في ظلِّ تضارب الأنباء التي تأتي من ساحات المعارك، ومع حجم التضليل الإعلامي الذي تمت ممارسته خلال سنوات الحرب، إلاَّ أنَّ صوته كان مبعث طمأنينة ومصداقية لدى الناس، وصدى لصوت شكواهم وحاجاتهم.

مدونة وطن "eSyria" التقت "حيدر رزوق" الإعلامي والمراسل المحلي لإذاعة "Sham Fm" في مدينة "حمص"، فتحدث عن ولادته ونشأته، وقال: «مع أنَّ أصولي تتبع إلى الريف الشرقي لمدينة "حمص"، إلا أنَّني ولدت في هذه المدينة الوادعة والبسيطة بكل ما فيها. دراستي حتى الثانوية كانت بمدارس حيّ "عكرمة"، الذي ترعرعت فيه، ثمَّ اتجهت لدراسة الحقوق في جامعة "دمشق"، وعندها كانت المرة الأولى التي أبتعد فيها عن كلِّ شيءٍ جميل رافق طفولتي وبداية شبابي، وبعدها انتقلت لمتابعة دراستي في جامعة "البعث"، وفيها تخرّجت عام 2006».

مع أنَّ أصولي تتبع إلى الريف الشرقي لمدينة "حمص"، إلا أنَّني ولدت في هذه المدينة الوادعة والبسيطة بكل ما فيها. دراستي حتى الثانوية كانت بمدارس حيّ "عكرمة"، الذي ترعرعت فيه، ثمَّ اتجهت لدراسة الحقوق في جامعة "دمشق"، وعندها كانت المرة الأولى التي أبتعد فيها عن كلِّ شيءٍ جميل رافق طفولتي وبداية شبابي، وبعدها انتقلت لمتابعة دراستي في جامعة "البعث"، وفيها تخرّجت عام 2006

ويتابع حديثه عن العوامل التي كانت وراء دخوله مجال الإعلام: «على الأغلب فإنَّ طبيعة أيِّ إنسانٍ ونوعية الاهتمامات لديه، هي التي تسهم في رسم طريق حياته العملية بوجه خاص، وهذا ما حصل معي تحديداً، حيث إنَّ طبيعة الأجواء المحيطة وخاصةً في العائلة والمقربين، دفعتني إلى الاهتمام بالقراءة والكتابة، ومتابعة ما يجري من تطوراتٍ وأحداث، من خلال ما يبث عبر نشرات الأخبار المحلية والعربية وحتى العالمية، وجاء كلُّ ذلك في مرحلة تكون شخصيتي الخاصة كشابٍ ناضج، ومع تلاحق الأحداث وعظمتها وما تلاها من نتائج كارثية مع بداية الألفية الثالثة، كانت لديَّ الرغبة الملحّة بأن يكون لرأيي وتحليلي لما يجري صدى في مسامع أي وسيلة إعلامية، لكن -يا للأسف- لم يحالفني الحظ، واستمريت في كتاباتي للقصة القصيرة والخاطرة، ونشر لي العديد منها على صفحات صحيفة "العروبة" المحلية التي تصدر في "حمص"، وربما هذا ما جعلني قريباً من الوسط الإعلامي من دون شعور وتخطيط مسبق».

أثناء نقله الميداني للمعارك في حمص

وعن كيفية تحول هذا الاهتمام بالإعلام إلى واقع في حياة "حيدر رزوق"، يتابع قائلاً: «المصادفة لعبت دوراً كبيراً في رسم صورة ما أنا عليه الآن، وما يزال تاريخ الأول من شهر كانون الثاني 2012 رفيق ذاكرتي، حين تلقيت اتصالاً مفاجئاً من قبل إذاعة "Sham Fm"، وكان طلبهم مني الظهور في تقريرٍ إخباري لكي أوضح حقيقة الأحداث التي كانت تجري في مدينة "حمص"، ومع الارتباك الذي بدا في صوتي من خلال مداخلتي، وبعد فقداني لأمل الظهور مجدداً، وبعد خمسة أيام تحديداً تكرر ذات الاتصال وذات الطلب، ولكن حينئذٍ كان لدي متسعٌ من الوقت لكي أحضِّر أول تقريرٍ مسجلٍ لي، وبعد نجاحي في إنجاز ذلك التقرير، والصدى الذي تركه عند من استمع إليه، وخاصة لدى إدارة الإذاعة، جاء تاريخ 7 كانون الثاني 2012 ليحمل لي كتاب تكليفي كمراسلٍ محلِّي، وهنا بدأ مشواري الشاق والممتع معاً من أجل تحقيق ما كنت أصبو إليه في خدمة الناس وإيصال صوتهم؛ لأنني كنت أرى وما زلت، أنَّ الإعلام يجب أن يكون موجَّهاً لخدمة الإنسان أولاً».

وبمصادفة الذكرى الخامسة للإصابة البالغة التي تعرَّض لها "حيدر رزوق" خلال عمله كمراسلٍ ميداني يستذكرها لنا، فيقول: «العمل في هذا المجال يتطلَّب جرأةً عالية، والثقة التي منحني إياها عموم السوريين المتابعين لي على امتداد مساحة الوطن وفي الخارج، جعلتني لا أفكِّر سوى في نقل الحقيقة كما هي، ولو كانت مرَّةً في بعض الأحيان، إلاَّ أنَّ بعث الأمل في النفوس واجبٌ أيضاً على كلِّ صحفي، وهذا ما كنت أعمل عليه دائماً في تقاريري ومن دون مبالغة. جاءت الساعة السابعة من صباح يوم 20 نيسان 2014 لتحمل لي موعداً مع إصابتي شبه القاتلة، وعلى الرغم من كلِّ أصوات القذائف والاشتباكات التي كانت تدور في حي "جب الجندلي"، إلاَّ أنَّ الصمت ومشهد السماء ما زالا في ذاكرتي لغاية الآن، ومع حالة الشلل التي أصابتني وخلال مدة العلاج الصعبة وما رافقها من عملياتٍ جراحية دقيقة وخطرة، إلاَّ أن همِّي كان دائماً متابعة تقديم الحقيقة للرأي العام وجمهوري خاصة، وبعد أقلَّ من شهرٍ خرجت برسالتي الأولى بتاريخ 15 أيار، والغاية كانت طمأنتهم وبعث السعادة في نفوسهم، ولم يكونوا عارفين بأنها من على سرير المستشفى، لكن حقَّ الناس عليَّ والذين منحوني محبتهم وثقتهم فرض علي ذلك، ولأنَّ قناعتي كانت وما زالت بتقديم المساعدة لمن يحتاج إليها، وإيصال شكوى من لا صوت لهم، بل ومتابعتها من أجل تحقيق مبتغاهم بالعدالة الاجتماعية وتأمين حاجات عيشهم الأساسية، لأنَّ هذا ما كنت أحلم به قبل دخولي مجال العمل الإعلامي».

الإعلامي سعد الله خليل

"سعد الله خليل" مراسل قناة "العالم" في مدينة "حمص"، والمذيع لدى إذاعة "زنوبيا"، تحدث عن رأيه بمسيرة عمل "حيدر رزوق"، فقال: «في زمن الحرب يرى الكثيرون من المواطنين والمسؤولين على حدٍّ سواء، أنَّ الحديث عن الجانب المعيشي والخدمي للناس مجرد كمالياتٍ وترفٍ إعلامي، والمتضرر الأكبر من تبعات الحروب هو ذاك المواطن الصامد في أرضه وبيته، الذي ينتظر في كلِّ دقيقةٍ خبراً يقوي صموده، وهذا ما استطاع الزميل "حيدر رزوق" أن يقدمه من خلال نقله للمعارك التي كانت تحصل، وإيصال حقيقة المشهد كما هو عليه، ولم ينسَ هموم المواطن؛ فكان صوته الصارخ مستفيداً من مساحة انتشار الوسيلة الإعلامية التي يمثلها، فأصبح لسان حال الشارع من خلال نقل الخبر وتحليل تبعاته؛ وهذا ما مكّنه من تأسيس قاعدة جماهيرية متينة ليكون صوت الناس، ليصبحوا هم أيضاً مصدراً رئيساً لأخباره، وأنا شخصياً من أشدِّ المعجبين بتفانيه وإخلاصه لعمله».

"مرهف منصور" المصور الصحفي الذي رافق "رزوق" في معظم النقل الميداني، عنه قال: «تعرفت بالزميل "حيدر رزوق" خلال عملنا معاً في نقل المعارك؛ إن كان في "القصير" أو "حمص" القديمة، ومنطقة البادية السورية، ذلك الإنسان المحب لعمله والمتفاني من أجل إنجازه على أكمل وجه، وأهم ما يميزه الدقة والجرأة في نقل الخبر، وسرعة بديهته في المواقف الصعبة، وكمرافقٍ له أثناء إصابته والحال الذي كان عليه حينئذٍ، وإصراره على مقاومة وضعه الصحي من أجل إكمال رسالته الإعلامية، وخاصةً لخدمة الناس، كلُّ ذلك يؤكد الحالة الاستثنائية التي يتمتع بها ويستحقها بكلِّ تأكيد».

المصور الصحفي مرهف منصور

يذكر، أنَّ "حيدر رزوق" من مواليد "حمص" عام 1980، متزوج ولديه ابنتان، وإضافة إلى عمله كمراسل إذاعة "Sham FM"، يعمل مراسلاً لصحيفة "الأيام"، وموقعي "Qmedia"، و"أثر برس" الإلكترونيين، كما يشغل منصب نائب رئيس النادي السوري التطوعي لمتابعة شؤون الجرحى في "حمص".