شكّلت وسائل التسلية منتصف القرن الماضي، عاملاً اجتماعياً مهماً للتقريب بين الناس سواء كانوا أطفالاً أم كباراً، حيث شهدت ستينيات القرن الماضي اندماجاً كبيراً بين الأولاد والبنات والعوائل أيضاً كما يوثق أبناء "حمص" القدماء.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 شباط 2016 المفكر الاجتماعي "زكريا مينو" صاحب الخبرة الطويلة في تتبع فعاليات المجتمع الحمصي وأصول عاداته وتقاليده ليحدثنا عن أهم مميزات وسائل التسلية القديمة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي بقوله: «لا شك أن وسائل التسلية بشكل عام تلعب دوراً في رسم حدود المجتمعات وصفاتها وهو ما ميّز مدينتنا منذ ذلك الحين، حيث كانت ألعاب ووسائل تسلية للجميع وليس فقط للأطفال، ما خلق حالة من التفاعل الاجتماعي بين الناس، وميّز تلك الحقبة مع عدم وجود الوسائل الحديثة كما هو الحال اليوم، وشكّل انفتاحاً بين الجميع، حيث كنا نلعب صبياناً وبناتاً سوية على عكس ما يعرف بأن هناك تعصب كان سائداً حتى عمر 12 تقريباً وهو ما شكل بيئة متكاملة في المدينة.

من أهم الألعاب التي اندثرت اسمها "أول كشّة" وهي عبارة عن شخص يقفز فوق آخر ومن ينجح يربح بها مرافقة لأهزوجة أيضاً طوال فترة اللعب، ولعبة "أم الفراشخ" التي يلعب بها شخصين يفتحان أرجلهما تدريجياً وعلى شخص ثالث أن يقفز من فوقهما، ومع كل قفزة تتوسع الفتحة لتصعيبها

من أهم الألعاب التي كنا نمارسها "الحيز" وهي عبارة عن مربعات مرسومة من الطبشور على الأرض الهدف منها الخروج من المربعات، ولعبة أخرى عبارة عن تمثيلية اسمها "عريس وعروس" حيث كان يتم تمثيل عرس حمصي متكامل من الأطفال يتم فيه اختيار عريس وعروس حقيقيين من قبلهم مع بعض الأهازيج الطفولية المرافقة».

زكريا مينو

ويضيف: «من أهم الألعاب التي اندثرت اسمها "أول كشّة" وهي عبارة عن شخص يقفز فوق آخر ومن ينجح يربح بها مرافقة لأهزوجة أيضاً طوال فترة اللعب، ولعبة "أم الفراشخ" التي يلعب بها شخصين يفتحان أرجلهما تدريجياً وعلى شخص ثالث أن يقفز من فوقهما، ومع كل قفزة تتوسع الفتحة لتصعيبها».

الباحث الاجتماعي "محمد خير الكيلاني" يحدثنا أيضاً عن أهم وسائل التسلية في جيله بقوله: «لم تكن وسال التسلية في جيلنا مجرد وسائل لتمضية الوقت فقط، فقد شكلت حافزاً للتقارب الاجتماعي في زمن شهد انغلاقاً لفترة كبيرة، ثم شهد انفتاحاً في وقتنا أكبر من الذي نراه اليوم، فقد كانت لدينا ضوابط أدبية وعائلية منذ صغرنا، على الرغم من أننا حظينا بحرية كاملة للعب.

محمد خير كيلاني

ففي ستينيات القرن الماضي درجت عادة اللعب بالحارات في جيلنا ومن أهمها ألعاب "قبة حمام الزيني" و"البيور" و"الكلال" والخريطة وبالمقاهي لعب الطاولة والضامة والباصرة.

في لعبة "قبة حمام الزيني" يقف عدة شبان بشكل دائرة متماسكين بأكتاف بعضهم البعض ويصعد على اكتافهم عدد أقل ثم الأقل بالأقل حتى يبقى رجل واحد بأعلى الهرم وأحياناً لا تنتهي اللعبة بوقوف الشخص براس الهرم فيقع الجميع ثم يعيدون المحاولة حتى تتم ويهزج فوق الهرم بأهزوجة تسمّى قبة حمام الزيني.

عبد الرحيم السلومي

ولعبة "البيور" هي عبارة عن قطعه خشبيه يقام ببريها متل القلم من الطرفين وتوضع على الأرض ويقوم شخص بيده قطعة خشب مفلطحه لها ممسك بقبضة اليد كمضرب "البينغ بونغ" طويلة بحدود 50 سم ويضرب بطرفها على طرف قطعة الخشب المبراة من طرفيها فتنطلق بالهواء لمسافة معينة ثم يقوم آخر بنفس العملية ومن يبعدها أكثر يفوز».

"عبد الرحيم السلومي" المهتم بتراث "حمص" الاجتماعي والثقافي حدثنا عن تفاصيل بعض الألعاب والتسالي التي عاصرها بقوله: «تطور الوقت والزمن أخفى متعة التسالي التي شهدناها في زمننا، حيث كانت فسحة للاجتماع مع الأهل والأقارب والجيران خصوصاً في الحارات القديمة والضيقة والتي لها ألعاب ذات خصوصية لوحدها، فمن الألعاب القديمة المعروفة لدينا لعبة الدوش او الدوامة ولعبة عسكر و حرامية و لعبة الشطحة والخريطة واللاقوطة والطمّيمة.

في تفاصيل لعبة "الخريطة" يختبئ مجموعة من الشباب بأماكن بعيدة عن حارتهم بحارة أخرى ويأتي مندوب عنهم ويرسم خريطة المكان حيث تمر بالشوارع والحارات الى مكان الاختباء فتقوم مجموعه أخرى بتقصي مكانهم فإن وجدوهم يعود الجميع لحارتهم جرياً ومن يصل قبل الآخر يفوز.

أما لعبة الدّوش أو الدّوّامة فهي قطعة خشبية لها شكل مخروطي يلف حولها خيط حتى يشمل كامل مساحة حجمها و يربط الخيط بإحدى أصابع اليد و تلقى بقوة على الأرض لتدور بسرعة ويشترك في اللعبة عدة أشخاص من مختلف الأعمار و يلقون لعبتهم في آن واحد و من تبقى دوامته تدور لفترة أطول يكون الفائز».