ترعرع في منطقةٍ أثريّة، تجذب السياح من كلّ أنحاء العالم، فعشق جدرانها وأعمدتها العالية، ورسم مسار مستقبله من خلالها، ليخطَّ العديد من الأبحاث والمقالات، التي تحكي تاريخ "تدمر"، ويساهم في تأهيل العديد من المرشدين السياحيين.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الباحث "جميل عمر القيم" بتاريخ 18 نيسان 2020، ليحدثنا عن بداية انطلاقته، فقال: «ولدت في منزل مشبع بالثقافة، فوالدي دليل سياحي متمكّن، وقد نهل جميع أخوتي من العلم، ففيهم المرشدة الاجتماعية والصيدلاني والكيميائي والضابط، وبعد حصولي على الثانوية العامة، دخلت كلية الاقتصاد في جامعة "دمشق" بسبب ميولي الاقتصادية، فحصلت على الإجازة الجامعية عام 1996، لكن ولعي بدراسة اللغة الإنكليزية، دفعني في السنة الرابعة لإجراء دورةٍ للغة الإنكليزية في المركز الثقافي البريطاني، لأتعلم أصول اللغة ولفظها الصحيح.

كان أبرز حدث في حياتي معرفتي بالدكتور الراحل "عصام الزعيم"، صاحب الذهنية المنفتحة التي تحترم الأفكار الخلاقة والمبادرات ذات الآثار الاقتصادية والاجتماعية، الذي قَّدر عملي وخبرتي ورشحني للعمل كباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية، لكن بسبب ظروفي العائلية اعتذرت عن الالتحاق بالعمل. أما الباحث وعالم الآثار "خالد الأسعد"، فكان مرشدي ودليلي في مجال البحث في الآثار، حيث كان يزودني بالمعلومات والكتب التي يصدرها في هذا المجال

كنت أرافق والدي خلال جولاته مع السياح وتعريفه للمواقع الأثرية، ما شكّل لديّ رغبةً جامحةً بأن أصبح دليلاً سياحياً، فحصلت على ترخيص دليل سياحي قطري عام 2010، لأعيّن في وزارة المالية التي لم ترضي طموحي، بسبب جمودها والروتين في المؤسسات الحكومية، ثم عملت عضو مجلس محافظة "حمص" عام 2007 لعدة دورات، ثم رئيس مجلس مدينة "تدمر" لفترة مؤقتة بعد تحريرها عام 2016، وعينت عام 2018 رئيس دائرة السياحة في "تدمر"».

عالم الأثار عبد الله حجار

وتناول نشاطاته الثقافية التي قام بها سواء منفرداً أو مع الجمعيات، قائلاً: «انتسبت لجمعية "العلوم الاقتصادية"، ثم لجمعية "العاديات" عام 2017 حيث شاركت بالعديد من المحاضرات في "دمشق"، و"طرطوس"، وعملتُ باحثاً في قضايا التنمية السياحية والأثرية، وقمت بالعديد من الدراسات والأبحاث التي نشر قسم منها، حيث تناولت فيها العديد من القضايا التي تهم الناس، مثل: "إدارة الحياة"، "متطلبات النجاح فيها"، "البطالة بين المفهوم الوضعي والمفهوم الشرعي"، وبحثت في العوامل المحددة والوسيطة لأداء وإدارة منظومة البحث والتطوير، والشركات المتعددة الجنسية، وتطرقت لسوق الأوراق النقدية المالية تاريخها وتطورها، ولي العديد من المقالات والتصريحات حول أهمية الأوابد الأثرية السورية وأهميتها والشواهد، وسلسلة مقالات أثرية في صحيفة "العروبة".

قمت خلال مسيرتي وعملي كدليل سياحي بالترويج للسياحة في سورية أمام الزوّار عبر تقديم البروشورات والجولات، وقدمت دراسةً عن استثمار الملح في ملاحة "تدمر" بطريقة علمية منتظمة، وقد رافقت أول رحلة سياحية لمدينة "تدمر" بعد الحرب، لوفد من السياح الأوروبيين، وشاركت بمبادرة لشرح آثار "تدمر" كاملة لمرشدين سياحيين، والمبادرة برعاية وزارة السياحة وهيئة التدريب الفندقي والسياحي التطوعي، لإغناء المتدربين بالمعلومات، وتزويدهم بتقنية عمل الدلالة السياحية عام 2010 و2011، وكانت لي مطالعات تاريخية حيث عملت على الربط بينها وبين الآثار، وإبرازها للسياحة العالمية».

عالم الأثار ملاتيوس جغنون

أما أبرز الأشخاص في مسيرته، فقال: «كان أبرز حدث في حياتي معرفتي بالدكتور الراحل "عصام الزعيم"، صاحب الذهنية المنفتحة التي تحترم الأفكار الخلاقة والمبادرات ذات الآثار الاقتصادية والاجتماعية، الذي قَّدر عملي وخبرتي ورشحني للعمل كباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية، لكن بسبب ظروفي العائلية اعتذرت عن الالتحاق بالعمل. أما الباحث وعالم الآثار "خالد الأسعد"، فكان مرشدي ودليلي في مجال البحث في الآثار، حيث كان يزودني بالمعلومات والكتب التي يصدرها في هذا المجال».

وتناول تجربته المؤرخ وعالم الآثار "عبد الله حجار"، قائلاً: «عرفته باحثاً في دورة المرشدين السياحيين في "دمر" التي شاركت بها في تقديم محاضرة عن الآثار المسيحية في "سورية"، وأهديته كتابي عن معالم "حلب" الأثرية والمدن المنسية في جبل "سمعان"، وأبدى اهتماماً كباحث من "تدمر" بالبيئة التدمرية ومصادر المياه في البادية السورية، وتابع بحثه حول مصادر المياه في "واحة تدمر"، ووجودها على طريق الحرير والتوابل، والدور الذي لعبته عبر التاريخ وبخاصة في الفترة الرومانية، مع الدخول في المجال الاقتصادي، موضوع اختصاصه، وكان ناشطاً متميزاً خلال إقامته القسرية في "حمص"، من خلال المحاضرات والتواصل مع جمعية "العاديات"، والمركز الثقافي، وجامعة "البعث"، ما يدلُّ على شغفه بالبحث والدراسة».

أثناء زيارته أحد المناطق الأثرية

أما عالم الآثار المهندس السوري "ملاتيوس جغنون" فتناول تجربته قائلاً: «من خلال معرفتي الشخصية بـ"القيم" التدمري، واللقاءات العديدة بيننا في المناسبات الثقافية التي تعنى جميعها بعلم الآثار السوري، وخاصة التدمري، اختبرته عن كثب ولمست فيه عشقه العلمي الرصين لآثار بلده عموماً، ولمدينته ومسقط رأسه خصوصاً.

وبسبب ظروف الحرب، اضطر للنزوح من "تدمر" إلى "حمص"، حيث حظيت بالتعرف إليه عن كثب من خلال ترأسي لجمعية "عاديات حمص"، ولقاءاتنا العديدة في المركز الثقافي، وجامعة "البعث"، واهتمامه ومتابعته وشغفه بالبحث والدراسة، كان عضواً مميزاً وفاعلاً في الجمعية، وقدم العديد من المحاضرات على منابرها».

يذكر أنّ الباحث "جميل عمر القيم" من مواليد "تدمر" عام 1969، له أكثر من عشرين دراسة علمية اقتصادية وبعضها تربوية.