برز تفوقها من خلال دراستها الحالية للطب البشري، ونيلها شهادات الريادة في العزف على آلة الكمان منذ سن الطفولة، لتنتقل لاحقاً إلى مرحلة الاحتراف فيه، وسط اهتمام ورعاية أسرية مميزة، وداعمة لها.

تحكي "غزل هلال" الطالبة في كلية الطب البشري بجامعة "تشرين" قصة هذا التفوق من خلال تواصل مدوّنةُ وطن "eSyria" معها الذي جرى بتاريخ 31 آب 2020، حيث كانت البداية في التعريف عن نشأتها فقالت: «صادف تاريخ ولادتي مع دخول البشرية الألفية الثالثة، وكوني الابنة الوحيدة لعائلتي التي أعتز بها، قد يكون سبباً في حصولي على اهتمام أكبر من قبلهم، انعكس ذلك في توفير الأجواء المناسبة التي ساعدتني على التفوق لاحقاً في جميع مراحل تحصيلي الدراسي، بدايةً من المرحلة الابتدائية التي كانت في مدينة "حمص"، قبل الانتقال إلى مسقط رأسي مدينة "صافيتا" عام 2011 مع اندلاع الأحداث المؤلمة في بلدنا، هناك تابعت دراستي لحين حصولي على الشهادة الثانوية سنة 2017 وبمعدل درجات 235/240 أهَّلني للتقدم إلى مفاضلة السنة التحضيرية الخاصة بالكليات الطبية، والتي في نهايتها تمَّ قبولي لدراسة اختصاص الطب البشري في جامعة "تشرين" بمدينة "اللاذقية"».

ما يميز "غزل هلال" في علاقتها مع الموسيقا، هو كمية الحب والاحترام اللذين تبديهما لها، فقد استطاعت تحويلها من هواية إلى احتراف، ليس على صعيد الأداء فقط، بل من خلال تقيدها بتدريبات الفرقة، والانضباط العالي والهدوء اللذين تتمتع بهما، على الرغم من التزامها بدراسة الطب والجهد الكبير الذي تحتاجه، إلاَّ انها استطاعت التوفيق بين تفوقها العلمي من جهة، وبين ممارسة الموسيقا والتدرب المستمر على آلة الكمان التي تبرع في العزف عليها، والمشاركة مع الفرقة في أمسيات المهرجانات التي وجدت فيها، هذا التوفيق برأيي هو تفوقٌ آخر يحسب لها

لدى سؤال "غزل هلال" عن حكايتها مع الموسيقا وبوادر تميزها تابعت قائلة: «هنا أعود لذكر اهتمام ورعاية والديَّ لي، فقد لاحظا بأنَّ ميولاً موسيقية عندي قد بدأت بالظهور مذ كنت في سن الثالثة، هذا دعاهما لدفعي باتجاه تعلّمها بشكلٍ أكاديمي رغم صغر سني، البداية كانت مع الموسيقي الراحل "أسعد ليلى" صاحب الفضل الأول في تحقيق الشغف والتميز بها، فبدأت مع آلة الأورغ واستمريت معها مدة سبع سنوات متواصلة، لكن شيئاً ما كان يحرك فيَّ التوجه صوب آلة الكمان وهذا ما جرى، شغفي في الموسيقا كان محرِّضاً لي للتدرب أكثر، وإتقان العزف عليها، إلى أن حصدت أول جوائز تفوقي الموسيقي من خلال نيلي المركز الأول على مستوى القطر في مسابقات "روَّاد الطلائع" عام 2010، على إثر ذلك تمَّ إيفادي ضمن بعثة إلى جمهورية "تونس" لمدة 15 يوماً ضمت الرواد الأوائل في مختلف الاختصاصات، كانت فرحة عارمة بالنسبة لطفلة تنال التكريم في سنٍّ كهذا، شعور الفرح عندي بركوب الطائرة لأول مرة ما زال مرافقاً لي وكأنه يحدث الآن، تكررت فرحتي ذاتها عندما حصدت ذات المركز والتكريم، لكن هذه المرة في مسابقة الفنون المركزية التي أقامها "اتحاد شبيبة الثورة" عام 2016، والتي جرت مراحلها النهائية في العاصمة "دمشق"».

براءة الوسام الطليعي وشهادة التفوق الشبيبي الحاصلة عليهما

عن الموسيقيين الذي أثَّروا في مسيرة "غزل هلال" مع الموسيقا تقول: «بعد انتقالي مع عائلتي للعيش في مدينة "صافيتا"، تابعت دروسي على آلة الكمان مع عازفها المحترف الموسيقي "جلال عبد الأحد" الذي كان قد تولى تعليمي من قبل في مدينة "حمص"، هو صاحب الفضل الثاني في رعايتي وتلقيني مهارات العزف عليها، والتعلق بها أكثر فأكثر، وهنا لا بدّ من الاعتراف بالفضل الكبير له فيما حصدته من جوائز ذكرتها فيما سبق، مشاركاتي بدأت بالازدياد من خلال وجودي مع فرقته في الحفلات الموسيقية التي كانت تقام في مناسبات مختلفة، وأصبحت رهبة الوقوف أمام جمهور المسرح أقل تباعاً، كما انضممت عام 2015 لفرقة معهد "إيمار" التي كان يشرف عليها الفنان "سليم شحود" وقدمت معها العديد من الحفلات على مسرح المركز الثقافي في المدينة، لن أنسى بالتأكيد دعم ورعاية الموسيقي "عمار يونس" وهو أحد أعضاء "الفرقة السمفونية الوطنية" وقد أضاف لي الكثير من مهارات العزف والأداء.

هذا النشاط خلال سنوات الدراسة قبل الوصول لمرحلة الشهادة الثانوية، لم يمنعني من الاهتمام بتحصيلي العلمي والتفوق فيه، لتبدأ مرحلة جديدة في رحلتي مع الموسيقا بعد الانتقال إلى المرحلة الجامعية».

وصلة موسيقية قدمتها في حفل ختام فعالية يوم الشباب الأول

في وصف تلك المرحلة وكيفية التوفيق بين دراسة الطب واحتراف الموسيقا تضيف بقولها: «بالنسبة لي فإنَّ الأمرين مرتبطان ببعضهما، ورغم كلَّ الشغف والعشق للموسيقا في داخلي، ومواظبتي على التدرب والإطلاع أكثر، إلاَّ أنني أعترف بأنَّها لم تربح في ميزان الاهتمام أمام التزامات التحصيل العلمي والتفوق به، لكنني حاولت قدر المستطاع أن أوفِّق بينها دون خسارة لأحد الشغفين، ومع انتقالي للسكن في مدينة "اللاذقية" بدأت تقديم الموسيقا على آلة الكمان بشكلٍ مختلف تماماَ، من خلال تعليمي لها للأطفال في المعاهد الموسيقية وفي بعض المدارس كذلك، منها معهد "حكايا الفن" لمدة عام ونصف العام، حضور جديد لي كان من خلال وجودي كعازفة منفردة في المناسبات والحفلات الخاصة، وفيها تكون المقطوعات الموسيقية المقدَّمة ذات طابع خاص، حيث يطغى عليها الطابع الكلاسيكي الغربي، إضافة لبعض المقطوعات الشرقية حسب طلب الجمهور أحياناً، هذا الأمر يتطلب من العازف اطلاعاً أكبر عليها، ومهارة في أدائها، وهنا يكون دور التدريب الذاتي المستمر لما له من أثر في تطوير الموسيقي لمهارته».

وجودها ضمن فرقة "موزاييك" وما أضافه لمسيرتها الموسيقية من خبرة عن ذلك قالت: «عام 2017 كان تعارفي مع الدكتور "ماريو بطرس" مدير الفرقة وأحد مؤسسيها، جاء ذلك بمحض الصدفة من خلال متابعته لبعض المقطوعات الموسيقية التي كنت أقوم بنشرها ضمن مجموعة خاصة بعازفي آلة الكمان على الإنترنت، تم اللقاء بيننا بعد وقت وشرح لي طبيعة عمل الفرقة والنمط الموسيقي الذي تعمل على تقديمه، أحببت الفكرة كثيراً وبعد حضوري عدَّة (بروفات) للتمرين بدا واضحاً مدى ارتياحي واندماجي مع الأسلوب الذي تنتهجه الفرقة في موسيقاها، والقالب الموسيقي الجديد الساعية لتقديمه لمتابعيها، عدا عن القاسم المشترك الذي يجمع أفرادها، كون بعضهم من حملة الشهادات العلمية العالية، والبعض الآخر ما زالوا في طور الدراسة الجامعية، والجامع الأكبر هو الموهبة والشغف الكبير بالموسيقا الراقية، على مدار ثلاث سنوات كنت موجودة مع فرقتي في العديد من المهرجانات والفعاليات وفي مدن سورية مختلفة، منها على سبيل المثال لا الحصر مهرجان "الثقافة الموسيقية التاسع عشر" الذي أقيم على مسرح دار الثقافة في مدينة "حمص" خلال شهر تشرين الثاني 2019، لن أنسى ذاك الجمهور الحاشد، والتفاعل الرائع الذي أبداه معنا في كل المقطوعات التي قدمناها في تلك الليلة، قبلها بشهرين من العام نفسه كنا ضمن الحفل الختامي لمشروع "فيتامين ماما" الذي أقيم في احتفالية "الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية" الذي نظمته "الغرفة الفتية الدولية" في "حمص" برعاية منظمة "Unicef"، كما كنت العازفة المنفردة في حفل اختتام فعالية "يوم الشباب الأول" الذي أقامته مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل خلال شهر أيلول من ذات السنة، إضافة لحفلات موسيقية جرت بالتعاون مع جوقة "مار أفرام السرياني" في محافظات سورية مختلفة، ضمن احتفالية "نحو السلام" التي جرت بتاريخ 23 أيلول 2018 في "صحنايا"، تلاها احتفالية "ميلاد سلامك يا حلب"، وقبلها كنا في مدينة "بلودان" ضمن الاحتفالية نفسها، ذكريات جميلة عشتها مع الفرقة وما زلت».

الفنان الموسيقي جلال عبد الأحد

"جلال عبد الأحد" عازف الكمان المحترف في مداخلة رأي عنها قال: «منذ أن قدمت "غزل هلال" تلك الطفلة الصغيرة مع عائلتها إلى معهد "جودي" للموسيقا الذي كنت أشرف عليه، لفتني ذاك الشغف الكبير لديها للموسيقا وتعلمها، ترجمت ذلك في إدراكها الجيد لما كنت ألقنها إياه، والتدرب عليه لاحقاً وتنفيذه بحذافيره كاملة وخاصةً في البدايات، حتى أنني واكبتها في المسابقات التي شاركت بها، إن كان على صعيد مسابقات "رواد الطلائع" ولاحقاً في المسابقات "شبيبة الثورة"، وكنت فخوراً بما حققته فيهما، بدايةً حرصت على تلقينها أصول الموسيقا الكلاسيكية الغربية، وبعد ذلك انتقلت معها لمرحلة الموسيقا الشرقية، ما يميزها هو الإصرار والطموح اللذان تتمتع بهما، لأنها كانت تدرك ما تبغيه لاحقاً في مستقبلها، ساعدها في ذلك تشجيع العائلة وبالأخص والدتها، التي كانت حريصة على القدوم معها دوماً، ومتابعتها في المنزل ومعي من أجل الاطمئنان عليها، كل ذلك ساعد في وصولها إلى ما هي عليه الآن».

الدكتور "وسيم بطرس" أحد مؤسسي فرقة "موزاييك" عبّر لموقع مدوّنةُ وطن عن رأيه بها قائلاً: «ما يميز "غزل هلال" في علاقتها مع الموسيقا، هو كمية الحب والاحترام اللذين تبديهما لها، فقد استطاعت تحويلها من هواية إلى احتراف، ليس على صعيد الأداء فقط، بل من خلال تقيدها بتدريبات الفرقة، والانضباط العالي والهدوء اللذين تتمتع بهما، على الرغم من التزامها بدراسة الطب والجهد الكبير الذي تحتاجه، إلاَّ انها استطاعت التوفيق بين تفوقها العلمي من جهة، وبين ممارسة الموسيقا والتدرب المستمر على آلة الكمان التي تبرع في العزف عليها، والمشاركة مع الفرقة في أمسيات المهرجانات التي وجدت فيها، هذا التوفيق برأيي هو تفوقٌ آخر يحسب لها».

نهايةً نذكر بأنَّ "غزل هلال" من مواليد مدينة "صافيتا" التابعة لريف محافظة "طرطوس" عام 2000، حالياً هي طالبة في السنة الثالثة بكلية الطب البشري.