موهبةٌ ليس لها حدود، لم يسمح لمسمى (من ذوي الاحتياجات الخاصة) أن يعيقَه عن التعلّم والإبداع، فبرع في الرسم بكل أنواعه وشدّته الوجوه، فأتقن رسم تفاصيلها وعمل لينتج تحفاً فريدة بألوان مختلفة من حيث المزج، وتمّ اختياره ليمثل زملاءه العمال في مهرجان "رأس البسيط 19".

الملخص: موهبةٌ ليس لها حدود، لم يسمح لمسمى (من ذوي الاحتياجات الخاصة) أن يعيقَه عن التعلّم والإبداع، فبرع في الرسم بكل أنواعه وشدّته الوجوه، فأتقن رسم تفاصيلها وعمل لينتج تحفاً فريدة بألوان مختلفة من حيث المزج، وتمّ اختياره ليمثل زملاءه العمال في مهرجان "رأس البسيط 19".

أقام الاتحاد العام لنقابات العمال مهرجان"البسيط 19" الأوّل، فقمنا باختيار العمال الذين يملكون موهبةً وتميّزاً للمشاركة عن مدينة "حمص"، فوقع الاختيار على العامل"حسام" من ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد اطلاعنا على أعماله الفنية من لوحات مميزة وأعمال نحتية شارك بها، وقد تميز بأخلاقه وتواضعه، ونسعى دائماً لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن قطاعنا

التقت مدوّنةُ وطن "esyria" الفنان "حسام نور الدين" بتاريخ 24 تشرين الأول 2019 في منزله بحضور والدته "سمر محمد" المعروفة بـ"سمر جنين"، ليكون لنا معهم هذا الحديث، فقال "حسام" بلكنته البسيطة المترافقة مع الإشارات: «عندما كنت في الصف الأول الإعدادي طلبت منّا مدرسة الرسم أن نرسم طبقاً مملوءاً بالفاكهة، فرسمته، فلم تعرني اهتماماً، لأنّها شكت بأنّه ليس رسمي، ونظراً لعدم اهتمام المدرسة في ذلك الوقت بذوي الاحتياجات الخاصة، قامت عائلتي بتوجيهي للرياضة، فلعبت مع النادي "العمالي" في عام 2008، فتأهلت للبطولة على مستوى "حمص"، وحصلت على المركز الأول على مستوى المحافظة أشبال تايكواندو، ثم شاركت ببطولة الجمهورية في عام 2010».

حسام نور الدين برفقة والدته الداعمة له سمر المحمد

وتابعت والدته "سمر" الحديث عن مسيرته، قائلة: «توقف في بداية الأزمة بسبب الأحداث، وكان عليه تأمين مورد رزق، فتوجّه نحو خياطة الملابس عام 2011، فظهرت موهبته واضحة من خلال الرسم والتفصيل، فرسم بعض اللوحات بدقة متناهية، وبدأنا في المنزل بدعمه وتشجيعه من خلال إحضار الأدوات الخاصة بالرسم والألوان، فكانت له مشاركة من خلال اتحاد "شبيبة الثورة" بمعرض عام 2012، وفي عام 2013 التحق بفريق "شموع سورية جميل سرحان" فأعطوه دفعاً وتشجيعاً، ليشارك مع الفريق في معرض كلية العلوم بجامعة "البعث" بعدة لوحات في عام 2013، وكانت له مشاركة بمعرض في "شعبة المركز" في العام نفسه من خلال "الاتحاد النسائي"، وقد دعي في شهر تموز الماضي لحضور ورشة رسم في مهرجان "رأس البسيط" الذي قام به نادي العمال، حيث تمّ عرض العديد من لوحاته على المعنيين، فأثارت إعجابهم، وفي نهاية المهرجان كرّم بمبلغ مادي».

وتابعت حديثها عن بحثه الدائم عن فرصة عمل، قائلة: «كان لـ"حسام" شغفٌ بالعمل بالجص والريزين، فحصل على فرصة عمل لدى ورشة في الحي عام 2016، فأتقن العمل باحترافية عالية، وبرع كعادته بالرسم وبمزج الألوان، وجنح نحو رسم البورتريه كمورد للرزق، فراح يرسم الوجوه بناء على طلب أصحابها بالرصاص والألوان الزيتية، فقمنا بدعمه من خلال فتح مرسم له في الحي لهذا الهدف، وانطلق بعمله وعرف في الحي، ولكن بسبب وضعه الصحي، وحاجته لمرافق بسبب فقدانه حاسة السمع، حيث لم يعدّ بوسع إخوته مرافقته لانشغالهم، اضطررنا لإغلاق المرسم، فعاد لمرسمه في المنزل، ليرسم حسب الطلب، وتنقل من عمل لآخر، حتى تمّ أخيراً في هذا العام توظيفه عن طريق مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في إحدى المدارس.

إحدى لوحاته بالألوان الزيتية يرسم الطبيعة بنقائها

تنوعت رسوماته بين لوحات تحاكي الوطن فرسم علم الجمهورية العربية السورية، ورسم الجندي المقاتل المدافع عن الوطن، ورسم السيدة "العذراء" والصليب والرسوم الفرعونية والطبيعة والحيوانات بطريقة احترافية، فسكب روحه في لوحاته، ومن أكثر اللوحات تأثيراً بنفسي عندما رسم بقلم الرصاص نفسه مع أخته بعد وفاة والده، فكانت اللوحة تضج بالحزن العميق، ونلاحظ الرمزية في بعض لوحاته ربما بسبب انغلاقه على نفسه في بعض اللحظات، ولكنه في الفترة الأخيرة بعد أن طرق الحب قلبه، وقرر الزواج تلونت لوحاته بألوان الفرح والأمل، فرسم خطيبته في عدة لوحات، وتميزت لوحاته بأنه استطاع أن يعطيها بعداً وعمقاً، ونراه عشق الموسيقا بروحه فربطها بالأنثى، فرسم أنثى تعزف العود وتعانقه بحنان، ولا تخلو رسوماته من رسومات الأطفال التي أتقن نقلها عن وسائل التواصل الاجتماعي والتلفاز لتحاكي الطفل القابع داخله».

عضو المكتب التنفيذي في اتحاد نقابات عمال "حمص" "حافظ خنصر" تناول تجربته قائلاً: «تعرفت على "حسام" من خلال مشاركته في مهرجان "رأس البسيط 19" في محافظة "اللاذقية"، حيث شارك بلوحات رسم على الجدران، وقد كانت لوحاته مميزة فرسم البحر وموجوداته، وأعطى نموذجاً حقيقياً للرسام الفنان المتواضع، الذي أدى بقلمه الصافي ويده النظيفة رسومات غاية في الدقة والجمال، وقد لمستُ فيه تواضعاً جميلاً ومحبةً للعمل إضافةً لأخلاقه العالية وسلوكه المميز، وقدرته على إتقان مهارات التواصل مع المحيط الموجود فيه، وهذا ما يؤكد أنه فنان نظيف العقل ونظيف القلب، وقد أعطى مثالاً في العمل ومثالاً في المحبة والأخلاق العالية والسلوك الإيجابي والجيد، إضافة لالتزامه المطلق بكل المواعيد في المهرجان، كان مجمل أعضاء فريق "حمص" المشارك بالمهرجان 21 شخصاً بين رياضة وفنون، وقد تميزَّ بتعامله حيث كان محباً لرفاقه ويحاول مساعدتهم وإسعادهم حتى يكملوا فعاليات المهرجان بهمة عالية ونشاط».

عضو المكتب التنفيذي في اتحاد نقابات عمال "حمص" "حافظ خنصر"

رئيس نقابة الطباعة والإعلام في "حمص" "عمار فيزو" تناول تجربته مع "حسام"، قائلاً: «أقام الاتحاد العام لنقابات العمال مهرجان"البسيط 19" الأوّل، فقمنا باختيار العمال الذين يملكون موهبةً وتميّزاً للمشاركة عن مدينة "حمص"، فوقع الاختيار على العامل"حسام" من ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد اطلاعنا على أعماله الفنية من لوحات مميزة وأعمال نحتية شارك بها، وقد تميز بأخلاقه وتواضعه، ونسعى دائماً لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن قطاعنا».

يذكر أنّ "حسام نور الدين" من مواليد "دمشق" عام 1995.