عمل في التدريس فبرع وأعطى من روحه، ثم انتقل للعمل في القانون ليبدع ويتبوأ مركزاً مميزاً، وكتب الرواية لتصدر له ست روايات أثارت جدلاً في الوسط الثقافي، فهو الرسام التشكيلي والنحات ورئيس جمعية "العاديات" سابقاً الأثرية التاريخية في "حمص".

التقت مدونة وطن "eSyria" المحامي الروائي "فيصل الجردي" بتاريخ 11 آب 2019، ليحدثنا عن انطلاقته في مجال الإبداع، قائلاً: «نشأت وترعرعت في قرية صغيرة تدعى "المضابع"، تتربع على تخوم "بادية الشام"، فدرست في مدرستها الإبتدائية، وكنت مولعاً بالشعر والرسم وكتابة القصص التي كنت أسمعها من العم "حمدان" حكواتي القرية، ثم التحقت بإحدى المدارس المتوسطة في مدينة "حمص"، وكان الفنان "أحمد دراق" مدرس مادة الرسم في المدرسة معجباً بلوحاتي كثيراً، وطلب مني التردد على مرسمه لأتتلمذ على يديه، وكان هاجسي الدائم رسم اللوحات وحضور عروض السينما، حين كانت في خمسينيات القرن العشرين السينما الإيطالية تتصدر المشهد السينمائي، وفي عام 1958 أنهيت المرحلة المتوسطة، ونلت شهادة (الكفاءة) كما كانت تسمى، ثم تقدمت بطلب انتساب إلى دار المعلمين حيث تخرجت منه عام 1961، فتم تعييني كمعلم في منطقة "القامشلي" ولم أتوقف خلال دراستي عن الرسم، وأقمت معرضين أحدهما في "يبرود" في عام 1959، والثاني أثناء افتتاح دار المعلمين في مدينة "حمص"، حيث قام بافتتاحه وزير التربية في ذلك الوقت الدكتور "أمجد الطرابلسي" في عام 1960، وفي عام 1962 تمَّ نقلي من جديد من مدينة "الحسكة" إلى مدينة "حمص"، وتم تعييني مديراً لمدرسة قريتي "المضابع" التي درست فيها المرحلة الإبتدائية، وتقديراً لجهدي وخدماتي تمَّ نقلي عام 1964 لأعمل كمشرف في دار المعلمين التي تخرجت منها، ولم يحط بي الرحال في مدينتي طويلاً فأعيد نقلي من جديد كمدرس في شهر شباط من عام 1966 إلى محافظة "الرقة"، حيث بقيت فيها حتى عام 1969 مستمتعاً بجمال البادية ونهلت من ماء "الفرات"، فكانت فرصة لأستمتع بجمال الآثار لأستلهم منها لاحقاً روح رواياتي، وكان لي شرف المشاركة بحرب "تشرين التحريرية" وأكون على الخطوط الأولى عام 1973، فكانت باكورة إنتاجي الأدبي رواية "هارب من الأسر" في عام 1974، وبعد إنهائي الخدمة الاحتياطية، أعيدّ نقلي إلى مدينة "حمص" كمشرف في دار المعلمين».

برغم عشقي للتعليم وذياع صيتي كمعلم محترف، لكنني اتجهت لدراسة القانون فالتحقت بكلية الحقوق في "دمشق" لأحصل على إجازة بالقانون في عام 1976، فاستقلت من مهنة التعليم لأحترف مهنة المحاماة حتى وقت قريب، وأستثمر أوقات فراغي في ممارسة هواية عشقتها هي الفن التشكيلي بين رسم ونحت، فأقمت معرضي الفردي في الرسم التشكيلي في "يبرود" عام 1959، وعدة معارض في "حمص" في عام 1960 و 2004 و 2007 و2009، ومعرض في "جبلة" عام 2006

وتناول انتقاله من التعليم إلى القانون، قائلاً: «برغم عشقي للتعليم وذياع صيتي كمعلم محترف، لكنني اتجهت لدراسة القانون فالتحقت بكلية الحقوق في "دمشق" لأحصل على إجازة بالقانون في عام 1976، فاستقلت من مهنة التعليم لأحترف مهنة المحاماة حتى وقت قريب، وأستثمر أوقات فراغي في ممارسة هواية عشقتها هي الفن التشكيلي بين رسم ونحت، فأقمت معرضي الفردي في الرسم التشكيلي في "يبرود" عام 1959، وعدة معارض في "حمص" في عام 1960 و 2004 و 2007 و2009، ومعرض في "جبلة" عام 2006».

الدكتور نزيه بدور رئيس جمعية العاديات

وتحدث عن أعماله الروائية، قائلاً: «بدأت في عام 2001 أعمالي تظهر للضوء، فسكبت روحي وخبرتي وتجربتي فيها، حيث صدرت أولى رواياتي "هارب من الأسر"، حيث كنت أدون خلال مسيرتي أفكاراً تراودني وقصصاً حصلت معي، لتكون محور رواية لاحقاً، ثم أصدرت في عام 2002 رواية "الأميرة" فلقيت استحساناً بين أوساط المثقفين وتناولها الدكتور "نضال الصالح" قائلاً (رواية "الأميرة" تعد جداراً ثانياً راسخاً في عمارة "فيصل الجردي" الروائية وهي مع روايته الثانية "الهارب من الأسر" تقدم أكثر من إشارة إلى مبدع متأنٍ تبدو الكتابة بالنسبة إليه فعلاً تنويراً وتطهيراً وليست فعل حضور أو ترميم لذات مثخنة بالهزائم والانكسارات)، ثم تلتها رواية "خيام عجيلو" عام 2003 التي أهديتها إلى جميع أحرار العالم الذين يرفعون الصوت عالياً بالحق والخير، وفي عام 2006 أصدرت روايتي الرابعة "ملاذ الآلهة"، وألحقتها برواية "جراح غزة" عام 2009، ثم توقفت حتى عام 2019 فأصدرت روايتي "جوليا" ولا تزال في جعبتي أعمال سترى النور قريباً، وأنا عاشق للتراث والتاريخ».

صديق الأديب ورئيس جمعية "العاديات" الدكتور "نزيه بدور" تحدث عنه، قائلاً : «الأستاذ "فيصل الجردي" معلم مدرس ومربٍ على مدى عشرين عاماً، ثم محامٍ عرف عنه النزاهة والدفاع عن الحق على مدى ثلاثين عاماً، وبشكل مواز كان كاتباً وفناناً تشكيلياً، أبدع في العديد من المجالات البصريّة المتعلقة باللون واللوحة، لكن الإبداع المكتوب والمقروء تبوأ مكانةً خاصّة لديه، إنه إنسان إيجابي فاعل في المجتمع وفي مؤسساته الأهلية الثقافية، فكان أحد مؤسسي فرع "حمص" لجمعية "العاديات" التاريخية الأثرية وفيما بعد رئيس مجلس إدارته، كل هذه المقدمات تؤدي إلى نتيجة طبيعية في المذهب الفني المختار وتعطي المشروعية في التصدي لأصعب أنواع الرواية وهي الرواية التاريخية، وهو النوع الذي يحتاج معرفة موسوعية بالتاريخ، كما يطلب موهبة خاصة في التحليل وبناء النتائج، ولعل تاريخه الإبداعي في مجال الفنون الجميلة، وتعامله المديد مع الفرشاة والألوان انعكس جليّاً في تلك الصور الجميلة والتي لا تخلو من الشعرية، وكما قال الناقد الشهير "جاكبسون": (الشعرية أساس الأدبية)، ولا بد من الإشارة الى البراعة الخاصة التي تميز بها في روايته الأخيرة "جوليا" في السرد التي تميز به، وإلى أسلوب السرد وتقنياته، والذي يمكن أن يوصف بالسرد الكلاسيكي (تقنية سرد الراوي العليم) المترفع عن تقنيات الحداثة، وما بعد الحداثة وهو ما يناسب تماماً الرواية التاريخية.

فيصل الجردي

وإن اللمسة الأدبية والحس الشعري الرقيق والغوص في نفوس ومشاعر أبطال الرواية، كانت ميزة غالبة وفي هذا يتفوق كاتب "جوليا" على زميله "دان براون" في رواية "شيفرة دافنشي" والتي كانت رواية تاريخية مشوقة، لكنها كتبت بلغة سيناريو الأفلام الهوليودية».

يذكر أن المحامي الروائي الفنان التشكيلي "فيصل الجردي" من مواليد "حمص" قرية "المضابع" عام 1942، وهو عضو في رابطة الخريجين الجامعيين في "حمص"، وعضو في كل من اتحاد الكتاب العرب، وجمعية "العاديات"، وعضو في الجمعية التاريخية.