أثبت ذاته كأحد الأصوات القادرة والمميَّزة، التي تقدِّم للجمهور القالب الغنائي الطربي بأسلوبه الخاص، مستفيداً من الخامة الصوتية القوية والعذبة لديه، والمدَّعمة بالدراسة الموسيقية الأكاديمية، حاملاً أمانة الفنّ الجميل والأصيل.

التقت مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 19 أيار 2020 "عمار العبد" وبدايةً عرَّفنا عن نفسه وبداية رحلته مع الموسيقا والغناء قائلاً: «مهما كانت طبيعة اختصاص ما يقدِّمه الفنان من أصناف الفنون، فإنه نابعٌ في الأساس من تأثير البيئة التي نشأ فيها، هذا ما حصل معي، حيث كانت الموسيقا الشرقية والغناء الأصيل بجمالهما سائدين في المذاق الموسيقي لعائلتي، جاءت الخامة الصوتية التي خصَّني الخالق بها، لتزيد من محبتي لهذا النمط من الفنِّ الذي اختزنته ذاكرتي، والذي دعَّمته بممارستي له غناءً وعزفاً بشكلٍ سماعي، خاصةً مع نهاية مرحلة الدراسة الإعدادية، هنا كان انتباه المحيطين بي من العائلة والمعلمين يزداد رويداً رويداً مشجعين لي على المضي في هذا المجال، وبعد نيلي للشهادة الثانوية عام 1992 التحقت بالدراسة في كلية الحقوق بجامعة "بيروت العربية"، استمرت دراستي لثلاث سنواتٍ قبل التوقُّف لأسبابٍ شخصية، بعدها كانت البداية الفعلية لرحلتي في طريق الموسيقا والغناء».

الصديق "عمار العبد" عرفته مذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، هو من الأصوات التي تتمتع بحسٍّ عالٍ ومساحاتٍ واسعة، عدا عن الخامة الصوتية القوية والمتمكنة، ما يميزه هي الثقافة الموسيقية المختزنة في ذاكرته النشطة، واللون الغنائي الطربي الذي انتهجه في مسيرته الفنِّية، لكن هذا لا يعني عدم مقدرته على التماشي مع الألوان الغنائية الحديثة، دون الابتعاد عن النكهة الطربية فيها، النقطة الأهم هي احترامه للجمهور المتلقي لما يقدِّمه، ومن خلال عملي الشخصي معه لمست ذلك الحرص منه على الظهور بما يناسب ذاك الاحترام، هو مطربٌ بأسلوبه وإحساسه الخاصين، غير مقلِّدٍ لمدرسة موسيقية ما، لقد جعل من كلِّ ما ذكرناه بصمةً مميزةً به عند جمهور مدينة "حمص" المحب والذوَّاق لهذ النوع من الفنِّ الأصيل

عن تفاصيل تلك الرحلة يتابع "عمار العبد" ويقول: «آلة العود رافقتني مدة عشرة أعوامٍ من التدريب والعزف السماعي، لكن كان لا بدّ لي من تعلُّم الموسيقا بشكلٍ أكاديمي ليزداد تمكُّني منها، هنا كان لي شرف التَّتلمذ على يدي أهم موسيقيي مدينة "حمص" الفنان "جورج فرحات" وتحديداً عام 1998، استمر تدرُّبي معه مدَّة سنةٍ ونصف، كانت كافيةً بفضل الرعاية والاهتمام اللذين قدمهما لي، لأصبح قادراً على قراءة الصولفيج الموسيقي، والغوص في بحور الموسيقا الشرقية الغنية بجمالها وإبداعات مقاماتها، هذا المعلِّم هو بالذات من آمن بموهبتي الصوتية ومحبتي للموسيقا والغناء، وكان صاحب الفضل في وضعي على السِّكة الفنِّية الصحيحة، والمشجِّع الأكبر على تقديم الفنِّ المشبع بالأصالة والجمال، طبعاً رافق ذلك ممارستي للغناء في الحفلات الخاصة دون الابتعاد عن تقديم النمط الطربي الخفيف خلالها».

المطرب عمار العبد مع فرقة نقابة الفنانين خلال مهرجان الثقافة الموسيقية عام 2019

المسيرة الاحترافية في مجال الغناء الشرقي الطربي عنها قال: «مع بداية الألفية الثالثة كانت فرقة نقابة المعلمين في أوج نشاطها، استهواني ما كانت تقدِّمه من أعمالٍ تنتمي لتراثنا الموسيقي الشرقي، هذا ما دفعني للتدرُّب بدايةً مع أعضائها، والمشاركة لاحقاً في النشاطات الفنٍّية التي كانت تقدِّم فيها القصائد والموشحات وأعمال كبار المطربين العرب من أمثال "محمد عبد الوهاب"، "محمد عبد المطلب" و"أم كلثوم" وغيرهم، معها كانت بداية حضوري أمام جمهور مدينة "حمص" الذوَّاق لهذا النمط من الموسيقا والغناء، وأصبحت أكثر تمكُّناً خلال وقوفي على مسارحها، استمرت رحلتي مع الفرقة مدَّة خمس سنواتٍ لألتحق بعدها في ميدانٍ آخر اكتسبت فيه خبرةً أكبر، حيث انتسبت لنادي "الخيَّام" الموسيقي، أحد أقدَّم الأندية في المدينة وكان ذلك عام 2006، كانت مرحلةً هامةً بالنسبة لي، شهدت مشاركتي مع فرقته الموسيقية في مهرجاناتٍ فنِّيةٍ عالية المستوى، إن كان على الصعيد المحلِّي ومنها مهرجان "القلعة والوادي" وكرنفال قرية "رباح"، أم على الصعيد الخارجي من خلال الوجود في مهرجان "الإسكندرية" للموسيقا العربية سنة 2006، الذي أعدّه الحضور الأهم في مسيرتي الفنِّية حتى أيامنا هذه، خاصةً وأنَّه شهد مشاركةً واسعةً لفرقٍ موسيقيةٍ من بلدانٍ عربيةٍ عديدة، مطربون رائعون عملت رفقتهم خلال تلك الرحلة التي استمرت ثلاث سنواتٍ أذكر منهم "سرمد شلار" و"ميرفت جوهر"».

المرحلة اللاحقة في رحلة "عمار العبد" يذكرها بقوله: «اللون الطربي في الغناء كان مسيطراً على ما أحبُّ تقديمه في أعمالي، لذا كان اختياري دوماً للوجود مع الفرق الموسيقية التي تقدِّم هذا النوع من الفنِّ الموسيقي، فكانت وجهتي التالية صوب فرقة فرع "حمص" لنقابة الفنانين التي انتسبت إليها عام 2015، خبرةٌ إضافية كسبتها في ظلِّ العمل مع موسيقيين محترفين على رأسهم الفنَّان "أمين رومية" رئيس فرع النقابة، الذي كان حريصاً على استمراريتها لتكون حاضرةً في جميع المهرجانات الموسيقية التي كانت تشهدها مسارح المدينة، عدا عن دوره في إعادة إحياء تلك النشاطات والمهرجانات بعد الظروف الصعبة التي كانت سائدةً في السنوات السابقة، ولن أنسى طبعاً زملائي فيها وأوَّلهم عازف الكمان القدير وقائدها "مروان غريبة"، كنَّا حريصين على تقديم ما يلبي ذائقة الجمهور والمحافظة على الهوية الخاصة بالفرقة التي اشتهرت فيها طوال عقودٍ من الزمن، وقد تجلَّى ذلك بما قدمناه من خلال مشاركاتنا كافة، منها على سبيل المثال لا الحصر: مهرجان "حمص" الثقافي، ومهرجان "الثقافة الموسيقية" عام 2019».

الفنان الموسيقي مروان غريبة

سألنا الموسيقي "مروان غريبة" رئيس فرقة نقابة الفنانين عن رأيه بالمطرب "عمار العبد" فأجاب قائلاً: «لفت انتباهي مذ أن شاهدته وسمعته حينما كان عضواً في فرقة نقابة المعلمين التي كان يرأسها الفنان الراحل "محي الدين الهاشمي"، أكثر ما شدِّني إليه هو جمال الصوت وقوته، وتمكنُّه باقتدارٍ من أداء أصعب الأعمال الغنائية، وبعد متابعتي له في مناسباتٍ لاحقة اكتشفت مقدار الثقافة الموسيقية التي يتمتع بها، والاستخدام الرشيق والعذب لريشته على آلة العود التي ميَّزته أكثر فأكثر، وهذا ما ميَّزه برأيي عن غيره من الفنانين، كونه موسيقياً بارعاً على آلته قبل أن يكون مطرباً، "عمار العبد" قادرٌ على تقمُّص الشخصية التي يؤدي أغانيها على اختلاف المشارب التي تنتمي لها، بعيداً عن التقليد والتكرار، كوني قائداً للفرقة الموسيقية التي ينتمي إليها، فقد لمست لديه مدى الانضباط والاحترام لمواعيد العمل والتدريبات، والتعاون ومقدار الحبُّ الذي يبديه لزملائه، هو أمينٌ للمدرسة الغنائية الطربية ويجيد التعامل معها، وأداؤه لنتاجاتها يجمع ما بين قوة الصوت وعذوبته والإحساس القادر على إيصاله بكلِّ سلاسةٍ وأمانة».

عازف الكمان "فادي تمور" عنه يقول: «الصديق "عمار العبد" عرفته مذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، هو من الأصوات التي تتمتع بحسٍّ عالٍ ومساحاتٍ واسعة، عدا عن الخامة الصوتية القوية والمتمكنة، ما يميزه هي الثقافة الموسيقية المختزنة في ذاكرته النشطة، واللون الغنائي الطربي الذي انتهجه في مسيرته الفنِّية، لكن هذا لا يعني عدم مقدرته على التماشي مع الألوان الغنائية الحديثة، دون الابتعاد عن النكهة الطربية فيها، النقطة الأهم هي احترامه للجمهور المتلقي لما يقدِّمه، ومن خلال عملي الشخصي معه لمست ذلك الحرص منه على الظهور بما يناسب ذاك الاحترام، هو مطربٌ بأسلوبه وإحساسه الخاصين، غير مقلِّدٍ لمدرسة موسيقية ما، لقد جعل من كلِّ ما ذكرناه بصمةً مميزةً به عند جمهور مدينة "حمص" المحب والذوَّاق لهذ النوع من الفنِّ الأصيل».

عازف الكمان الفنان فادي تمور

نهايةً نذكِّر بأنَّ "عمار العبد" من مواليد مدينة "حمص" عام 1975، متزوجٌ ولديه ولدان.