لم تمنعه الحياة في المغترب من التمسك بعادات بلده وقريته، وعلى الرغم من كل النجاحات في مسيرته الطبية بمجال طب الأطفال، إلا أنه بقي مصمّماً على تربية أبنائه كما تربّى، والحفاظ على ذكريات الماضي بطريقة عصرية.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الدكتور "حسان سلوم" الاختصاصي في طب الأطفال، الذي يقيم في "الولايات المتحدة الأميركية"، فقال عن نشأته ودراسته: «ولدت في قرية صغيرة وبسيطة، كانت عندي وما تزال الجنة على الأرض، وترعرعت في بيت متواضع الحال كانت البساطة عنوان حياته اليومية، والدي كان يخدم في الجيش برتبة مساعد، ونعمل كلنا في الزراعة (القمح والبطاطا والعنب)، ولدي ستة إخوة من الشباب، وأخت وحيدة، درست المراحل من الابتدائية وحتى الثانوية في القرية، وكنت متفوقاً في جميع المراحل، حتى إن أستاذي ومدير المدرسة حينذاك الأستاذ "إبراهيم خليل"، كان يعدّ ورقة إجابتي سلّم تصحيح له، وفي عام 1976 نلت الشهادة الثانوية في الفرع العلمي، وحصلت على المركز الثاني في محافظة "حمص"، وهنا أستذكر ذلك اليوم بشدة، حيث كنت أساعد والدي في دراسة القمح، وجاء خبر نجاحي وتفوقي، وكان والدي يجلس تحت شجرة، وعندما سمع ذلك بكى من شدة فرحه، فصمّمت أكثر على التفوق؛ وهذا ما كان».

دخلت كلية الطب البشري بجامعة "دمشق" وتخرّجت فيها عام 1982، وكنت من الخمسة الأوائل عند التخرّج، بعدها أكملت في الدراسات العليا باختصاص طب الأطفال، وتخرّجت عام 1985، وبعد أن أنهيت خدمتي الإلزامية في الجيش، حصلت على منحة دراسية في "فرنسا" عام 1988 وتخصصت في أمراض سرطان الأطفال، وكان نادراً في ذلك الوقت، وبقيت حتى عام 1991 إلى أن ذهبت في زيارة علمية إلى "الولايات المتحدة الأميركية"، ومنذ ذلك الحين وأنا أقيم فيها

وتابع: «دخلت كلية الطب البشري بجامعة "دمشق" وتخرّجت فيها عام 1982، وكنت من الخمسة الأوائل عند التخرّج، بعدها أكملت في الدراسات العليا باختصاص طب الأطفال، وتخرّجت عام 1985، وبعد أن أنهيت خدمتي الإلزامية في الجيش، حصلت على منحة دراسية في "فرنسا" عام 1988 وتخصصت في أمراض سرطان الأطفال، وكان نادراً في ذلك الوقت، وبقيت حتى عام 1991 إلى أن ذهبت في زيارة علمية إلى "الولايات المتحدة الأميركية"، ومنذ ذلك الحين وأنا أقيم فيها».

مع زوجته الدكتورة مها سلوم

وعن سبب اختياره لطب الأطفال، وما خصوصيته عن غيره من التخصصات الطبية، أجاب قائلاً: «الأطفال صادقون ولا يخترعون أي أعراض مرضية وعلامات سريرية، بمعنى أنهم لا يتمارضون، ولا يستطيعون أن يساعدوا أنفسهم في العلاج، وهم يتطورون مع تقدم العمر؛ لذلك أحب أن أراقب تطورهم النفسي والجسدي وهم يصعدون على سلّم أعمارهم، وبسبب حبي الشخصي للأطفال انعكس ذلك على عملي معهم، والمهمة عند طبيب الأطفال هي العناية الكاملة بوقايتهم من الأمراض، وتطوير وسلامة الأطفال والأولاد والمراهقين من عمر يوم واحد إلى عمر 21 سنة، فأنا أشبه الطفل بالملاك الصغير، لكن جناحيه مكسوران مؤقتاً».

وعند السؤال عن الصعوبات التي واجهته في بداية اغترابه والمهام والأعمال التي يقوم بها حالياً، قال الدكتور"حسان سلوم": «موضوع التأقلم وقبول الآخر لأي قادم جديد هو أمر صعب، ويحتاج إلى صبر وجهد كبيرين، ومثابرة متواصلة حتى يكون الإنسان قادراً على إثبات ذاته وخاصة الطبيب، لكن بفضل تعبي وتفوقي نجحت في اختبارات المعادلة الأميركية خلال ستة أشهر فقط، وبعدها دخلت اختصاص طب الأطفال ثانية، وبعدها أصبحت مساعد مدير الأطباء المقيمين، وقد ساهمت في جلب أكثر من طبيب من "سورية" لدراسة الاختصاص هنا، وبعدها تابعت في تخصصي بمجال العناية المشددة للأطفال، وأنا حالياً أستاذ طب الأطفال في جامعة "تكساس"، وأستاذ محاضر في جامعة "Burrel" في ولاية "نيومكسيكو"، ورئيس قسم الأطفال في مستشفى "لاس بالماس"، ولديّ عيادتان خاصتان بي في مدينة "إلباسو" بولاية "تكساس" حيث أقيم، ويعمل عندي سبعة أطباء أطفال».

من الفعاليات المقامة في المغترب

وبالحديث عن حياته العائلية ودور زوجته، قال: «زوجتي الدكتورة "مها سعادة سلوم" طبيبة أطفال أيضاً، وهي سورية الأصل والمنشأ من قرية "كفرون سعادة"، وتعمل معي في عياداتنا الخاصة بدوام نصفي فقط، بسبب تدبيرها لأمور الأولاد والاهتمام بهم وتربيتهم كما نحب، لأننا صمّمنا أن نربي أولادنا على القيم الأخلاقية، والعادات والتقاليد التي تربينا عليها في صغرنا، والأهم محبة العائلة والألفة بين أفرادها، لذلك حافظنا حتى على التكلم باللغة العربية ضمن البيت، وبلهجتنا القروية بالذات، وهي بالمناسبة تحب الأدب والشعر العربي كثيراً، وما زالت حتى الآن تستمع إلى الموسيقا العربية وأغاني الطرب الأصيل، وهذا كله ترك أثره على تربية الأولاد كما أحببنا».

وعن نشاطات الجالية السورية وكيفية حفاظها على ذكريات الوطن وتراثه في المغترب، أضاف: «في مكان إقامتنا هنا في مدينة "إلباسو" بولاية "تكساس" توجد جالية سورية وعربية غير قليلة، نجتمع دوماً في المناسبات الوطنية والدينية، وفي كل يوم أحد نجتمع في الكنيسة، ولدينا مهرجان سنوي نقيمه أواخر شهر نيسان وأوائل شهر حزيران، ويحضره جميع المغتربين هنا ومن ولايات أخرى، ويأتينا زوار أميركيون ومن جنسيات مختلفة، ونقيم فيه عروضاً فنية تراثية، ومعارض للمأكولات والحلويات العربية والتراثية خاصة، ونقوم بتقديم القهوة العربية المرّة بالطريقة التقليدية، وهذا يجعل الزوار يستمتعون بتراثنا ويكون السبب في زيادة أعدادهم كل عام، ولهذا الغرض أسست مع زوجتي الدكتورة "مها" فرقة للرقص الشعبي والدبكة للشباب، وهي تابعة لرعية كنيسة القديس "جاورجيوس" هنا، وأيضاً لدينا فرقة دبكة للكبار، ونعمل على مدار ثلاثة أشهر قبل المهرجان، بتدريبهم على الرقصات واختيار الأغاني الشعبية السورية المناسبة، من أجل أن نتميز كجالية سورية عن باقي الفرق المشاركة في المهرجان، حتى إننا نقوم بجلب ثياب الفرقة الخاصة بالشباب من "سورية ولبنان" أحياناً، أما لباس الشابات، فنحن نجلبه في كل عام من بلد معين، مثل "الهند" و"روسيا"، وأحياناً من "سنغافورة" وغيرها، وكل هذا من أجل التميز عن غيرنا ونيل إعجاب الحضور، وبفضل جهود الجميع، اكتسبت فرقتنا شهرة طيبة وواسعة ضمن أجواء المغتربين هنا».

وعن التواصل مع وطنه الأم "سورية"، وهل سيعود يوماً ما ليضع خبرته الطبية فيه، أجاب: «في السنوات العشر الأخيرة، أصبح التواصل مع الأهل والأقارب والأصدقاء أكثر وأسهل بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وزياراتي إلى الوطن قليلة بسبب ظروف عملي والتزاماتي في التدريس بالجامعات، لكن زوجتي وأولادي كانوا في آخر زيارة قبل عدة أشهر، وقد استمتعوا كثيراً بعدما حلّ الأمان والاستقرار في "سورية"، وبالتأكيد أحلم أن أعود يوماً ما وأساهم بما أستطيع في خدمة بلدي وشعبي، وبالذات قريتي الجميلة حيث ذكريات الطفولة والشباب، لكنني أقسمت منذ سنوات أن لا أعود إلا عن طريق مطار "دمشق" الدولي، وإن شاء الله قريباً سيتحقق ذلك».

الدكتورة "مها سلوم" زوجة الدكتور "حسان سلوم" وشريكته في العمل والحياة قالت عنه: «الدكتور "حسان " باختصار رجل علم وأدب وفكر بكل ما تعنيه هذه المفردات، وهو عصامي بامتياز ودؤوب في عمله وعلمه، وصاحب ذكاء وبديهة عاليين، وإصراره وتعطشه للعلم والمعرفة دفعه للوصول إلى مرتبة علمية مرموقة هنا في مجال طب الأطفال بجميع فروعه، فهو طبيب ماهر وأستاذ جامعي بارع بشهادتي كزوجة وزميلة له في ذات المجال. أما في موضوع العائلة، فهو أب مثالي ورؤوف مع أبنائنا، وعلى الرغم من كل انشغالاته، إلا أنه يتابع باهتمام أمور الأولاد ودراستهم، وتنمية تواصلهم مع اللغة العربية وأصالة عادات بلدنا الطيبة، وكل سنوات الغربة الطويلة لم تنسه ذكريات وطنه وقريته البسيطة، وتواصله مع عائلته وأصدقائه وزملاء الدراسة، ويعبّر عن كل هذا الشوق والحنين بكتابات رقيقة الإحساس والمعنى، ويساعده في ذلك إحساسه المرهف وحبه للشعر وقلمه الطيع والسلس في الوصف والبلاغة».

يذكر أن الدكتور "حسان سلوم" من مواليد قرية "الجويخات" التابعة لمحافظة "حمص" عام 1958، ولديه ثلاثة أبناء.