أمسكت الفنانة التشكيلية والمهندسة "ديما كروما" مواهبها الفنية المتعددة، ووظّفتها مع دراستها بمجال تكنولوجيا المعلومات، فأثبتت نفسها بالعلم والفن، حيث أضافت لمساتها الفنية والجمالية؛ وذلك ببرمجة برامج إلكترونية وتنسيق وتصميم مواقع إنترنت، فحصلت على منحة العمل بموقع "غوغل".

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 15 تشرين الأول 2018، مع "ديما كروما" لتتحدث عن مواهبها الفنية وحصولها على منحة من "غوغل" بمجال البرمجة، فقالت: «أعشق الألوان وأترجم هذا العشق إلى لوحات فنية وصور فوتوغرافية. كنت طفلة بعمر الرابعة، وأينما وجدت ورقة وقلماً جلست ساعات أخربش وأرسم، واستمر عشقي للرسم حتى أحضرت والدتي مدرّس رسم لإعطائي دروساً خصوصية، ثم دخلت إلى مركز "صبحي شعيب" للفنون، وهنا كانت نقطة الانطلاق.

كلما شاهدت وقرأت وتعرّفت إلى أعمال وحياة فنانين، تضيف تجربتهم شيئاً جديداً ومختلفاً إليّ. المعارض مهمة للفنان لتطوير حياته الفنية وزيادة الثقة بالنفس وزيادة الانتشار في الوسط الفني. شاركت بمعرض في مدينة "اندينابولس"، فالفن بالنسبة لي هو أسلوب من أساليب التواصل مع العالم، وهو التعبير عن الأفكار والمشاعر التي أخلقها في المشاهد، وهذا المعنى يظهر من خلال المواد والتقنيات والأشكال التي أستخدمها، واللوحة ثقافة مجتمعية يهتم بها الناس وتنقل ثقافات وحضارات

انتقلت إلى "الولايات المتحدة" وأصبحت عضوة في مركز الفنون التشكيلية في "اندينابولس"، وهناك تعلّمت الكثير، ولا أخفي روعة وقوة مدرّبي مركز "صبحي شعيب" أكاديمياً بعد أن شاهدت الكثيرين من معلمي الرسم في "أميركا"، حتى إن بروفسوراً للرسم في جامعة "هارفارد" أبدى إعجابه بالأسلوب والتقنيات التي أستخدمها».

الفنانة التشكيلية والمهندسة ديما كروما

تشعر "كروما" بالرغبة في الرسم، فهو سعادتها في الحياة، وأضافت: «امتلكت مفاتيح موهبتي بتعلمي الخطوط الأساسية في مركز "شعيب"، لم أدرس الرسم في جامعة، فدراستي هي الهندسة المعلوماتية، أما الرسم، فهو شغفي وقد حسنته وطورته، ولا أعدّ موهبتي قد وصلت إلى مرحلة النضج بعد، فالإنسان يجب أن يطور نفسه مهما وصل إلى مراحل متقدمة. الطبيعة الصامتة تشدني، لكن بعد الاغتراب أصبحت لوحات الحارات من بلدي تشدني أكثر، وأستمد أفكاري من كل ما أرى وأسمع، قد يكون بيت شعر أو منظراً طبيعياً أو رائحة المطر، أو إحساساً بالحنين. عندما ترى تقدير الناس للوحة رسمتها واهتمامهم بشرائها، فهذا يعني أنك في الطريق الصحيح، أحب لوحاتي وأحزن لفراقها، وفي الوقت نفسه أفرح حين يتم انتقاؤها، وأحب الألوان القوية؛ الأحمر، والأصفر، والنيلي».

وعن المعارض التي شاركت فيها، قالت: «كلما شاهدت وقرأت وتعرّفت إلى أعمال وحياة فنانين، تضيف تجربتهم شيئاً جديداً ومختلفاً إليّ. المعارض مهمة للفنان لتطوير حياته الفنية وزيادة الثقة بالنفس وزيادة الانتشار في الوسط الفني. شاركت بمعرض في مدينة "اندينابولس"، فالفن بالنسبة لي هو أسلوب من أساليب التواصل مع العالم، وهو التعبير عن الأفكار والمشاعر التي أخلقها في المشاهد، وهذا المعنى يظهر من خلال المواد والتقنيات والأشكال التي أستخدمها، واللوحة ثقافة مجتمعية يهتم بها الناس وتنقل ثقافات وحضارات».

لوحة "كاسة وحنين"

حب الفن أغنى تجربتها التصويرية، فالفنان يعرف كيف يرى الأشياء في الحياة اليومية؛ فعندما ينظر إلى أي شيء، فإنه يشاهد الظلال والانعكاسات واتجاه الضوء ودرجة وشدة إشباع الألوان، وعن سبب احترافها للعدسة الضوئية قالت: «التصوير هواية وتحولت إلى احتراف بالتعلّم، فالموهبة لا تكفي مهما كان الشخص موهوباً لا بد له أن يعرف الطريق الصحيح، وعندها يتميز ويبدع. أقوم بالتقاط الصورة عندما تكون جيدة بالنسبة لي، الصورة الجيدة والجميلة برأيي هي التي تتواصل مع المشاهد، وتكون قادرة على سرد قصة من خلال محتوياتها وألوانها وإضاءتها وتكوينها. بدأت أحب التصوير منذ نزول "الديجيتال" في "سورية"، وكنت أغتنم فرصة السفر للتصوير. ثم عندما انتقلت إلى "أميركا" قرّرت احتراف التصوير كي أصوّر أطفالي، بطبيعتي أحب إتقان العمل والتعمق والدراسة، فالتحقت بمعهد "نيويورك" للتصوير الاحترافي، وبعد سنتين أنهيت الدراسة، وأصبح عندي استوديو صغير في المنزل أقوم بصناعة الديكورات والملابس بنفسي لجلسات التصوير، والمصور الناجح يعرف كيف يعثر على الضوء الجيد المناسب لإخبار القصة، وإن لم يكن الضوء موجوداً، فهو قادر على صنعه بنفسه، فالضوء هو ما يفصل بين المصور المحترف والهاوي. لم أكن أفكر أن أعمل بهذا المجال، إلا أن بعض الأصدقاء كانوا يطلبون مني تصوير أطفالهم، فحظيت بالشهرة، لكن مهنتي الأساسية تبقى هندسة البرمجيات وتطوير مواقع الإنترنت مهما اختلفت الهوايات».

وعن هوايتها بمجال الأشغال اليدوية، قالت: «منذ صغري كنت أحب الأعمال اليدوية، كان عمري خمس سنوات عندما علّمتني جدتي التطريز اليدوي، وقمت بتطريز اسمي على قطعة قماش صغيرة، وعندما انتهيت وأردت أن أريها لجدتي اكتشفت أنني قمت بخياطتها مع ملابسي التي أرتديها وكان موقفاً مضحكاً لا أنساه أبداً، كما علّمتني جدتي "الكروشيه"، وكنت أنتظر نهاية الأسبوع لأتعلّم منها، وكلما تعلّمت نوعاً جديداً أجرّبه.

من تصويرها

مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بنشر الفن؛ فهي مثل صالة عرض عالمية غير محصورة على سكان منطقة محددة من الكرة الأرضية، ولم يتمكن سابقاً الفنان من الدخول في محادثة مباشرة مع جمهوره البعيد».

وعن استخدامها لتكنلوجيا المعلومات لنشر فنّها، قالت: «دراستي بعيدة عن الفن، لكن استطعت الدمج بينهما؛ فحين أقوم بتصميم موقع إنترنت ثم أبرمجه، فأنا هنا أستخدم خبرتي الفنية بالألوان، والتنسيق للتصميم وخبرتي البرمجية. حالياً مع "غوغل" أبرمج أيضاً الألعاب، وقد استفدت في ذلك من خبراتي الفنية، فمشاريعي والألعاب التي أبرمجها تتميز بلمسة فنية مع الاهتمام بتفاصيل جمالية، وأستمتع جداً بذلك. اخترت مجال المعلوماتية عن رغبة، وبطبيعتي أحب التكنولوجيا والأشياء التي فيها تحدٍّ، وعندما سافرت أصبحت أعمل من المنزل لأنني كنت لا أرغب بترك أطفالي، وكنت دائماً أبحث عن أي فرصة للتطور، وعندما أخبرني زوجي عن تحدٍّ أعلنته "غوغل" ومدة التحدي كانت ثلاثة أشهر، والرابحون باستطاعتهم الدراسة والتدرّب والحصول على شهادة "Front End Web Developer"، دخلت التحدّي، وفزت وحصلت على المنحة، وأنا حالياً في مرحلة الدراسة والتدرّب. طموحاتي كثيرة وأفضّل ألا أتكلم عنها قبل أن أصل إليها؛ لأن الكلام يقلّل من الدافع للعمل».

المهندسة والإعلامية "ملاذ البكري" التي تعمل في "أميركا" بعدة مجالات كالإعلام والفن والتنمية البشرية، قالت عن معرفتها بأعمال "كروما" ومسيرتها: «تواصلت مع "كروما" لإجراء مقابلة إذاعية، وكانت حلقة رائعة، حيث غصت عميقاً معها في مسيرتها الفنية وهجرتها ومواهبها المتعددة، وكيف استطاعت في وقت قصير أن تحقق إنجازات في مجالات متعددة، كإنجازها العلمي والفني والاجتماعي، وقدرتها الكبيرة على خلق تجمع نسوي عربي متنوع عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتبادل المعلومات والدعم والمساهمة في المجتمع، وبرأيي من الناحية الفنية أبدعت في توظيف إيحاءات الغربة والعمق الشرقي وعناصر القوة في كليهما، لتصنع مساحة فنية منفردة في تنسيق الألوان والتيه في ذاكرة الأماكن التي نسافر إليها من خلال لوحاتها.

ما بين الحداثة والكلاسيكية استطاعت أن تمنح قطعة القماش تلك الحياة واللغة -لغة الضاد- لتبرز معالم التراث والفلكلور العربي، تصب من روحها في كل لوحة فأتخيّل وأنا أنظر إلى لوحاتها أنني أراها طفلة تمرح في أزقة الشام أو صوت يرتّل آيات السلام في ركن آخر من اللوحة، أو تصنع من حبات الرمان واقعية مفرطة في التناسق. الفن عندها تعدّى إطار اللوحة ليفيض في جميع جوانب حياتها وعلاقاتها من إبداعها بالتقاط الصور الفوتوغرافية والديكور وحسّها الموسيقي والفني».

بدورها مهندسة المعلوماتية "دانية بريمان" أشرفت على تدريس "كروما"، قالت عنها: «على الرغم من سفرها إلى الخارج، إلا أن مواقع التواصل جعلتني قريبة منها، وكنت أسميها وردة "حمص" الجورية لتعدد مواهبها الفنية، هي من الطالبات المتفوقات والمتميزات، حيث درّستها مادتي الذكاء الصنعي والرسم البياني، وعرفت بتهذيبها وتواضعها والتزامها بتأدية مشاريعها البرمجية في الوقت المحدد، محبة لصديقاتها ومتعاونة؛ فالمشاريع البرمجية تحتاج دائماً إلى العمل الجماعي، ولا تبخل بإعطاء معلومة أو مساعدة لزملائها، فهي متواضعة جداً وتحترم مدرّسيها، اشتغلت مواقع إنترنت لشركات تصميم في "دمشق" قبل سفرها، ثم رفعت اسم بلدها، حيث تميزت في مشاريع المنحة التي أعطتها إياها "غوغل"، وبرعت ببرمجة تطبيقات الويب باستخدام "React"، كما تميزت تصاميمها بلمسة فنية، واشتغلت بتدريس برامج "أدوبي" بالداخل والخارج، والأجمل أنها أثبتت نفسها؛ فجمعت بين علمها وفنها، فأنا أستمتع بمشاهدة أعمالها اليدوية ورسوماتها».

يذكر أن "ديمة كروما" من مواليد "حمص"، عام 1982.