جعل الكتاب رفيقه في ليالي السهر، وحصل على خبرة تراكمية مما قرأ من كتب علم النفس وعمله كمحامٍ ليتألق كروائي له العديد من الأعمال الروائية، وليثبت أنه راع للثقافة والإبداع؛ فهو يمتلك أكبر مكتبة خاصة في "سورية".

مدونة وطن "eSyria" التقت الأديب المحامي "عبد الغني ملوك" بتاريخ 11 أيار 2019، ليحدثنا عن انطلاقته الإبداعية، قائلاً: «بدأ شغفي بالقراءة وأنا في العاشرة من عمري، حيث نشأت ضمن أسرة ريفية كادحة تنام مبكراً، فكنت أستثمر ليالي السهر بقراءة قصص "عنتر العبسي" و"الزير سالم" وغيرهما في ذلك الزمن، فتميزت بأسلوبي الإنشائي في المدرسة، فشجعني مدرّسو الصفوف المدرسية التي درستها لأبدع أكثر؛ وهو ما كان حافزاً لأطور نفسي وموهبتي، وبعد حصولي على الثانوية العامة، اخترت أقصر الطرق للعمل، وذلك بالانتساب إلى الكلية الحربية، وكان دافعي عشقي الذي لا ينضب للحياة العسكرية لما تحويه من سمو، فقررت أن أحول القراءة والكتابة إلى هواية، على الرغم من أنني نشرت العديد من القصص القصيرة في المجلات والصحف، منها "عادت لي الأرض" عام 1964، تحدثت فيها عن الإصلاح الزراعي ومعاناة الفلاحين، وخلال وجودي في الكلية الحربية، وأنا طالب ضابط انتبه المدربون إلى ميولي الأدبية، فأصبحت "ماجور" التوجيه القومي والسياسة، وبدأت ألقي المحاضرات على زملائي، فكرمت من قبل قيادتي، وتنقلت بين أكثر من موقع خلال خدمتي العسكرية، ليحطَّ بي الرحال كمدرب في الكلية الحربية لطلاب الضباط من عام 1970 حتى عام 1980، فتعرفت خلال هذه المرحلة إلى نماذج كثيرة من البشر».

بدأت نشر أعمالي الروائية منذ عام 2015 وحتى الآن، وبلغت عشر روايات، منها: "السوسن البري" قمت بكتابتها عام 2008، لكنني لم أقم بنشرها حتى عام 2015، و"مرايا النهر"، و"أحلام الذئاب" عام 2016، وثلاثية هي "مجامر الروث" و"قبو الدير" الذي كشفت فيها الخبايا المذهلة، و"الحب في زمن التحولات" عام 2017، وروايتا "المعجزة"، و"جسر على نهر جاف" عام 2018، وصدر لي حديثاً رواية "أواخر الأيام" عام 2019، وقيد الطباعة رواية "مدارت"

وعن مسيرته الأدبية، قال: «كان لدي متسع من الوقت أثناء خدمتي، فحصلت على إجازة بالحقوق، وخلال مسيرتي كلفوني بإنشاء صحيفة باسم "العرين" تصدر عن الكلية الحربية، وكلفوني برئاسة تحريرها، فكانت عبارة عن مشاركات فيها خواطر وشعر، وتناولت تاريخ الحروب، واستمر إصدارها لمدة أربع سنوات، فكنت أترقب نفوس كل من حولي سواء كان جندياً صغيراً أم ضابطاً كبيراً، ليكون حالة إنسانية ومشروع رواية، ومع التركيز على علم النفس الذي قرأت عنه مئات الكتب، فطبقت الكثير منه على الحالات التي التقيتها، فكانت ذخيرة لي عندما بدأت أخط رواياتي، فبدأت أستحضر من الذاكرة التراكمية شخوص رواياتي».

عيسى اسماعيل

وعن المحاماة وما أضافته إلى تجربته، قال: «تركت الحياة العسكرية وتفرغت للعمل بمهنة المحاماة، ففتحت من خلالها بوابة واسعة، وثقافة تراكمية وظفتها في العمل الروائي من خلال سماع قصص الناس، فكان يأتيني الشخص سواء من قاع المدينة أو من أعلى قمة، ليروي لي مشكلته ووجعه بشفافية وصدق، لما تتمتع به مهنة المحاماة من سرية، فكنت أدوّن حكايات الناس لأوظفها في أعمالي الروائية لاحقاً، فيتحدثون عن غدر الزوجة أو الزوج وغدر الأبناء والأقارب، فكنت أتلمس آلام وأمراض المجتمع ومآسيه، فكان طموحي أن أصبح صاحب رسالة، حيث يمكن لكل إنسان أن يكون صاحب رسالة على قدر مكانته وحجمه الاجتماعي، فبدأت أخط رواياتي حتى وصل عدد أعمالي إلى عشر روايات، وهدفي زرع منطلقات جديدة تسمو عن العادات والتقاليد الباليه التي ورثناها من المستعمر العثماني، فكانت كتاباتي ناتجة عن تجربة حقيقية ومعاناة، ومحور رواياتي يدور حول عدة نقاط هي: فصل الدين عن الدولة، وإحلال التفكير الموضوعي العلماني عن طريق المناهج التعليمية والتربية المنزلية، والدعوة إلى العمل الجاد والتركيز على العلم والمشاريع العلمية، وتحمل رواياتي شيئاً من الوعظ غير المباشر، حيث يصل القارئ في نهاية الرواية إلى العبرة».

وتحدث عن دار "الرواية الحديثة"، ودورها في تنشيط الثقافة، قال: «بدأت الفكرة بإعارة الكتب لكل من يأتيني قاصداً القراءة مجاناً، لكن بعد مضي عام زادت الأعباء المادية، حيث أصبح لدينا كادر للعمل وتسديد فواتير، ووصل عدد الكتب إلى عشرة آلاف عنوان؛ جزء منها نادر لا يوجد نسخ منها، فبدأت أخذ رسم رمزي من الراغبين بالقراءة، وكان هدفي من هذا العمل قناعتي بأن سبب الأزمات التي تمر بها البلاد قلة القراءة والوعي، فكان مساهمة مني في زيادة الوعي الثقافي والصحي والاقتصادي، وقد دعيتُ من خلال رواياتي كي أقيم دورات للمقدمين على الزواج، بكيفية التعامل بين الزوج والزوجة، وكيف يمكن التغلب على ظروف الحياة، وتعدّ المكتبة من أكبر المكتبات الخاصة في "سورية"، حيث تحوي كل الاتجاهات الأدبية والسياسية والدينية».

ملوك بين كتبه

وعن أعماله الروائية، قال: «بدأت نشر أعمالي الروائية منذ عام 2015 وحتى الآن، وبلغت عشر روايات، منها: "السوسن البري" قمت بكتابتها عام 2008، لكنني لم أقم بنشرها حتى عام 2015، و"مرايا النهر"، و"أحلام الذئاب" عام 2016، وثلاثية هي "مجامر الروث" و"قبو الدير" الذي كشفت فيها الخبايا المذهلة، و"الحب في زمن التحولات" عام 2017، وروايتا "المعجزة"، و"جسر على نهر جاف" عام 2018، وصدر لي حديثاً رواية "أواخر الأيام" عام 2019، وقيد الطباعة رواية "مدارت"».

الأديب الإعلامي "عيسى اسماعيل" تحدث عن صديقه الروائي، قائلاً: «بدأ "ملوك" نشر رواياته قبل سنوات قليلة، حيث وصلت حتى اليوم إلى عشر روايات، فلفت الأنظار إليه، وكُتب عنه الكثير، فأقيمت العديد من الندوات والمحاضرات الثقافية التي تتناول أعماله وتبحث فيها، وتسلط الضوء على الأفكار التي يطرحها، وهذا ما دفع بعض مثقفي "حمص" ليطلقوا عليه لقب "نجيب محفوظ حمص"، والمدهش في رواياته غناها بالأحداث والشخصيات من حيث التقنية الروائية من حبكة ومونولوج مشغول بإحكام. أما مواضيعه، فهي متنوعة، منها الاجتماعية والوطنية والتاريخية، وتجري أغلب أحداث أعماله في أحياء "حمص" القديمة الشعبية، ودائماً "ملوك" في نهايتها ينتصر للفقراء والكادحين وقضايا الوطن الكبرى كقضية "فلسطين"».

يذكر، أن الروائي "عبد الغني ملوك" من مواليد "حمص"، عام 1944.