اختبر "شادي جبور" العمل الطوعي مع الأطفال، سار معهم ورافقهم، فاكتسب مهارات ومعرفة من خلالهم، عمل في الدعم النفسي التنموي والإنساني، ليحقق غايته في رسم البسمة على وجوه الأطفال.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 2 آب 2017، "شادي جبور" مسؤول مركز "حلم" في قرية "المشتاية" بريف "حمص" الغربي، ليتحدث عن عمله مع الأطفال قائلاً: «الفكرة التي دفعتني إلى العمل بهذا المجال هي بناء الطفل بالطريقة العلمية الصحيحة والسليمة، فهو عبارة عن صفحة بيضاء، قادر على إظهار أي حالة يتلقاها من المجتمع المحيط به.

هو شخص مندفع، ومبدع، وملتزم في مجال عمله، فأي طلب أو مهمة يكلف بها لا يتركها إلا بعد إنجازها على أكمل وجه، وهذا الأمر الذي يميزه عن غيره؛ فهو شخص يستطيع تحمل ضغط العمل ومسؤوليته على أتم وجه، كما استطاع بناء ثقة كبيرة مع فريق عمله والأطفال من خلال خبراته وتجاربه التي قضاها معهم؛ فكان قدوة في العمل

عملي مع الأطفال يعدّ شبه شامل، فهو يشمل الدعم النفسي والتربوي والتنموي، وهذه الحالات الثلاث المذكورة تصب في العنوان العريض وهو: "الدعم الإنساني للطفل"، الهدف منه تنمية قدرة الطفل وشخصيته وتعامله مع المحيط الخاص فيه، والأهم من هذا هو القدرات المخفية لدى الطفل ومحاولة بنائها وإظهارها معاً. ومن خلال مسيرتي وتعاملي معهم لمدة ثلاث سنوات رأيت أنهم بحاجة بالدرجة الأولى إلى جهة تدعم ثقتهم بنفسهم وقدراتهم ليستطيعوا أن يعبروا عن رغباتهم وحاجاتهم بجرأة وثقة. ورأيت كثيرين من الأطفال الخجولين والانطوائيين، وخاصة بعد الأحداث التي مرت بها "سورية"، حيث كانوا يعانون ظروفاً صعبة، ومن الأمثلة موضوع عمالة الأطفال أو العنف الأسري ضد الطفل، إضافة إلى حالات أخرى مختلفة».

جبور مع الأطفال

أما عن التقنيات التي يستخدمها في مجال عمله بالدعم النفسي للطفل، فيتابع: «التقنيات التي يتم استخدامها في العمل كثيرة ونوعية، هذه التقنيات تعتمد وتركز بالدرجة الأولى على التوعية؛ فمجرد نمو الطفل ضمن محيط يمتلك وعياً يساعد بنسبة كبيرة على بناء سلوكه وشخصيته بالطريقة السليمة، التقنيات لا تختص بالأطفال فقط، وإنما بالكبار والأهل، فمثلاً نقوم بزيارات دورية وتجمعات نقدم النصائح والإرشادات الصحيحة من خلالها للتعامل مع الطفل، كما نقدم العديد من المحاضرات يقوم بها فريق متخصص في علم نفس الأطفال بالتعاون مع كادر مدرّب من خلال دورات مختصة بهذا المجال، وعادة تكون هذه المحاضرات كل أسبوع في مراكز ثقافية أو صالات خاصة، ومن هذه المواضيع: محاضرات حول الإسعاف النفسي للطفل، العنف اللفظي اتجاه الطفل، حماية الطفل، وغيرها.

ومن التقنيات المهمة التي نقوم بها وخاصة في مركز "حلم" الذي صفته "المساحة الصديقة للطفل" التابع لدائرة العلاقات المسكونية والتنمية، النشاطات الدورية التي نجمع بها الأطفال، مثل الحفلات أو الدورات التنموية كالرسم والموسيقا والرقص، نلاحظ في هذه النشاطات اهتماماً لدى بعض الأطفال بجانب محدد من مجموعة أنشطة فنقوم بمساعدتهم، ودعم قدراتهم الخاصة، والعمل على توعية الأسرة والمحيط، والتركيز على المواهب».

وعن بعض الحلول التي يراها "جبور" للدعم النفسي للأطفال، يتابع: «الحل يظهر من المجتمع نفسه الذي يعيش الطفل بداخله، لكن المجتمع عادة لا يعرف ولا يدرك أن الحل قريب منه ويستطيع تفعيله كما هو مطلوب، ومن هنا يأتي دورنا بتعريف هذا المجتمع والمحيط بالحل السليم وكيفية تنفيذه، وجدنا العديد من المشكلات، وفي الوقت نفسه الناس قدموا الحلول، فنحن نأخذ دور التوضيح والتوعية من خلال الأنشطة والمحاضرات التي تقوم على تفريغ العقل الباطني للمحيط، ثم نراقب الأطفال بتمعن إن كانوا يتقبلون الآخرين أم لا، أو نشاهد حالات عنف تجاه الآخرين أم لا، أو نلاحظ أطفالاً لديهم ثقة بالذات أم لا. وأيضاً بعض الدلائل والمؤشرات المختلفة، من خلال المراقبة والمتابعة ضمن خطة عمل تتضح لنا طبيعة التفاعل لديهم، وعلى أساسها يتم بناء القرارات الصحيحة والسليمة لبناء الهيكلية السلوكية لديهم، ونباشر العمل وبناء الثقة مع الأهل والطفل معاً».

وعن مهاراته والدورات التي اتبعها لهذا العمل، يضيف: «قمت بالعديد من الدورات التي قدمت لي المعرفة النظرية العلمية، وفي الوقت نفسه كنت أعمل على أرض الواقع مع مركز "حلم"، فكانت المعلومات النظرية تنعكس على الواقع العملي. ومن هذه الدورات التدريبية: إسعاف نفسي أولي، إسعاف 24 بروفيه؛ وهي متخصصة بالحالات الإسعافية، دورة حماية طفل، دورة إغاثة، وأخيراً دورة إسعافية بعنوان: forum Theater، هذا فيما يخص العمل مع الأطفال، إضافة إلى مجموعة دورات تدريبية مختلفة في مجال الإدارة، التي تساعد على تنظيم وإدارة الأعمال والأنشطة بأسلوب سليم».

وعن عمله كمسؤول عن فريق مركز "حلم"، يقول: «العمل مع فريق من الشباب مهم جداً بالنسبة لي، وفي الحقيقة قدم لي خبرات مهمة؛ فتلاحظ أن المعرفة لدى الأشخاص مختلفة في الفريق، ومتفاوتة على مستوى الخبرات أيضاً، من هنا أرى نفسي داخل فريق ينهل الجميع من الجميع، ونعمل على إظهار الثقة والمعرفة بين أعضاء المركز؛ وهو ما انعكس بذات الوقت على الأطفال الذين يأتون إلى المركز لاكتساب المهارات، وبناء الشخصيات، وأعدّ الهدف الأعلى والأسمى لدي هو رسم الابتسامة والضحكة بسلام حقيقي على وجوه الأطفال، وتوعية الأهل من أجل تربية سليمة لأولادهم».

"وجدي سكاف" منسق الشؤون الإعلامية في "دائرة العلاقات المسكونية والتنمية"، ومن الأشخاص الذين تعاملوا مع "جبور"، تحدث عنه قائلاً: «هو شخص مندفع، ومبدع، وملتزم في مجال عمله، فأي طلب أو مهمة يكلف بها لا يتركها إلا بعد إنجازها على أكمل وجه، وهذا الأمر الذي يميزه عن غيره؛ فهو شخص يستطيع تحمل ضغط العمل ومسؤوليته على أتم وجه، كما استطاع بناء ثقة كبيرة مع فريق عمله والأطفال من خلال خبراته وتجاربه التي قضاها معهم؛ فكان قدوة في العمل».

الجدير بالذكر، أن "شادي جبور" من مواليد "حمص"، عام 1994.