حبّ العلم وعشق الجغرافية دفعا الدكتور "مهدي الزغبي" إلى إصدار العديد من الأبحاث العلمية والمؤلفات الفريدة، ساعياً نحو المثالية في علمه وعمله، ليجسد نموذجاً أعلى لطلابه أكاديمياً وأدبياً وإنسانياً.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 31 آذار 2019، وعن دراسته الأكاديمية للجغرافية وتدريسها يقول: «دخلت فرع الجغرافية بالمصادفة البحتة نتيجة خطأ في تدوين الرغبات في استمارة المفاضلة العامة، لكن مع مرور الأيام أصبحت الجغرافية عشقي، وكما يقال الحب يصنع المعجزات، وبعد نيل الإجازة الجامعية، وفي مرحلة الدبلوم اخترت الجغرافية الاقتصادية، نظراً إلى أهمية هذا التخصص في العصر الحديث، فالاقتصاد عصب التنمية ومحرك التطور في كافة المجالات، ولأنني حاصل على شهادة الثانوية العامة الفرع العلمي؛ الأمر الذي ذلل العديد من الصعاب، لأن الجغرافية في الدول المتقدمة تخصص علمي، بينما في بلدنا توضع في مصاف العلوم النظرية، ثم نلت شهادة الماجستير بدرجة امتياز من جامعة "دمشق"، ثم شهادة الدكتوراه في الجغرافية الاقتصادية، تخصص جغرافية الزراعة عام 2010، حيث بدأت رحلتي مع التدريس عام 2004 كمدرس لمادتي الجغرافية والتاريخ في العديد من المدارس الحكومية، وفي عام 2013 عينت كعضو هيئة تدريسية في قسم الجغرافية في جامعة "دمشق"، كلية الآداب الثانية باختصاص (استغلال الأراضي واستخداماتها)، ومنذ ذلك التاريخ وأنا أحاضر في كلية الآداب الثانية في عدة مواد، مثل: (التنمية البشرية والاقتصادية، جغرافية الزراعة، جغرافية السياحة والخدمات)، وحاضرت العام الماضي في كلية السياحة بجامعة "دمشق"، وحالياً أشرف على مشروع تخرج لإحدى طالباتها، ورسالة ماجستير في "التنمية البشرية" يقوم بإعدادها أحد طلاب "المعهد العالي للتخطيط الإقليمي" بجامعة "دمشق"، وغيرهما».

في الواقع لديّ إدمان على مطالعة الكتب وعشق كبير للمطالعة، وأذكر أنني قرأت في عام واحد نحو خمسمئة كتاب، وهكذا تسنى لي أن أطلع على آلاف الكتب، وحالياً لدي ثلاثة كتب في الأسواق المحلية والعربية؛ أهمها مجموعة قصصية صادرة عن الرابطة العربية للآداب والثقافة، "بغداد" 2016، بعنوان: "مقولات منها قصص عبر"، كما قدمت عدة محاضرات في العديد من المراكز الثقافية ركزت فيها على أهمية الثقافة في بناء الإنسان

وعن تطويره لقدراته العلمية وأسلوبه التدريسي، يتابع قائلاً: «أعمل دائماً على تطوير خبراتي في تخصصي العلمي من خلال الاطلاع شبه اليومي على قديم وجديد الكتب والأبحاث العلمية العربية والعالمية المتوفرة في المكتبات الجامعية والخاصة، أو الكتب الإلكترونية والأبحاث والمقالات المتوافرة على شبكة الإنترنت، ويمكن القول إن أسلوبي في التدريس تختصره مقولة "آينشتاين": (إن أهمية التعليم الجامعي ليست في حفظ الكثير من المعلومات، بل في تدريب الدماغ على التفكير). لذلك أتبع في محاضرتي أسلوب المناقشة والحوار مع الطلبة، عبر طرح الأفكار والتساؤلات وسرد القصص، ثم محاولة التحليل والتفسير، والوصول إلى الاستنتاج والنتائج، لأن هذه الأساليب تساعد على تنمية القدرات الذهنية والمهارات البحثية، وتطوير شخصية الطالب وإظهار قدراته الإبداعية؛ وهو ما يضعني أمام بعض الصعوبات، وأهمها أن أبناءنا في الأصل لم يتم تنشئتهم في المراحل ما قبل الجامعية على أساليب الإدراك والتحليل والاستنتاج، بل فقط على أسلوب التلقي، فالطالب همه الوحيد التخرج، ولديه نفور من أي جديد أو خارج عن المألوف».

أثناء إلقاء المحاضرة

وفيما يتعلق بدوافعه لتأليف الكتب ونشر الأبحاث العلمية، يقول: «دفعني حب العلم إلى تأليف الكتب ونشر الأبحاث العلمية التي سوف تصبح مرجعاً تستقي منه الأجيال، حيث بدأت التأليف منذ عام 2010 بعد نيلي شهادة الدكتواه، وصدر لي كتابان علميان أحدهما لمصلحة جامعة "دمشق" تحت عنوان: "جغرافية الزراعة" عام 2018، والثاني قامت بنشره إحدى دور النشر الألمانية عام 2016، بعنوان: "واقع الجغرافية في العالم العربي: أزمة إثبات الوجود وتحدي مواكبة التطورات المعاصرة"، كما قمت بإنجاز العديد من الأبحاث العلمية التي نشرت في مجلات علمية محكمة، وكتابة العديد من المقالات العلمية التي نشرت في مجلات عربية، وحالياً قيد الطباعة كتاب في التنمية الاقتصادية سوف يصدر عن إحدى دور النشر المحلية، كما أقوم بإنجاز عدة أبحاث عن واقع الغابات الطبيعية في "سورية"، الذي يميز أبحاثي العلمية محاولتي الدائمة التركيز على العمل الميداني والجانب التطبيقي النفعي، بمعنى تسليط الضوء على المشكلات التي يعاني منها مجتمعنا، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة، ووضع الخطط أو التوصيات التي تصب في هذا الاتجاه».

وعن ميله إلى الكتابة الأدبية، يقول: «في الواقع لديّ إدمان على مطالعة الكتب وعشق كبير للمطالعة، وأذكر أنني قرأت في عام واحد نحو خمسمئة كتاب، وهكذا تسنى لي أن أطلع على آلاف الكتب، وحالياً لدي ثلاثة كتب في الأسواق المحلية والعربية؛ أهمها مجموعة قصصية صادرة عن الرابطة العربية للآداب والثقافة، "بغداد" 2016، بعنوان: "مقولات منها قصص عبر"، كما قدمت عدة محاضرات في العديد من المراكز الثقافية ركزت فيها على أهمية الثقافة في بناء الإنسان».

غلاف كتابه "جغرافية الزراعة"

فيما يتعلق بمشاركاته الإعلامية وبرنامجه "الموقع"، يتابع قائلاً: «كانت بدايتي في الإعلام عندما شاركت عام 2017 في تقديم بعض حلقات أحد البرامج التلفزيونية العلمية على إحدى الفضائيات، ثم تتالت المشاركات التلفزيونية والإذاعية والصحفية في المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية، وظل الأمر على هيئة مشاركات، إلى أن راودتني فكرة إعداد وتقديم برنامج علمي أوظف فيه تخصصي العلمي وخبراتي الثقافية والأدبية والإعلامية، فكان برنامج "الموقع" الذي بثت أولى حلقاته في مطلع عام 2018 على "اليوتيوب"، ويتناول في كل حلقة إحدى البلدات أو المدن السورية من حيث الجغرافية الإقليمية والتاريخ والمعالم الأثرية، والواقع الراهن، بهدف تسليط الضوء على جوانب فريدة من نوعها، كالمظاهر الطبيعية الفريدة، والمعالم الأثرية المفقودة، وصفحات التاريخ غير المدونة أو المعروفة، والمشكلات التي يعاني منها الموقع، وحظيت الحلقة الأولى بعدد كبير من المشاهدات، ولا أزال أبحث عن جهة راعية نظراً إلى التكاليف العالية التي يتطلبها البرنامج، وعدم وجود قناعة لدى القطاعين العام والخاص في بلدنا بأهمية البرامج العلمية، على الرغم من أن تلك التي تقدمها قنوات عالمية تحظى بمتابعة ملايين المشاهدين».

من جهته "يامن محرز" أحد طلابه، يقول: «أعرف الدكتور "مهدي" منذ ثلاثة أعوام تقريباً، سمعت عن نشاطاته وكتاباته، ولفت نظري أسلوبه في الكتابة الذي يسلب انتباه القارىء، وأعجبت به أكثر عندما رأيت تميزه في برنامج "الموقع" الذي عرف في أولى حلقاته بمنطقة "شين"، وهي منطقة مجاورة لقريتي في "حمص"، حيث أوضح فيها نقاطاً كانت مجهولة وأماكن رائعة لم يكن أهل المنطقة أنفسهم يعرفونها، هو إنسان مثالي يتميز بروح النشاط والمثابرة، يحاكي بأسلوبه العقول أثناء المحاضرة، حيث يضمن إيصال المعلومات، ويسعى إلى معرفة كل طالب عن قرب، ليساعده في تنمية قدراته العلمية، يسود محاضراته جوّ من الحماسة والنقاش، مع إضافة معلومات قيمة تصب في مصلحة الطالب، قرأت للدكتور العديد من الأبحاث العلمية، وكتاب "جغرافية الزراعة"، وبعض القصص المهمة التي يستقي منها الإنسان العبَرة ويستفيد منها في حياته اليومية، تطبعت بشخصيته الرائعة التي التمستها من خلال تعامله الراقي ومواقفه النبيلة مع الطلاب، والمواقف الحياتية في قريته التي سمعتها عنه، تعلمت منه المبادئ الأساسية في البحث، والقواعد التي أثمرت تغيراً رائعاً في أسلوب كتاباتي ورسالتي التي يشرف عليها، وهي بعنوان: "دور التنمية البشرية في رفع كفاءة استخدام الأرض في مناطق الريف"، باختصار هو مثلي الأعلى علمياً وحياتياً».

كتابه "مقولات منها قصص وعبر"

بدوره الدكتور "محمد حسن الصويلح" أستاذ النحو والصرف في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة "دمشق"، قسم اللغة العربية، يقول: «أعرف الدكتور "مهدي" منذ عام 2016، كان ولا يزال مثالاً للأستاذ الجامعي المجد الدؤوب المحب لعمله وزملائه وتلاميذه، لا يقتصر على اختصاصه، وإن كان باحثاً جغرافياً، نجده روائياً، وناقداً واعياً، ومحللاً لا نظير له، كنت مدققاً لغوياً لمؤلفاته وأبحاثه ورواياته التي كانت دوماً فريدة في نوعها وأسلوبها، ولغتها العلمية الأدبية، إنسانياً يساعد كل من طرق بابه، ومستعد لأن يضحي بوقته وصحته كي يسعد من يطلب منه خدمة علمية أو اجتماعية أو إنسانية، باختصار إنه أستاذ جامعي وباحث مميز، وروائي مبدع، وإنسان ذو حس مرهف، له العديد من المشاركات الإعلامية، ولا سيما برنامجه "الموقع"، الذي يتحدث عن مناطق "سورية"، والذي يقوم على ربط الكلام بالصور والفيديو، وشهد له كثيرون من الناس بروعته».

يذكر، أن الدكتور "مهدي الزغبي" من مواليد "حمص"، قرية "شين" عام 1976، حاصل على شهادة تقدير من قبل "الرابطة العربية للآداب والثقافة" عام 2017، ووسام الثقافة من قبل "مؤسسة الأهرام الثقافية" عام 2016، وشهادة التقدير العالي عن مشاركاته في العمل الثقافي والإنساني من قبل المركز "الثقافي المصري للتدريب"، مؤلف ديوان "فسيفساء نثرية"، وكتاب "بذور وجذور"، وله العديد من المقالات الثقافية والأدبية الورقية والإلكترونية محلياً وعربياً.