القناطر والعقود البازلتية التي كانت تزين الكنيسة قديماً وبالنسبة لعمر الكنيسة أو زمن تشيدها الحقيقي فهو مجهول الحقيقة ولكن يرجح أنها كانت موجودة في زمن الملك "الظاهر بيبرس" حيث تروي الأحاديث التي سطرت في أذهان الأجداد والآباء والأبناء عن صمود هذه الكنيسة في وجه المعتدين الذين صمموا على تخريبها وتخريب الأراضي العربية في ذلك الوقت».

أما عن الأعاجيب والروايات التي كانت تروى حول كون الكنيسة عجائبية فقد قال: «في العشرينيات من القرن العشرين وما تلاها حَدَثَ فيها الكثير من العجائب الموثقة على مرأى من شهود عيان كظهور النور المقدس من قلب الكنيسة وحمايتها لأبناء القرية الذين كانوا مهددين بالغزو الخارجي وخاصة في حرب67 سمعت فيها صلوات ملائكية وإحدى هذه الأمور المدونة هي مدونة في نشرة البطركية الإنطاكية عام 1956».

الشابان عبد الله مخول "داني عكاري

وقد أضاف حول التجديدات والإضافات على الكنيسة في الوقت الحالي والخدمات التي أصبحت الكنيسة تقدمها للشبيبة قال: «في السبعينيات من القرن الماضي ازداد عدد سكان القرية ونمت القرية معمارياً وروحياً وثقافياً فشيدت كنيسة لاصقة للكنيسة القديمة وبنيت قربها ملحقات تضم غرفة للتعليم المسيحي وغرفة للكشاف وصالوناً لاستقبال وأيضاً أصبحت تضم فرقة للسيدات اللواتي يساهمن في النشاطات الروحية والخدمات الاجتماعية ومؤخراً تم وضع حجر الأساس لبناء مجمع "البشارة" الذي يحوي المشروع صالونات ومكان وقاعات لسكن الطلاب الجامعات وتخديم الرعية بكافة الميادين.

الجدير ذكره أن كنيسة "البشارة" (الشحارة) تقع عند مدخل قرية المزينة الغربي وتستقبل زوارها على مدار الأسبوع وفق أوقات معينة خلال الأسبوع وللكنيسة قيمة روحية كبيرة لدى أهالي قرية المزينة في حمص.