شغف مفرط بالرسم يحركه ويدفعه إلى الإبداع بأي أداة وعلى أي نوع من الورق، بيقين أنه سيحول ما يجول بنفسه إلى حركات وإيقاع.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنان التشكيلي "رزق الله حلاق" بتاريخ 28 كانون الثاني 2019، ليحدثنا عن انطلاقته الفنية وأعماله، فقال: «نشأت في قرية بسيطة بعيدة عن التطور والاهتمام بالفن، لكن ذلك لم يمنعني من ممارسة هوايتي بكل الوسائل المتاحة، وخصوصاً أن إخوتي يمتلكون ذات الميل والحب للفن، فكان محفزي الأول مدرّس الرسم، حيث كان يكلفني دائماً بأعمال ووظائف، ولم أكن أتردد في أدائها، حتى وصلت إلى المرحلة الثانوية، فسيطرت عليَّ فكرة أن أصبح فناناً، فلم أتردد بالالتحاق بكلية الفنون الجميلة على الرغم من الرفض الاجتماعي لذلك، لكون الفن لا يؤمن مورد رزق، فحصلت على إجازة من كلية الفنون الجميلة عام 1997، وشهادة الدراسات العليا عام 2000، ولم أستطع متابعة دراستي بسبب ظروف الحياة والتزاماتي تجاه عائلتي».

بالنسبة لمشاريعي الحالية، أنا مستمر بالإنتاج الفني رسماً ونحتاً، وأعمل على عرض إنتاجي في كل المحافظات السورية، ولن أتردد في استثمار أي فرصة للعرض في أي مكان، حتى أثبت في كل مرة لنفسي ومدينتي وجودي كفنان تشكيلي ناجح خرج من "حمص"، ولكل مجتهد نصيب

تناول أبرز الأشخاص الذين كان لهم بصمة وأثر في مسيرته الإبداعية، فقال: «الأشخاص الذين ساهموا في نجاحاتي في مشواري الفني هم أصدقائي الفنانين العاديين ممن يتذوقون العمل الفني، وأهم المساهمين في ذلك زوجتي "نسرين خنوره" الإلهام في أعمالي الفنية ومشجعتي الأولى.

من أعمال "حلاق"

يظهر تأثير البيئة بوضوح من خلال المواضيع التي تناولتها في أعمالي، فمواضيعي مستقاة من الواقع الاجتماعي، مثل: "ترس عربي"، "انتظار" وغيرها، ومن خلال الألوان الدافئة والمشرقة التي يغلب عليها الأصفر الشرقي الهوية، فكل لوحاتي أسستها بأساس لونه أصفر، فهو لون النور والذهب المستوحى من الأيقونات البيزنطية التي أرسمها بين مدة وأخرى».

أما عن انعكاس الأزمة على أعماله، فقال: «لقد كانت الأزمة في "سورية" مصدر إلهامي لمواضيع إنسانية غاية في الأهمية انعكست في أعمالي.

من أعماله النحتية

ومن الأعمال التي استوحيتها من هذه السنوات الصعبة "سقوط"، "لجوء إنساني"، "تشوه زمني"، "لن ننكسر"، وكلها تحمل مشاعر متأثرة بوضع المواطن السوري داخل البلد أو خارجه سواء كانت لوحة أم منحوتة، فاستطعت من خلالها ترجمة أحاسيس ومشاعر متأججة وانفعالات مصدرها الناس».

وعن أدواته بالرسم وتقنياته، قال: «أستخدم في منحوتاتي الخشب الطبيعي والصناعي والجص، ومؤخراً الرمل، حيث أقوم بتشكيل وتجهيز عجينة الرمل مع وسيط لاصق لأقوم بتشكيل العمل النحتي.

ميساء علي

أما في اللوحة الفنية، فأعتمد تقنية حديثة مبتكرة وهي الرسم على سطح خشن ومكسَّر، حيث أحصل على تضاريس مختلفة حسب ما أراه مناسباً، وأقوم بتخديم هذا السطح لإخراج الفكرة وتجسيد الموضوع الذي أطرحه، وأستخدم طريقة التعتيق في اللوحة ووضع اللون وإزالته من بعض الأجزاء، فتغدو اللوحة أقرب إلى أسلوب تعتيق المنحوتة بسبب تضاريسها، وهذا ما يميز لوحاتي.

أما التقنية في العمل الفني التي توصلت إليها، فهي إنتاج وابتكار عمل فني يحمل صفة المنحوتة واللوحة في آن معاً، فالمنحوتة لديّ إن كانت بارزة أم مجسمة، أميل إلى تلوين أجزاء منها وإعطائها تأثيراً تصويرياً معيناً، وهذا أيضاً يميز منحوتاتي، وبكل الأحوال يوجد ترابط شديد بين اللوحة والمنحوتة لديّ؛ فكلاهما يحملان ذات الأسلوب».

ويضيف عن المدرسة التي تأثر بها: «يظلَمُ الفنان عندما يصنف من طريقة رسمه ضمن نمط معين، أو حين يطلقون تسمية على طريقة رسمه، وأنا أشعر بأن أسلوبي بالرسم لا يمكن إدراجه تحت اسم مدرسة معينة، وخصوصاً أن الفنانين في الوقت الحديث يمزجون أكثر من مدرسة، وذلك ليس من باب المزاجية، بل هو أسلوب ينشأ مع الفنان ويأخذ اتجاهاً معيناً، فنخمّن أن أسلوبه انطباعي أو كلاسيكي أو واقعي، وأنا ضد كل التسميات، وأظن أن أسلوبي يمثّل أكثر من مدرسة، لكنني أميل إلى الواقعية، لكن بطريقة تعبيرية مع كثير من الرموز».

وعن أعماله الحالية، قال: «بالنسبة لمشاريعي الحالية، أنا مستمر بالإنتاج الفني رسماً ونحتاً، وأعمل على عرض إنتاجي في كل المحافظات السورية، ولن أتردد في استثمار أي فرصة للعرض في أي مكان، حتى أثبت في كل مرة لنفسي ومدينتي وجودي كفنان تشكيلي ناجح خرج من "حمص"، ولكل مجتهد نصيب».

الفنانة التشكيلية "ميساء علي" تحدثنا عنه قائلة: «الفنان "رزق الله حلاق" يتميز بنشاطه والعدد الكبير لأعماله، حيث أقام معرضاً منذ عامين بالمركز الثقافي، وكان متميزاً جداً بألوانه الثرية والغنية، حيث يقدم مجموعة كبيرة من الألوان، ودائماً أعماله الفنية فيها قصة وتنوع بين النحت والتصوير، وقد يزاوج في بعض اللوحات بين النحت والتصوير، ودائماً لديه عناصر تحكي الكثير من الحكايات عن الكثير من الشخصيات الإنسانية، ولطالما تميز بنشاطه وابتكاراته التقنية، فهو تقني ممتاز بالفن التشكيلي، إضافة إلى كونه فناناً مبدعاً، وآخر معرض شارك به في "دمشق" لاقى صدى جميلاً، وأتوقع منه على مستوى عمله ونشاطه الكثير من الإبداع».

يذكر، أن التشكيلي "رزق الله حلاق" من مواليد قرية "جوار العفص" في محافظة "حمص" عام 1975، حاصل على إجازة في الفنون الجميلة عام 1997، قسم التصوير، ودبلوم دراسات عليا بذات الاختصاص، وعضو في اتحاد الفنانين التشكيليين فرع "حمص"، ومدرّس مادة التصوير والنحت في معهد الفنون التطبيقية والتشكيلية في "حمص"، له العديد من المشاركات في معارض، منها: معرض في صالة "ع البال" عام 2000، ومعرض فردي بعنوان: "حالات" في المركز الثقافي بـ"حمص"، ومعرض مشترك "ألوان من حمص" في المركز الثقافي بـ"أبو رمانة"، مشارك دائم في المعارض السنوية والجماعية في "حمص"، والمعرض السنوي في "دمشق"، وملتقى "جوليا دومنا" للتصوير الزيتي في "حمص".