بعد سنوات قليلة من اغترابه، أبدع "صباح كاسوحة" في عمله الجديد بتصميم الأزياء والخياطة؛ فاكتسب شهرة واسعة واحترام ودهشة المواطنين هناك. غير أنه لم ينس وطنه، وعمل بإصرار على ترسيخ صورة بلده الجميلة في أذهان المجتمع الجديد؛ وهو ما جعل اسمه على صفحات الصحف هناك.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 20 آذار 2019، مع المغترب "صباح كاسوحة"، ليتحدث عن نشأته في وطنه "سورية"، فقال: «أنا ابن تلك السهول الخيِّرة المعطاءة، بلدتي جارة "العاصي"، ومعشوقتي الأولى والأخيرة "القصير"، فيها ولدت وترعرعت مع أهلي وجيراني وأصدقاء طفولتي، دراستي منذ الابتدائية وحتى الثانوية كانت فيها، إضافة إلى عملي مع عائلتي في زراعة التفاح والمشمش والجوز؛ وهي ما تشتهر به منطقتنا. كانت لي أعمالي الخاصة؛ التي بدأتها بتعلّم مهنة الصياغة، ثم العمل بها لسنواتٍ عدَّة، لكن أطولها مدَّةً تجارة الاتصالات، وتلك السنوات الطويلة الملأى بالذكريات الجميلة حملتها معي إلى "ألمانيا"، وما زالت رفيقتي ودافعي لكي أحقق ذاتي أكثر فأكثر».

دائماً كان "صباح" يحبُّ التحدِّي في كلِّ عملٍ يقوم به، ولديه من الإصرار والعزيمة ما مكنّه من ذلك، وهو بمنزلة الشقيق الأكبر لي، وقد تعلَّمت منه الكثير خلال عملنا معاً، والتميز الذي حققه في المغترب ليس ببعيدٍ عنه، وسعادتنا كعائلة عارمة بما حقَّق، والأهم تواصله الدائم مع الوطن والأقارب والأصدقاء، وما قام به نعدّه وسام شرف لنا

وعن مرحلة الاغتراب، قال: «وصلت إلى "ألمانيا" عام 2012، وكانت البدايات صعبةً جداً؛ خاصة مع وجود عائلتي معي. بدأت مرحلة الكفاح والتعب من أجل إثبات الحضور في مجتمعٍ جديدٍ ومختلف كلياً عن تاريخنا وعاداتنا، وكان لزوجتي دورٌ كبير في مساعدتي بذلك من خلال تفرغها لتربية الأولاد، ووجدت في مهنة الخياطة التي كنت أستهويها عالمي الجديد، وكان لتعلّمي الذاتي عبر شبكة الإنترنت دورٌ في كسب المعلومات الإضافية، حيث درست في أحد المعاهد الخاصة في مدينة "بادنوينار ارفايلير" مبادئ التصميم والتفصيل، وأصبحت خبرتي تؤهلني لافتتاح محلِّيَ الخاص الذي أسميته "البرنس" نسبةً إلى المكان الذي كنت أعمل فيه بوطني، وكان ذلك عام 2017، ورويداً رويداً أصبح أعداد زبائني في تزايدٍ مستمر بعد كسب ودِّهم وثقتهم في جودة العمل الذي أسلمهم إياه، وأصبح لقب "السُّوري" العلامة المميزة لمحلي من قبل أهل البلاد، وكان هذا يشعرني بالسعادة، ويعطيني دافعاً أكبر لتحقيق التميز والمحافظة عليه».

على صفحات إحدى الصحف الألمانية

وعن الحدث الذي دعا الصحف الألمانية إلى الكتابة عنه، قال: «يقام في "ألمانيا" مهرجان سنوي تعود أصوله إلى مئات السنين، ويسمى مهرجان "الفصل الخامس"، حيث يحتفل به السكان بقدوم فصل الربيع وبدء صيام عيد "الفصح"، وتشارك به فرق راقصة من كل المقاطعات والمدن، وتقام العروض الراقصة والموسيقية وغيرها من النشاطات، وقد شاركت مع فرقة "نيرشي بوبن" كمصمّمٍ وصانعٍ لأزيائها، وهي مشاركتي الثانية معهم بعد موسمٍ سابق عام 2018، وقد حازت ملابس الفرقة إعجاب المشرفين والحضور أيضاً، وتمَّ تقديم شكر خاص لي على ذلك النجاح والتميز لتصاميمي، وعلى الجهد والدقَّة في العمل والإنجاز، وسعادتي كانت كبيرة عند مشاهدتي لإحدى الصحف وقد كتبت عني، وبعدها توالت عدة صحف ومواقع إعلامية إلكترونية في نشر مقالاتٍ عن الحدث، وإجراء لقاءات شخصية معي حول تصاميمي وعملي، وهم يذكرون لقبي المرتبط باسم وطني "سورية"».

وعن دوره كمغتربٍ سوري في "ألمانيا" يتابع "صباح كاسوحة" القول: «اجتمعنا هنا ضمن "جمعية المغتربين السوريين" كفريقٍ واحد في عام 2012، من أجل إيصال الصورة الصحيحة والواقعية عن وطننا، شارحين حقيقة الأحداث التي تجري فيه، من خلال المسيرات الداعمة للجيش العربي السُّوري، وتنديداً بالإرهاب، وتدخل الدول الداعمة له بشؤون بلدنا، كما أقمنا العديد من الوقفات الاحتجاجية ضد القرارات الجائرة التي استهدفت الشعب والوطن في عدَّة مدن ألمانية وعواصم أوروبية، ومنها "جنيف"، حيث كان هدفنا دعم وفد الجمهورية العربية السورية المشارك في محادثات "الأمم المتحدة" من أمام مقرها هناك، وفي عام 2016 شاركت مجموعة كبيرة منّا في الانتخابات البرلمانية في "سورية"، ولأنّنا من هذا الوطن العظيم بشعبه وتاريخه وصموده، فقد أحببنا أن نساعده كمغتربين، من خلال إرسال مساعدات لبعض الجمعيات الخيرية والأهلية فيه، وكلُّ ذلك بدافع الانتماء والمحبة لتلك الأرض الطيبة التي خرجنا منها، فهذا واجبٌ على كلِّ مغتربٍ في دول الانتشار السُّوري».

مع الفرقة في مشغله الخاص

"جيسيكا عربش" مواطنة ألمانية من أصول سورية، تحدثت عن "صباح كاسوحة"، وقالت: «إضافة إلى كونه شخصاً عملياً بامتياز، إلاًّ أنَّ حسن الضيافة والاستقبال الذي يبرزه لزواره، وخاصةً من المواطنين الألمان قد لاقى استحسانهم، وكانت ردود الفعل إيجابية عندهم، وكذلك الجودة في العمل، والدقَّة في مواعيد تسليم تصاميمه لزبائنه، وأكثر ما ميزه في أعماله ذلك الدمج بين الثقافتين العربية والألمانية في التصاميم التي ابتكرها، ومع صعوبة التأقلم في المجتمع هنا وطبيعة نظام العمل القائمة فيه، كان تحدِّيه أكبر على النجاح وكسب ثقة زواره، الذين أصبحوا يقولون عنه "Prinz" كما تقال بالألمانية؛ كتأكيدٍ على اسم محله الخاص ومهارته في عمله».

"رادع كاسوحة" ابن عمِّه وشريكُ عملٍ معه لمدة طويلة، تحدث عن شعوره برؤية هذا التميز والنجاح، فقال: «دائماً كان "صباح" يحبُّ التحدِّي في كلِّ عملٍ يقوم به، ولديه من الإصرار والعزيمة ما مكنّه من ذلك، وهو بمنزلة الشقيق الأكبر لي، وقد تعلَّمت منه الكثير خلال عملنا معاً، والتميز الذي حققه في المغترب ليس ببعيدٍ عنه، وسعادتنا كعائلة عارمة بما حقَّق، والأهم تواصله الدائم مع الوطن والأقارب والأصدقاء، وما قام به نعدّه وسام شرف لنا».

من أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف

يذكر، أنَّ "صباح كاسوحة" من مواليد عام 1967 في مدينة "القصير" التابعة لمحافظة "حمص"، وهو متزوجٌ ولديه أربعة أبناء، ومقيم حالياً في "ألمانيا".