اتسمت حياتُه بالكفاح والعمل، فكان الراعي لأخوته، وعميدَ كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأحلك اللحظات، وعضواً في لجنة تمكين اللغة العربية في "حمص"، ومبدعاً للعديد من الكتب والأبحاث بمجال اللغة العربية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت عميد كلية الآداب السابق، ورئيس قسم اللغة العربية الدكتور "عصام الكوسى" بتاريخ 11 تشرين الأول 2019، ليحدثنا عن أهم المفاصل في مسيرته، فقال: «ولدت في مدينة "دمشق"، ودرست المراحل الثلاث فيها، امتلكت نهماً للقراءة، فقمت في المرحلة الإعدادية بقراءة مجموعة من السير الشعبية مثل "ألف ليلة وليلة"، و"الأمير حمزة البهلوان"، و"سيرة سيف ذي يزن"، و"تغريبة بني هلال"، ومن أصعب لحظات حياتي وفاة والدي قبل امتحان الثانوية العامة بسبعة أيام، ليأخذني القدر باتجاه لم أكن أنوي الذهاب إليه، لأصبح الراعي لسبعة أخوة ووالدة مريضة، فعزفت عن الانتساب إلى أي كلية في الجامعة كوني كبير أخوتي، وتوجهت إلى المعهد المتوسط الهندسي لقصر مدة دراسته، لأتمكن فوراً من العمل وإعالة عائلتي، ولكنني خلال دراستي لم يخمد شغفي بالشعر، بل ازداد وهجاً، وبدأت بكتابة النصوص التي كنت أظنها شعراً، والكثير من الخواطر الرومانسية، فنشرت بعض هذه النصوص في وسائل الإعلام، وأذكر أنَّ من أجمل أيام حياتي يوم قرأت اسمي في صحيفة أدبية نشرت نصاً من نصوصي لأول مرة، ومن شدة سعادتي اشتريت عشر نسخ لأوزعها على أصدقائي. بعد عامين أي عام 1981عينت بشركة "قاسيون" بصفة مساعد مهندس، ولكن طموحي وشغف العلمي لم يخبُ».

لدي العديد من الكتب والمؤلفات التي سأذكر بعضاً منها كتاب "اللباب في الإعراب" عام 2006، و" النحو ومسائله" عام 2014، و"الموشح في شرح الكافية" عام 2017، و"النحو وتاريخه" عام 2018، و"دلالة الفعل في العربية" عام 2018. أما الكتب التي كنت مشاركاً فيها هي كتاب "النحو والصرف 1" عام 2009، و"النحو والصرف 2" في عام 2010، و كتاب "اللغة العربية لغير المختصين" عام 2014، ولدي العديد من الأبحاث التي نشرت بأكثر من وسيلة

ويتابع: «أثناء تأدية الخدمة العسكرية عدت لأنهل من العلم، فتقدمت إلى امتحان الشهادة الثانوية عام 1989، لأحصل على الثانوية العامة مرة ثانية، وانتسبت لكلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة "دمشق"، حيث كنت أعشق اللغة العربية، فعددتها جائزة ترضية لطموحي العلمي، على الرغم من بعده عن طموحي بدراسة الهندسة. في السنة الرابعة لم يتفوق علي سوى زميلة لي أصبحت الآن دكتورة في جامعة "دمشق"، ولكن ذلك لم يطفئ جذوة العلم داخلي، فأكملت دراستي بدبلوم الدراسات العليا في الدراسات اللغوية عام 1994، لأتفوق على زميلتي السابقة؛ وأصبحت الأول على دفعتي، ثم تابعت مسيرتي بالحصول على الماجستير في "النحو والصرف" من جامعة "دمشق" 1997.

الدكتور الناقد صديق الأديب هايل الطالب

وعلى الرغم من زواجي خلال هذه الفترة، ووجودي على رأس عملي في شركة "قاسيون"، إلا أنني قررت أن أكمل وأحصل على الدكتوراه باختصاص النحو الصرف، الذي يعد عقدة المنشار في قسم اللغة العربية، فكنت أنتقل من عملي فوراً إلى مكتبة "الأسد" حيث أدرس حتى الساعة الثامنة، وأعود لمنزلي لأتناول طعامي وأذهب إلى غرفتي التي تطلق عليها زوجتي اسم "الصومعة" حتى حصلت على درجة الدكتوراه عام 2002 بمرتبة ممتاز».

وتناول مسيرته المهنية والفكرية، قائلاّ: «قدمت عدة طلبات لتعديل وضعي الوظيفي فقوبلت بالرفض، لعدم الحاجة إلى اختصاصي في مكان عملي، حتى أعلنت جامعة "البعث" عن حاجتها إلى مدرسين في عام 2002، فتقدمت للمسابقة، وعينت فوراً في الجامعة مدرساً، واستطعت خلال فترة وجيزة الحصول على محبة وتقدير طلابي، وعينت رئيساً لقسم اللغة الفارسية من عام 2009 حتى 2010، ورئيساً لقسم اللغة العربية من عام 2010 حتى 2011، وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية من عام 2011 حتى 2015، ومن أبرز محطاتي المهنية عندما عملت أستاذاً للغة العربية في كل من جامعة "دمشق" كلية التربية بـ"السويداء" منذ عام 2007 حتى 2010، وفي جامعة "الفرات" كلية الآداب في "الحسكة" و"الرقة" من عام 2010 حتى 2012، ثم في جامعة "بلاد الشام" الخاصة من عام 2012 وحتى الآن».

الدكتور عصام الكوسى أثناء مناقشة رسالة ماجستير لأحد الطلاب

أما عن أبرز مؤلفاته فقال: «لدي العديد من الكتب والمؤلفات التي سأذكر بعضاً منها كتاب "اللباب في الإعراب" عام 2006، و" النحو ومسائله" عام 2014، و"الموشح في شرح الكافية" عام 2017، و"النحو وتاريخه" عام 2018، و"دلالة الفعل في العربية" عام 2018. أما الكتب التي كنت مشاركاً فيها هي كتاب "النحو والصرف 1" عام 2009، و"النحو والصرف 2" في عام 2010، و كتاب "اللغة العربية لغير المختصين" عام 2014، ولدي العديد من الأبحاث التي نشرت بأكثر من وسيلة».

الأديب الدكتور الناقد "هايل الطالب" تحدث عن تجربة "الكوسى"، قائلاً: «جاء إلى جامعة "البعث" عام 2004، واستطاع خلال عام واحد أن يثبت وجوده، بصفته من أهم مدرسي النحو في جامعة "البعث"، ثم تولى عمادة كلية الآداب في أقسى السنوات التي عاشتها مدينة "حمص"، واستطاع أن يبقي الكلية فاتحة ذراعيها لطلابها رغم كل الظروف، تمتع بإدارة حازمة، فرضت هيبته وأسلوبه في الإدارة، حيث تولى رئاسة قسم اللغة العربية مرتين، وله مؤلفات مهمة، ومشاركات عديدة في معظم المنتديات الأدبية في "حمص"، ويقدم برنامج إذاعياً في إذاعة "زنوبيا FM"، ويعنى باللغة الفصحى؛ وله العديد من المتابعين.

صورة لأحد عناوين كتبه التي تدرس في كلية الآداب

وأهم ما يميزه من خلال تعاوني العلمي والأكاديمي معه، الدأب على متابعة البحث العلمي، فلا يكاد ينتهي من إنجاز بحث علمي، حتى يشرع بالتفكير بفكرة بحثية جديدة، كما إنه محب للعمل بروح الفريق، يمتاز بالصبر والأناة والتقصي وتقليب أوجه المسألة على ما تحتمله من أوجه، وتراه متعلقاً بتراثنا العربي من خلال كتاباته، التي تولى فيها تحقيق بعض الكتب المهمة في تراثنا العربي، أو من خلال توجيه طلبة الدراسات العليا نحو تحقيقه، منطلقاً من أنه يمثل الهوية الحضارية للأمة العربية، وقد عني الدكتور "عصام" بتبسيط الدرس النحوي من خلال تقديم كتب جادة على صعيد التطبيق النحوي، ويقوم بربط النظري بالتطبيقي، وهذا ما يسهل استقبال العلم لدى طلبته بسهولة ويسر، ويعدّ من أعلام اللغة العربية الذين نعتز بأننا نعمل معهم ونستفيد من علمهم».

يذكر أنّ الدكتور "عصام الكوسى" من مواليد "دمشق" 1961، مقيم في "حمص".